العمل التّركيبيّ خلقٌ موازٍ لفكرة الخروج عن خشبة المسرح!أجرى الحوار: طلاب الفنون والتصميم بجامعة البحرين علي حسين، فنّان تشكيليّ ومصمّم مسرحيّ. وُلِد في البحرين عام 1987م. بعد إنهائه المرحلة الثّانويّة توجّه لدراسة المسرح، حيث استكمل درجة البكالوريوس في مجال (الدّيكور المسرحيّ) بدرجة الامتياز من المعهد العالي للفنون المسرحيّة بدولة الكويت في العام 2010موما بين الشّغف بالفنّ التّشكيليّ والمسرح، تبلورت حالة من البحث والتّجريب في أعماله، إذ اتّخذ من الفضاءات المفتوحة مكانًا للتّعبير عن الأفكار والقضايا التي يرغبُ في ملامستها والتّعبير عنها بصورةٍ مغايرة.ويعتبرُ علي حسين العمل التّركيبيّ خلقٌ موازٍ لفكرة الخروج عن خشبة المسرح، والاستغناء عن كلّ إمكانيّاتها، حيث يستبدلُ الممثّل بالمتفرّج الذي يكون هو أيضًا جزءًا من العملِ الفنّيّ في كثيرٍ من الأحيان. وهنا تحديدًا يجدُ الفنّان نفسه، عالقًا في المساحةِ ما بين العالمين: عالم الفنّ التّشكيليّ وعالم المسرح.وعبر هذا الحوار الذي فتح قلبه للحديث عن تجربته الفنان التشكيلي والمسرحي علي حسن، يتضح البعد الثقافي العالي الذي يمتلكه الفنان.{ كيف أثرت دراستك للسينوغرافيا على إنتاجك الفني؟- أعتقد أن القدر قد قادني إلى المسرح ليضيف لمستواي في الفن التشكيلي وإنتاج اللوحات، حيث أثرت دراستي للمسرح والسينوغرافيا بشكل كبير على فهم الأبعاد واللعب بالمساحات، وقادني بشكل كبير لتجربة عالم المفاهيم والتركيب، فأصبحتُ أعي أكثر معنى المساحات، الأبعاد والنسب في العمل الفني بشكل عام وأعتقد من يفهم السينوغرافيا بشكلها الصحيح سيتمكن من عكسها وتوظيفها بالعمل الفني بشكل كبير وهذا ما أثر في إنتاجي الفني.{ ما هي المؤثرات التي أدت إلى وصولك لأسلوبك الفني الذي يميزك؟ كيف كانت البدايات ومن هم المؤثرون في فنك؟- هي الممارسة والبحث، بعد تخرجي مباشرة توجهت للوحة وكان هدفي الأول كيف أميز لوحاتي عن لوحات الآخرين وكيف أترك بصمتي بشكل مختلف، فتابعت وتأثرت بعدة عوامل منها كما ذكرت سابقًا المسرح وكذلك الأختام الدلمونية في فترة من الفترات بحثت وحاولت خوض التجربة فيها، والعامل المؤثر الكبير هي الحركة التكعيبية وبعض المراحل التي مر بها بيكاسو وهي الزرقاء والتكعيبية فهي التي قادتني وهيأتني للوصول للمرحلة التي أنا بها حاليًا، هذه أهم المؤثرات وتحديدًا الأختام الدلمونية، حيث كان شكل الإنسان وأطرافه جدًا حادة، فهي كانت البداية والانطلاقة لمحاولة خلق جسد ثابت بهذا الشكل.{ ما الذي يحفز الإلهام لديك، وهل لايزال المسرح مصدر إلهام للوحاتك؟- الشعر والقراءة من المؤثرات المهمة في الإنتاج الفني بشكل عام وله تأثير مباشر، كما أن المسرح هو الأساس والملهم والمحفز بشكل كبير لأهم الأفكار والتكوينات لأعمالي الفنية. فبين المسرح والشعر تكمن حالة تشكل الإلهام والحافز لابتكار تكوينات ومواضيع تخدم اللوحة بشكل كبير.{ كيف تبحث عن الخامات المناسبة للوحاتك؟ حسب رأيك ما هو الدور الذي تؤديه الخامات المتنوعة (Mixed media) في العمل الفني؟