دعي الناخبون في فنزويلا إلى التصويت الأحد لانتخاب برلمان جديد في اقتراع لا مفاجآت فيه بما أن المعارضة دعت إلى مقاطعته وسيسمح للرئيس نيكولاس مادورو باستعادة البرلمان الذي كان المؤسسة الوحيدة الخارجة عن سلطته. ودعا المجلس الوطني الانتخابي 20,7 مليون ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم لتجديد الجمعية الوطنية التي أصبح عدد مقاعدها بعد تعديل دستوري جديد 277، مقابل 167 في الماضي. ويتنافس نحو 14 ألف مرشح في هذا الاقتراع. وتجري هذه الانتخابات في بلد يشهد أزمة سياسية واقتصادية عميقة، يخنقه تضخم متزايد وتشله طوابير لا نهاية لها للحصول على الوقود وأنهكه نقص المياه والغاز والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي. وقال البرلمان الفنزويلي الذي تسيطر عليه المعارضة منذ 2015، الجمعة إن التضخم بلغ منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وعلى مدى عام أربعة آلاف بالمئة. وقال الرئيس نيكولاس مادورو في واحدة من دعواته العديدة إلى المشاركة لإضفاء الشرعية على "انتصاره" إنه "إذا كنتم تريدون أن ننعش الاقتصاد وننعش البلاد ونستعيد رواتبنا فعليكم التصويت". ويبذل الحزب التشافي الحاكم الذي يحمل اسم الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز (1999-2013) كل الجهود لجعل هذه الانتخابات موعدا "تاريخيا" ودحض توقعات مراكز استطلاعات الرأي التي تتحدث عن مشاركة لا تتجاوز 30 بالمئة. ورأى فيليكس سيخاس، مدير معهد دلفوس أن التيار التشافي "لديه سقف انتخابي يبلغ نحو 5,5 ملايين ناخب وهمه هو معرفة كيفية جذبهم إلى مراكز الاقتراع". ودعا زعيم الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا خورخي رودريغيز الذي عقد تجمعات على الرغم من انتشار وباء كوفيد-19 وتحدث عن مشاريع قوانين يضعها المواطنون الذين "يدافعون عن العائلة الفنزويلية"، الناشطين إلى التعبئة "بالملايين" الأحد "ليقولوا أوقفوا لعقوبات وأوقفوا الحصار واحترموا فنزويلا". وشكلت العقوبات الأميركية التي تشمل حظرا نفطيا مطبقا منذ نيسان/إبريل 2019 محور خطاب التيار التشافي. وذكر معهد "داتانالايزس" أن 71 بالمئة من الفنزويليين يرفضون هذه العقوبات. ومع ذلك دعا زعيم المعارضة خوان غوايدو إلى "توسيعها" وسيجري الأسبوع المقبل مشاورة شعبية ينوي الاعتماد عليها لتمديد ولايته إلى ما بعد تاريخ انتهائها في الخامس من كانون الثاني/يناير. - "سبعة ملايين" - باختياره مرة أخرى مقاطعة الاقتراع معتبرا أنه بلا ضمانات، بعد الانتخابات الرئاسية في 2018 أو التصويت على الجمعية التأسيسية في 2017، يجازف زعيم المعارضة الذي أعلن نفسه رئيسا موقتا للبلاد واعترفت به نحو ستين دولة على راسها الولايات المتحدة، بكل شيء في هذا الاقتراع الذي لا يمكن التكهن بعواقبه. ويبدو غوايدو الذي تراجعت شعبيته، واثقا من نفسه. وقال "لدي أكثر من تفاؤل، لدي يقين"، لكن لم يعرف ما إذا كانت السلطات ستسمح بإجراء التشاور الذي دعا إليه. وستتاح للفنزويليين فرصة التصويت الالكتروني. ويأمل هوراسيو ميدينا عضو اللجنة المنظمة للمشاورة في "تجاوز عتبة سبعة ملايين" مشارك في التصويت، لكن أيا كان العدد سيتم التشكيك فيه. وكانت المعارضة نظمت مشاورة مستقلة في تموز/يوليو 2017 ضد الجمعية التأسيسية التي اقترحها نيكولاس مادورو وحصلت على تأييد 7,5 ملايين ناخب. وما زالت الجمعية التأسيسية قائمة. ومنذ صدور قرار من المحكمة العليا التي يهيمن عليها تيار مادورو، باتت تحل فعليا محل الجمعية الوطنية عبر إلغاء كل قراراتها. تعول المعارضة قبل كل شيء على الإدانات الدولية لهذه الانتخابات التشريعية. وأكد غوايدو من جديد أن "هدف مادورو ليس كسب الشرعية" بل "تدمير البديل الديموقراطي لفنزويلا". ووصفت واشنطن الانتخابات التشريعية مسبقًا بأنها "ليست حرة ولا نزيهة" بينما دعا الاتحاد الأوروبي دون جدوى إلى تأجيلها وقالت منظمة الدول الأميركية إنها لا ترى فيها شيئا من الديموقراطية. وأعلنت حكومة الإكوادور السبت أنها لن تعترف بنتائج الاقتراع معتبرة أنه "ينتهك الدستور ومشكوك في شرعيته". وقدرت الرابطة العالمية للحقوقيين أن هذا التصويت سيكون أقرب إلى "خيال بلا آثار قانونية مشروعة". وهي تطالب بالمحافظة على شرعية الجمعية الوطنية" التي تسيطر عليها المعارضة بعد الخامس من كانون الثاني/يناير "لضمان حماية حقوق الإنسان في البلاد". وحشدت المعارضة دعمها خارج البلاد، وتأمل الآن في إحياء شعب غاضب من أزمة اقتصادية لا نهاية لها.
مشاركة :