أكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي امس، أن استقالة حكومة اليسار في اليونان والدعوة الى انتخابات عامة مبكرة في ايلول (سبتمبر) المقبل، أمر متوقع قد يمكّن من توسيع قاعدة الدعم في الشارع اليوناني للاتفاق الذي أبرمه رئيس الحكومة المستقيل الكسي تسيبراس مع ممثلي المؤسسات النقدية الاجنبية. ورجحت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل دعم دائني اليونان الاجانب عودة تسيبراس الى رئاسة الحكومة إذا «تخلص» من النواب اليساريين الذين تمردوا عليه ورفضوا مساندته في البرلمان. وفي مؤشر الى الانقسام في صفوف اليسار اليوناني، اعلن 25 نائباً انشقوا عن حزب «سيريزا» الذي يتزعمه تسيبراس، عزمهم على تشكيل كتلة برلمانية باسم «الاتحاد الشعبي»، في تطور هو الأول من نوعه منذ فوز اليسار المتشدد في الانتخابات في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، رافعاً شعار انهاء سياسات التقشف المفروضة على البلاد. وعلى رغم ان استقالة تسيبراس، اوحت بدخول اليونان مجدداً في مرحلة عدم استقرار سياسي بعد حصولها على خطة انقاذ اوروبية ثالثة لتسديد ديونها، فإن التجاذبات التي قد ترافق الانتخابات المبكرة، الخامسة منذ العام 2009، لا تثير على ما يبدو قلق الدائنين. وقالت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية انيتا بردهاردت ان استقالة تسيبراس «لم تكن مفاجئة نظراً الى اتصالات منتظمة بينه وبين رئيس المفوضية جان كلود يونكير». وأوضحت أن المفوضية «ليست قلقه على مصير برنامج الإصلاحات كونه يحظى بدعم المعارضة» المحافظة التي كلف الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس زعيمها فانجليس ميماراكيس بتشكيل حكومة انتخابات. كذلك لم يُفاجَأ المراقبون الأوروبيون باستقالة الحكومة اليونانية لأن طبيعة الإصلاحات وحجم التضحيات الاجتماعية التي طلبها تسيبراس من أنصاره في صفوف اليسار، يدفعان حتماً الى كسر وحدة صف نواب «سيريزا». وفرضت شروط التقشف الشديدة التي حددها الدائنون الثلاثة لليونان (صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي) في منتصف الشهر الجاري، تغيير الحكم في اثينا، اذ لم تترك أي هامش مناورة لنواب «سيريزا» للإيفاء بوعودهم للناخبين بوقف سياسات التقشف ووضع حد لوصاية خبراء المؤسسات النقدية. لكن الحقيقة المرة التي ادركها تسيبراس، هي أن اليونان لا تملك أي بديل سوى قبول شروط الإصلاحات الهيكلية، اياً تكن درجة قساوتها على الفئات الاجتماعية الضعيفة الدخل، في مقابل حصول اثينا على حزمة قروض بقيمة 86 بليون يورو في غضون ثلاث سنوات. وتُدفع القروض على مراحل مترابطة، وكل مرحلة مرتبطة بما نفذ من اصلاحات في مرحلة سابقة. وحصلت اليونان على دفعة أولى الشهر الجاري، قيمتها 13 بليون يورو، إضافة الى 10 بلايين رصدت لإعادة رسملة المصارف اليونانية. وأكدت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية أن برنامج الإصلاحات ليس في خطر «وهناك خطوات أولية يجب تنفيذها في المرحلة الجارية»، قبل سداد القسط الثاني من القروض خلال تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. كذلك قال مارتن سوليمار مدير مكتب رئيس المفوضية الأوروبية في تغريدة على «تويتر» ليل الخميس - الجمعة، ان «تنظيم انتخابات مبكرة في اليونان قد يوفر آليات توسيع قاعدة دعم برنامج الاستقرار المالي الذي وقعه تسيبراس». كما اعرب وزير المال الهولندي يرون ديجسلبلوم الذي يرأس مجلس وزراء المال لدول منطقة اليورو، عن أمله بـ «أن تؤدي الانتخابات الى توسيع قاعدة مساندة برنامج الإصلاحات في البرلمان اليوناني». ورأى توماس فيزير، رئيس «لجنة العمل حول اليونان» التابعة لمجلس مجموعة اليورو أن الدعوة الى انتخابات مبكرة «قد تكون خطوة تحتاجها الحكومة اليونانية للالتزام بموقف محدد والحصول على دعم واضح».
مشاركة :