- كل فنان يبدأ بالبحث والتجربة فتقوده التجارب وعملية البحث إلى أن يبتكر ويوظف الكثير من الخامات في اللوحات، فأعتقد أن الممارسة والتجربة وكذلك الفضول لدى الفنان يقوده للإبتكار في العمل الفني وهذا ما يجعل العمل الفني غنيا بمواده، تكويناته وطبقاته اللونية ويعطي قيمة أكثر للعمل الفني، بالنسبة للخامات فأحاول دائمًا أن أبحث عن المواد المناسبة ليس فقط في البحرين بل حتى خارج البحرين، خصيصًا القماش وتأسيسه وكيفية تحضيره لإعطائه جودة وعمرا أطول، وأحرص دائمًا على أن تكون الخامات ذات جودة لكي لا تتلف.{ حدثنا عن تجربتك الفنية في جائحة كورونا؟ وهل حفزت الجائحة الفنانين للإبداع؟الكثير من الأشخاص اضطروا للبقاء في منازلهم وأثر ذلك بشكل كبير على الإنتاج الفني، وبالطبع الأزمات تؤثر بشكل كبير ليس فقط على الفنان التشكيلي وإنما على الكاتب والممثل والمصمم كذلك، بالنسبة إلي هي فترة ذهبية لإنتاج وتعلم الطباعة بشكل أكبر، وباعتقادي أن الوقت ليس مناسبًا لأعكس الحالة النفسية على العمل الفني في الوقت الراهن، ومن الممكن مستقبلاً عندما تنتهي الجائحة، لكن حاليًا فإن الجائحة تركت لي مساحة من الإنتاج والبحث والتفكير، لكن لم ينعكس في العمل الفني بشكل مباشر.- تعابير الوجوه في لوحاتك غير تقليدية فما المغزى من ذلك؟حاولت اختصار واختزال الإنسان من خلال اختزال ملامحه مع عدم فقداني للتعبير فيها، وهذا ما وصلت له بالإقتصار على توظيف العينين والفم فقط بحيث أوصل الإحساس للمتلقي بشكل مختصر، بالإضافة إلى توظيف وضعيات الجسد، مؤخرًا بدأت التركيز على تعبير اليد وجعلهِ اللغة المباشرة في اللوحة، حيث أحاول أن لا تكون الملامح فقط هي المحاكية للمتلقي وإنما الجسد بشكل عام، لا أعلم ما هو المغزى من كونها غير تقليدية، لكني أعتقد أن السبب وراء ذلك هو رغبتي في إيصال الفكرة للمتلقي بشكل مختصر بعيدًا عن المبالغة في التعابير ورسم التفاصيل، هذا ما أسعى للوصول له، ولا أعلم مدى نجاحي في ذلك.{ هل تستلهم لوحاتك من مكامن شخصيتك؟- من الممكن أن يكون للشخصية تأثير بشكل ما على أعمالي الفنية بطبيعة الحال، لكني أحاول أن آخذ من ما أراه وما أشاهده في الآخرين، فكل إنسان له خصوصية في شخصيته، تعامله ونظراته لذا أحاول النظر لها من منظور مختلف، من خلال ملاحظة تصرفات الآخرين، أطباعهم وحركاتهم، كذلك أستسقي من المشهد اليومي في الحياة مع تقديمه بشكل درامي أكثر، والمبالغة بالحالة الدرامية فيه من خلال المبالغة في الملامح وأشكال الأطراف، أو في حتى الوضعيات، وحتى في مكان هذه الشخصيات، فمثلا تارة أجعلها تتزحلق فوق لوح التزحلق وتارة أضعها في أماكن غير سوية أو غير واقعية، أحاول البناء من خلال هذا كله في عملي الفني.وتجدر الإشارة إلى أنّ الفنّان علي حسين قد شاركَ في العديد من المعارض التّشكيليّة والمسرحيّة داخل وخارج مملكة البحرين. كما أنّه قد توجّه بعد سيرته التّعليميّة نحو عالم الطّفل، إذ قدّم العديد من الورش والفعاليّات التي تهتمّ بفنّ الأطفال. وقد حصدَ الفنّان خلال اشتغالاته على عددٍ من الجوائز، تكريمًا لأعماله ومشاركاته في مجاليّ التّشكيل والمسرح، وقد نال مؤخرًا جائزة الدانة عن مشاركته في المعرض السنوي للفنون التشكيلية في النسخة 44. ملاحظة: الطلاب والطالبات الذين أجروا الحوار: إيمان جعفر شهابزينب علي عبداللهمحمد محسن التيتون مروه ياسر محمدبإشراف د. جميلة سعدون
مشاركة :