رجال ألمع.. جغرافيا جمالية وتاريخ عابق بالأصالة

  • 12/15/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تزخر رجال ألمع بتراث ثقافي وتاريخي متنوع ضارب بالجذور في العراقة والأصالة، وما تسجيل تراثها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إلا تجسيد لهذه العراقة. وتشكل رجال ألمع الواقعة في الجهة الغربية من منطقة عسير في بلادنا الغالية، على مسافة 45 كم غرب مدينة أبها قيمة ثقافية بحكم جغرافيتها المتنوعة للمهتمين حيث إنها منطقة جبَلية يحدّها من الشرق مركز السودة، ومن الشمال محافظة محايل عسير، ومن الجنوب محافظة الدرب، ومن الغرب مدينة قنا. ويُشاهد الفن المعماري في رجال ألمع حيث تبنى المنازل على ضفتي "وادي كسان"، ويرتفع بعضها فوق بعض على سفوح الجبال، ويصل ارتفاعها إلى ستة أدوار، ويمتلك كل إنسان دور، وقد ساعدت طبيعة الارتفاع على السفح أن يكون السطح مدخلاً لبيت آخر، ونوافذها ضيقة. ومناخ رجال ألمَع شديد الحرارة صيفاً، ويتميز بالاعتدال في فصل الشتاء بحيث يبدأ الجو بالاعتدال والدفء خلال فصل الشتاء لتبدأ انطلاقة سياحة شتوية مميزة. ومن الفنون الجميلة بالمنطقة فن: "القَط" المسجل ضمن قائمة التراث غير المادي العالمي في منظمة اليونسكو، وهو فنّ عسيري خالص برعت فيه النساء في قرية رجال التراثية، وقدّ أُعجب به الكثير، وفي الآونة الأخيرة شاهدنا الكثير من المتخصصين في الفنون يحضرون رسائل الدكتوراه في فن القَط النادر والدقيق. وهو عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية هندسية ترسم علي جدران المنازل في منطقة عسير منذ أكثر من 300 سنة، ويستخدم فيه النقوش بألوان من عناصر بيئية مثل الفحم وأحجار الجبال الحمراء والمر والارز المحمص، ويطحن يدوياً ويضاف له مادة الصمغ عند النقش، بعد ذلك تستخدم الريشة للرسم من شعر الأغنام المجذب للتحكم في خيوط الرسم. ويوجد بمحافظة رجال ألمع المتحف الدائم للتراث الذي تم إنشاؤه عام 1405هـ بمبادرة عامة من أهالي المحافظة بهدف حفظ تراث منطقتهم، واختير حصن آل علوان والذي أنشأته عائلة آل علوان، وهو أكبر الحصون فرمم القصر بتعاون كثير من أبناء رجال ألمع كل بحسب إمكاناته وخبرته. وتولى أبناء القرية جمع المقتنيات القديمة التي تبرع بها الأهالي، وساهمت نساء القرية بنقش القصر بإشراف الفنانة الألمعية فاطمة علي أبو قحاص، ومن ثم تبرع الكثير منهن بحليهن القديمة من الفضة وبعض مدخراتهن من الزينة. واكتمل العمل بالمتحف، وحصل على الكثير من الدعم والاهتمام والتشجيع من قبل المهتمين بالسياحة، ثم افتتحه الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير السابق عام 1407 هـ، وبدأ المتحف يمارس دوره كقناة ثقافية سياحية منذ ذلك الحين، حتى أصبح السياح يقصدونه من جميع أنحاء العالم وعلى مدار العام، وحصل المتحف على العديد من الجوائز وأهمها: جائزة المفتاحة، جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني، جائزة الحفاظ على التراث لمحافظة رجال ألمع عام 1427 هـ. ولا يزال التراث الألمعي والزي المعاصر القديم موجود بالتزامن مع التطور الجمالي الممزوج بالإضافات الحديثة، ويتنوع الزي الألمعي للذكور في المحافظة من مكان لآخر والغالب: الثوب والمعجر والشفرة والصمادة، وينتشر هذا اللبس من شمال رجال ألمع إلى جنوب كسان تقريباً، وكذلك الحوكة "رداء وإزار" وينتشر في الحبيل وما جاورها. أما الزي النسائي المتعارف عليه في المحافظة قديماً هو الثوب العسيري "الجلابية" وقد عاد الآن بموضة جديدة، ببصمات سعوديات قمن بإحياء الزي العسيري ليتواءم مع العصر ومستجداته، وقمن بتطوير نقوشه، والقماش الذي يصنع منه باختلاف تطريزاته وألوانه، حتى أصبح زي الكبيرات والصغيرات في المنطقة بشكل عام ومحافظة رجال ألمع بشكل خاص، وكان الزي النسائي الألمعي التراثي قديماً يستغرق تفصيله مدة أربعة شهور أو خمسة، لأنه كان يعتمد على العمل اليدوي. النقش العسيري فنّ «القَط»

مشاركة :