حواء بين مطرقة العمل وسندان البيت

  • 8/21/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تختلف أهداف المرأة عادةً ما أن عقدت عزمها على العمل، خاصة بعد دخولها قفص الزوجية، إذ تندفع إحداهن لإثبات نفسها مجتمعياً ووضع بصمة خاصة لها على سلمها المهني بمنأى عن أبنائها وزوجها، أما الثانية فتسعى إلى المُساعدة مادياً في ميزانية الأسرة، بكل ما تزخر به حصيلتها من شهادات وخبرات وظيفية، خاصة في ظل الغلاء الذي يجتاح كافة مناحي حياتنا وصعوبة الظروف المعيشية، وتقف على الضفة الأخرى من المشهد، ربة البيت، التي اعتبرت بيتها مملكة، ستُهتز أركان حكمها له، في حال اتخذت خياراً بالعمل، وتقسيم اهتمامها بين العمل والمنزل، مفضلةً وضع كل جهدها في تربية أبنائها والقيام بأدق تفاصيل منزلها، من دون اللجوء إلى عاملة تشاطرها مهامها الذي جُبلت عليه، مُنذ أن بدأت السنة الكونية في الحياة. وهناك فئة ثالثة من النسوة تلجأ إلى إمساك العصا من منتصفها بين إثبات نفسها عملياً، والقيام على مهامها الأمومي الأول في رعاية زوجها وتربية أولادها، وتعتبر أن الأمر يحتاج إلى ذكاء وحسن تصرف. تتعدد الأهداف والآراء عند الحديث عن مدى رضا الأصناف الثلاثة السابق ذكرها عن أنفسهن أكثر، وبالأخص عندما يتم توجيه السؤال التالي إليهن، هل تعتبرين نفسكِ سعيدة؟ لذا تلقي الخليج الضوء على أهداف السيدات العاملات عامة من عملهن، وغير العاملات ممن فضلن بقاءهن في المنزل، وترصد هذا التضارب في وجهات النظر عبر التحقيق الآتي : تتخذ هدى عليمات، مُوظفة في شركة خاصة، موقفاً وسطيّاً بين عمل المرأة وبقائها في منزلها بمهنة ربة بيت إذ تقول: في حال كانت المرأة بحاجة إلى العمل لتحسين ظروف معيشتها، وتوفير حاجياتها الحياتية الأساسية لأسرتها وأطفالها، أنا مع عملها، ولكن إذا توافرت لها أساسيات الحياة وكمالياتها، فأعتبر جلوسها في بيتها وإشرافها بنفسها على تربية أبنائها وبناتها، عملا رائعا بحد ذاته، وبالنسبة للسعادة فتعتقد أن أمرها نسبي يختلف من سيدة لأخرى؛ تبعاً لحبها لما تقدمه، ومدى رضاها عنه الشخصي والمجتمعي. وتلفت عليمات إلى أن مُحركها الأول لعملها خارج المنزل مُساعدة أهلها في تحسين ظروف معيشتهم، وتحقيق استقلالها المادي، إضافة إلى إثبات وجودها مجتمعياً، من خلال إبراز قدرتها على العطاء في أكثر من مجال، ونجاحها لملاقاة أهدافها. وتلفت أسماء سامي نعيرات، ربة منزل ومُعلمة سابقة، أن هدفها في عملها كان في بداية الأمر مساعدة زوجها بتحمل الأعباء المالية، وكانت سعيدة فيما تقوم به، حتى أعلن القدر مَجيء طفلها الأول، حينها قررت التفرغ للقيام بشؤون منزلها وتربية أولادها كونهم الأحق باهتمامها، وتضيف: لست ضد عمل المرأة الأم بأيِّ حال من الأحوال، خاصة إذا ما تمكنت من التوفيق ما بين واجبات بيتها وعملها، ولم يؤثر أحدهما في كفة ميزان الآخر، حتى لو لا سمح الله أُلحق أيّ مكروه أو أذى بسيط بعائلتها، لا يلازمها عذاب الضمير أمد العمر، ففي النهاية المرأة التي لا تستطيع أن توازن بين مهامها كأم وموظفة في نفس الآن وبشكل صحيح من دون اللجوء إلى الخادمة، يكون بيتها أولى وأنفع بها. وداد فياض، مديرة حضانة سبونج بوب، ترى الأمر من منظور آخر، فتقول: العديد من الأهداف يمكنها دفع المرأة للعمل خارج منزلها، وتأتي حسب الترتيب الآتي، تحسين مستوى المعيشة وتلبية متطلبات الحياة، والبحث عن حياة اجتماعية تعوض غياب الأهل والأصدقاء في بلاد الغربة للخروج عن إطار العزلة، والهدف الثالث اكتشاف المجتمع المُحيط واكتساب الخبرات. وتؤكد فياض أنها تؤيد عمل المرأة، خاصة عند توافر عدة شروط أبرزها تعاون الزوج وتنظيم الوقت، وتنوه: بالنسبة لي وبالرغم من الضغط الذي أعانيه أحياناً كوني امرأة عاملة وربة منزل، إلّا أنني لا أفضل التضحية بعملي والبقاء في