بعد ثلاثة أعوام من قرار الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، مقاطعة قطر، في 5 يونيو (حزيران) 2017، بسبب دعم الدوحة للجماعات الإرهابية وتمويل التنظيمات المتطرفة، واستضافة شخصيات متشددة، لنشر الفوضى وإثارة الفتن، لا تزال قطر تدفع ضريبة باهضة بسبب إصرارها على التمادي في هذا السياسة العدوانية، ورهانها على الإرهاب، واللعب بورقة تنظيم الإخوان، لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل. ورغم التطورات الكثيرة التي شهدتها المنطقة والعالم في الأعوام الثلاثة الماضية، انتهاءً بأزمة فيروس كورونا، والتغييرات الجذرية التي عرفها العالم بسببها على كل الأصعدة، الاقتصادية، والصحية، والاجتماعية، والسياسية، لا يزال النظام القطري متمسكاً بدعمه للإرهاب والتطرف باعتبارها أولوية قصوى في أجندته، رغم الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها قطر بسبب الوباء، فتمسكت بسياسة دعم وتمويل الإرهاب والتطرف، على حساب الضحايا، وأولهم الشعب القطري نفسه، الذي يكاد يفترسه الفيروس، الذي استشرى في قطر بشكل غير مسبوق. وبعد محاولات كثيرة للتعتيم على حجم المشاكل التي تردت فيها قطر، بسبب خياراتها، وقراراتها، وبعد ادعاء السلطات تجاوز الأزمة الاقتصادية التي خلفتها المقاطعة العربية لقطر، باعتماد ما يمكن تسميته بدبلوماسية بساط الريح، الذي حمل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من أقصى الأرض إلى أدناها، بحثاً عن حلفاء حقيقيين أو وهميين، بعد توزيع الشيكات والهبات، والوعود المتنوعة والمختلفة، أعاد فيروس كورونا، الدوحة إلى المربع الأول والنقطة الصفر. وكان لافتاً في الأمر، أن تكون شركة الخطوط القطرية، بي إن سبورت، الإيقونتان السابقتان، في قطر، التي حولهما تنظيم الحمدين، إلى سلاح "دمار شامل" أو رأس حربة في سياسة الدوحة الخارجية، أبرز ضحيتين للفيروس، إضافة إلى صورة وسمعة قطر الدولية، بعد أن عجزت الدوحة، رغم محاولاتها وأموالها الضخمة، عن السيطرة عليه أو التعايش معه، ما يكشف حجم الخسارة الاستراتيجية الحقيقية لقطر، التي تركها العالم لكورونا يحاصرها، بعد أن تخلى البعيد، شرقاً وغرباً، وهي التي لم تتورع عن طعن القريب والجار، قبل ذلك، كما فعلت قبل المقاطعة العربية. وفي هذا الإطار تعد أزمة كورونا في قطر، فرصة لمعرفة حجم الاقتصاد القطري من جهته وقدرته على الصمود من جهته، استناداً إلى الخسائر الفادحة التي تكبدتها بي إن سبورت، بعد توقف المنافسات الرياضية في مختلف أنحاء العالم، والخطوط القطرية، التي تكدست طائراتها في مطار الدوحة، وإن حلقت اكتظت مقاعدها بموبوئين بكورونا، كما كشفته اليونان منذ اليونان قبل يومين، التي علقت رحلات القطرية إلى أثينا، بعد تعمد الأخيرة تسفير مصابين بكورونا، إلى بلاد الإغريق. انهيار تام في بيان عبر التلفزيون الرسمي لدولة قطر، أعلن الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية، أكبر الباكر، تراجع حجم عمليات الخطوط الجوية القطرية أكثر من 75%، بسبب كورونا، دون ذكر للتراجع الحقيقي المتراكم منذ 5 يونيو(حزيران) 2017، تاريخ حظر طيران القطرية في سماوات دول المقاطعة. وأعلنت الخطوط الجوية القطرية في بيان في أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن عدد المسافرين في مطار حمد الدولي،تراجع إلى 90% مقارنة مع الفترة التي سبقت تعليق الطيران بسبب انتشار فيروس كورونا. ووفقًا لما ذكرته وكالة رويترز، نقلاً عن مصادر داخل الشركة الجوية القطرية، فإن مسؤوليها سيضطرون إلى طلب دعم حكومي في نهاية المطاف، لأنهم لا يملكون السيولة الكافية لتيسير الرحلات إلى أوروبا، وآسيا، واستراليا. خسائر