هل يصبح العراق بلا أمريكيين ولا إيرانيين؟ سؤال يتردد في كل الأروقة الإعلامية والسياسية بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي (ترامب) نيته عن تخفيض القوات الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان إلى (2500) رجل بحلول 15 يناير، ومن الطبيعي أن تثير هذه النية القلق لدى رئيس الوزراء العراقي (مصطفى الكاظمي) الذي سبق للرئيس الأمريكي وصف وجود القوات الأمريكية في العراق بأنها (حصن حصين) ضد مساعي إيران للسيطرة الكاملة على العراق، وهناك من يتفق مع مخاوف الكاظمي ويرى بأن الانسحاب لاشك له تأثير مباشر مع الملف الأمني، بالنظر لأن القوات العراقية تعتمد عليها في المجال التقني، إضافة إلى الغطاء الجوي، وستجد القوات الإيرانية الساحة مفتوحة لكي تفرض سيطرتها الكاملة على العراق، ويقوي من نفوذها، وهي حتى مع وجود القوات الأمريكية تمارس نفوذها عن طريق ميليشياتها العديدة التي تحمل الكثير من الأسماء التي ينتمي بعضها لدوائر الأمن.الانسحاب الأمريكي يعني إضعاف الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء العراقي ومخططه الرامي إلى انتزاع السلطة من قبضة الإيرانيين وتقييد حركته، وإجهاض دعوته نحو سحب السلاح من الميليشيات بغية استقرار البلاد، هذا بالإضافة إلى عودة (الدواعش) الذين صرح وزير الخارجية العراقي (فؤاد حسين) عن تزايد نشاطهم في الفترة الأخيرة، وأيد ذلك وزير الدفاع (جمعة عناد) الذي أوضح بأن الدواعش يتواجدون في بغداد وشمال محافظة بابل، وحدد بأن تعدادهم يبلغ (2000) عنصر.لاشك بأن الأمن لن يكون مستتبا في العراق طالما أن الإيرانيين وميليشياتهم يسيطرون عليها في الداخل، ويتحدون الحكومة ويخالفون قراراتها، ولعلنا نتذكر كيف أن تلك الميليشيات توجهت إلى منزل رئيس الوزراء بعدتها وعتادها مطالبة بالإفراج عن الذين احتجزتهم الحكومة بعد أن ضبطت أسلحة وصواريخ بحوزتهم، وها هو العراق اليوم يخشى من التصعيد الأمريكي الإيراني في الساحة العراقية التي تحولت إلى ميدان صراع بين الطرفين أكثر من مرة، ومرد هذه الخشية هو اغتيال العالم النووي الإيراني (محسن فخري)، إذ قد تتحول الساحة العراقية للاقتتال وأخذ الثأر كما حصل عند مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، عندما قامت الميليشيات بقصف صاروخي على قاعدة (عين الأسد) في محافظة الأنبار، والفرصة متاحة لهم إذا ما أرادوا، لأنه لا يوجد من يردعهم ويردهم عن تلك الخروقات لاسيما وأن الوضع السياسي في العراق يعاني من شلل عميق، وتقوم كتائب حزب الله والميليشيات الأخرى -كما هو ملاحظ- بتصعيد حملات مضايقة ضد وجود قوات التحالف الدولي بالعراق، وإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء لوجود ألوية تابعة للحشد الشعبي في مناطق استراتيجية داخل حدود المنطقة الخضراء، هذا ما هو حادث الآن فكيف به بعد الانسحاب الأمريكي؟!
مشاركة :