المنزل، لهدفي في تحقيق ذاتي، وتطبيق كل الخبرات التي حظيت باكتسابها على نطاق أسرتي، مشيرةً إلى محاولاتها المستمرة للمواءمة في اهتمامها ما بين العمل والمنزل، وعدم التقصير في حقوق عائلتها. وتضيف سارة الشمري، خريجة للعمل أُستاذة في مجال الخدمة الاجتماعية، أن عمل المرأة يُساهم في زيادة دخل الأسرة المادي، ويكون عائلاً في حال حدث ظرف مفاجئ لرب الأسرة؛ كوفاته أو مرضه، كما أن وظيفة المرأة تعمل وبشكل كبير على توازن الأمور المادية، وتكون الأم بذلك قادرة على توفير حياه كريمة لها ولأبنائها، حتى وأن عصفت بهم الأقدار. أما بالنسبة إلى عملها، فتوضح الشمري: الغرض الأساسي من عملي يكمن في استقلالي الحياتي والمادي، كما أن العمل بنسبة لي يُعتبر جزءاً من ممارسة الأمور المُحببة التي استمتع بتأديتها. في المُقابل، تُلخص أميرة سلطان، ربة منزل، رأيها في الموضوع الذي وصفته بداية أنه يطول ويجول الحديث عنه، لتقول: لا أحد يستطيع منع السيدة من العمل، ولكن غالباً ما يلاحظ أن المرأة عندما تلد وتحتاج إلى عطلة ثلاثة أشهر لإرضاع ابنها، ثم تعود إلى العمل بعد ذلك، تحتار في أمر لمن تترك حضانة فلذة كبدها؛ لأمها، أو للخادمة، أو في دار الحضانة، وهنا يكمن السؤال الأهم هل ستنوب هذه الحاضنة، مقام الأم بالنسبة للطفل المسكين، الذي سيخسر الكثير من العناية والتوجيه في سنواته الغضة الأولى، كما وستترك حاضنته البديلة رواسب في شخصيته لا نعلم إلى أيِّ مدى ستُؤثر سلباً فيه وفي شخصيته عند كبره. وتضيف دينا أحمد، ربة منزل، إلى كلام سلطان، أن المرأة العاملة غالباً ما يفتقر أولادها الى الجلوس معها ورؤيتها بشكل دائم، كونها ترجع من العمل منهكة جسدياً تريد الراحة، وهذا من شأنه بناء جدار يفصل بين الأم وأولادها، بالأخص في عمر المراهقة، التي يحتاج فيها الابن لمصارحة والديه؛ وفي ظل غياب الأب وانشغاله بتأمين ماديات الحياة لعائلته، وانشغال الأم كذلك، يضيع جيل الأبناء ويلجؤون إلى البحث عمن يحاورهم خارج نطاق المنزل، بل ويتعلمون قيماً سلبية تنعكس على تصرفاتهم وسلوكاتهم. وتقول: في البداية كنت أعمل طبيبة أسنان، وأقضي أغلبية وقتي في العيادة، ولكنني عندما لاحظت أن جداراً يبعدني عن أبنائي اتخذت قراراً باعتزال العمل، والتفرغ لهم للإشراف على احتياجاتهم في كل سنوات عمرهم، وهنا شعرت بالسعادة الكبرى، لافتةً إلى أن الابن والابنة يتعطشان لاهتمام أهلهما طوال رحلتهما العمرية ، ولا يقتصر ذلك على كونهما طفلين في سني مهدهما الأولى. أسباب وضغوط حقيقة عمل المرأة يتمحور في رأيّ تهاني المطيري ، مُدربة التفكير الإيجابي ومستشار نفسي تربوي واجتماعي أسري ، حول تغطية مصاريف الحياة وتقليل أعبائها ، وتستطرد : معظم المجتمعات تعاني غلاء المعيشة وارتفاع تكاليفها ، لذا نشهد اليوم اشتراط العديد من المُقبلين على الزواج العمل، لمن يتطلعون إلى الارتباط بها، كون وظيفة المرأة ومدخولها بالكاد يأتي متوازناً مع ميزانية المنزل واحتياجاته الأوليّة ، ما جعل العمل لا يقتصر على كونه حكراً على الرجال من دون النساء. وتؤكد المطيري أن نظرة كل من السيدة العاملة لغير العاملة ، وبالتحديد العاملة المتزوجة ، تؤثر فيها ما تعانيه من ضغوط إزاء التزاماتها بأداء واجباتها المُناطة بها سواء في عملها ، أو تجاه بيتها وأسرتها ، ما يتطلب منها جهداً كبيراً في تنظيم وقتها لكي لا تخل بالتزاماتها المُطالبة بها على الصعيدين. في المقابل ترى أن غير العاملة تنظر لغيرها من العاملات على أنهن أحسن حظاً منها؛ لما تحصل عليه من موارد مادية إضافية تغطي احتياجاتها ، التي يعجز الزوج عن تلبيتها ، هذا إلى جانب وقت الفراغ الذي من شأنه التأثير سلباً على نفسية وطريقة تفكير ربة المنزل ، في حين لا نجده متوافراً عند العاملة؛ نظراً لانشغال جدول أعمالها بشكل مُستمر.

مشاركة :