متتالية ويكشف ذلك حجم الأزمة الخانقة التي تردت فيها الشركة منذ إعلان المقاطعة العربية، التي أدت إلى تراجع عدد الممرات الجوية التي تستخدمها قطر إلى ممرين فقط بدل 18، وهو ما وجد ترجمته الفورية، في نتائج السنة المالية في 2018 للشركة، بعد تراجع عدد المسافرين على متن القطرية إلى 29.1 مليون مسافر من 32 مليون مسافر في 2017. ولمواجهة هذه الخسائر، اضطرت الشركة للتقشف، فصرفت أعداداً كبيرة من الموظفين، وقلصت رواتب عدد كبير آخر، وطلبت من "إيرباص" و"بوينغ"، تأجيل طلبيات شراء طائرات جديدة لعجزها عن الوفاء بالتزاماتها المالية في الوقت الراهن. وبالتوازي مع ذلك نقلت تقارير اقصادية، أن الشركة تنوي إخراج 20% من أسطولها عن الخدمة في المستقبل القريب، ويرجح أن تفشل الشركة في تسيير الرحلات لجميع الوجهات التي كانت تحلق إليها قبل الجائحة، وعددها 165 قبل 2023. أزمات وديون ومن جهة أخرى، أفادت وكالة رويترز، نقلاً عن مصادر صحافية، بإن بيانات مصرف قطر المركزي، أظهرت تراجع وفرة النقد الأجنبي في السوق المحلية، ما قد يمهد لأزمة مالية في البلاد والعجز عن متطلبات الموردين من الخارج. كما جاء في بيانات صادرة عن المصرف القطري، في مارس (أذار) الماضي، أن إجمالي الدين العام الخارجي المستحق على الحكومة القطرية بلغ حتى نهاية العام الماضي 196.04 مليار ريال أي ما يعادل 53.88 مليار دولار أمريكي. مونديال 2022 وفي سياق منفصل، لا تتوقف المطالبات بسحب ملف تنظيم بطولة كأس العالم 2022 من قطر. وتحدثت تقارير غربية عدة عن تستر الدوحة على انتهاكات حقوق العمال في منشآت مونديال 2022، ما تسبب في مقتل عشرات منهم، بسبب ظروف العمل القاسية. وفي ظل جائحة كورونا، أصبحت قطر في قلب الإعصار، بعد انتشار عشرات التقارير الصحافية، والحقوقية، والاستخباراتية، عن الكارثة الإنسانية التي حلت بالعمالة الوافدة في معسكرات إقامتها، ما أسقط ورقة التوت وكشف سياسة الدولة، التي اعتمدتها الدوحة في تعاملها مع هذه الفئة من العمالة الوافدة، التي دفعت ثمناً باهضاً لكورونا، في قطر. وسلطت منظمات دولية كثيرة في الأسابيع القليلة الماضية، الضوء على "الأوضاع المأساوية" للعمال الأجانب في قطر، مشيرة إلى دور السلطات في ترديها، بعد أن تركتهم فريسة سهلة لفيروس كورونا الجديدة، مكتفية بترحيلهم، أو سجنهم، أو ترحيل جُثثهم إلى دولهم بعد موتهم. وقال تقرير حديث لمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات في الولايات المتحدة الأمريكية: "مع تفاقم وباء كورونا الجديد في قطر، عاد سجل حقوق الإنسان السيئ في هذا البلد إلى دائرة الضوء"، مشيرا إلى إغلاق الدوحة معسكرات العمل المزدحمة التي تؤوي العمال الوافدين، وحرمانهم من حق العلاج، والرعاية، ما دفع بعضه إلى الاحتجاج والتمرد. تعنت ومكابرة وبعد 3 أعوام من المقاطعة العربية، و3 أشهر من كورونا، لايزال النظام القطري بقيادة الشيخ تميم بن حمد يتعنت في الاستجابة لمطالب الرباعي العربي بوقف دعم الإرهاب، والميليشيات المسلحة في ليبيا، وسوريا، وليبيا، ولبنان، واليمن، فضلاً عن العراق، والتدخل في شؤون دول الجوار والإقليم. ويقول إعلاميون وكتاب خليجيون، حسب صحيفة الوطن البحرينية في هذا السياق، إن "قطر مستمرة في تحالفاتها الإقليمية التي تضر بأمن الخليج وتزيد الهوة بين الأشقاء ما يعمق الخلافات". ولكن الثابت أن الدوحة لم تجن منذ ثلاثة أعوام بسبب سياسة العناد والمكابرة، سوى تمكين الخصوم الإقليميين وفي مقدمتهم تركيا وإيران، من ابتزازها، ونهب أموال كثيرة بحجة مساعدة نظامها الحاكم في الاستمرار بالسلطة، وهي أموال كان الأجدر إنفاقها على القطريين قبل غيرهم.
مشاركة :