تتميز منطقة عسير بموقع فريد وتنوع طبيعي وثقافي، يجعلها من أجمل الوجهات السياحية في المملكة والمنطقة العربية، حيث تزهو بروعة طبيعتها ومعالمها التراثية والتاريخية، التي تجعلها خزينة للطبيعة الساحرة، والتراث الإنساني العريق، كما تنعم بمناظر الجبال والسهول والشواطئ، إلى جانب العديد من المناطق التاريخية والوجهات الترفيهية الملائمة لأروع الرحلات العائلية. ومن أبرز معالم عسير التي تحتضنها جبالها الخضراء، تبرز قرية رجال ألمع، التي ما زالت، رغم مرور مئات السنين، تحتفظ بجمالها المُبهر في أبراجها المشيدة والمرصَّعة بحجر الكوارتز الأبيض، ونقوشها التراثية الفنية، ما جعلها من أبرز المواقع الأثرية السعودية المرشحة للتسجيل ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو. وتحتوي قرية رجال ألمع على نماذج فريدة من القصور المبنية بالحجارة، يرتفع بعضها لعلوٍ يصل إلى ثمانية أدوار، وفيها القصر التراثي الذي جُهز ليكون متحفاً؛ للحفاظ على تُراث القرية العريق. ويمكن التمتع بمشاهدتها من خلال النزول عبر “التلفريك” من السودة إلى رجال ألمع، ثم الانتقال بالباص السياحي إلى مقر القرية، وتناول أشهى الأطباق في مطاعمها ذات الإطلالة الخلابة، على وديان عسير الخضراء. وتتميز عسير بتعدد المعالم الأثرية التي تعزز من قيمتها كواجهة سياحية مهمة، حيث تضم العديد من القلاع الأثرية والتاريخية، التي تنتشر في أماكن متعددة، ومن ذلك قلعة شمسان، وكذلك يجد السائح فيها العديد من الأماكن التاريخية، ما بين متحف ألمع للتراث، وقصر آل أبو سراح، وقرية طبب التاريخية (قصور آل المتحمي)، وقرية الحبلة التي يمكن الوصول إليها بالعربات المُعلقة (التلفريك). وهناك الأسواق الشعبية التي تجذب أهالي المنطقة والزائرين، وأبرزها سوق الثلاثاء الشعبي، أحد أبرز المعالم التاريخية في مدينة أبها جنوب، ويعد من أقدم الأسواق الشعبية في المنطقة، ويتميز السوق بحضور قوي في المنتجات الشعبية. وتُمثل قرية رجال ألمع تاريخًا مزدهرًا يعود لأكثر من 350 عامًا، وما تزال محتفظة بجماليتها الظاهرة في أبراجها والمطعّمة بالكوارتز الأبيض؛ وهو ما رشّحها لأن تكون أحد المواقع المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، لذلك خصصت مدونة “رحّال” السياحية التابعة لمنصة السفر العالمية “Wego”، مساحة منفردة لهذه القرية، ووصفتها بأنها من أهم الوجهات التي لا يمكن تفويتها عند زيارة المملكة العربية السعودية؛ كونها ما زالت محتفظة بفنونها المعمارية الفريدة المتمثلة في الحصون الشاهقة المبنية بطريقة فنية، تجمع بين الجمال والإتقان واستغلال المساحات بشكل لافت. هناك 60 قصراً في “رجال ألمع” بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، حيث تأسرك هذه القرية بطابعها القديم الذي يعبق منه سحر الماضي والتاريخ، ومن أهم القصور التي تحتضنها، قصر الدرعية ومعجب وجابر، كما أنها تحوي في أحد مبانيها المكونة من ستة طوابق، متحفًا مفتوحًا للزوار، يضم العديد من القطع التراثية القديمة التي تحكي حياة سكان “رجال ألمع” في مختلف المراحل التاريخية، بالإضافة إلى إرث كبير من الصور والأعمال الفنية والتحف الأثرية الفريدة، ومركز للزوار يعمل على تعريف ومساعدة السياح في اكتشاف المنطقة بشكل أفضل. ويفخر سكان “رجال ألمع” بتراثهم، وقد بذلوا جهودًا كبيرة لترميم قريتهم، وحصدوا في العام 2017م جائزة “مُدن” العربية لتراثها المعماري. وترتكز أهمية القرية التاريخية والأثرية على عمقها الحضاري، وريادتها في مجالات عدة؛ من أبرزها التجارة والفنون المعمارية الفريدة المتمثلة في الحصون الشاهقة المبنية بطريقة فنية بديعة تجمع بين الجمال والإتقان واستغلال المساحات بشكل لافت، حيث تتراص ثمانية حصون على مساحات صغيرة متقارية، لتصنع كتلة واحدة بارتفاعات متفاوتة، يصل ارتفاع بعضها إلى 6 طوابق زخرفت من الخارج بحجر “المرو” الأبيض، كما زينت من الداخل بالنقوش الفنية التي يطلق عليها ” القط العسيري”، ما جعلها مقصدًا للزوار القادمين إلى منطقة عسير من داخل المملكة وخارجها. ويمكن للزائر الوصول إلى قرية “رجال” عبر عدة طرق أهمها عقبة الصماء الرابطة بين مدينة أبها ومحافظة رجال المع، مروراً بمركز السودة الأشهر سياحياً على مستوى المملكة، في مدة لا تتجاوز 30 دقيقة، إلى جانب طريقين آخرين تربطها بمحافظة محايل عسير ومركز الحبيل المؤدي إلى محافظة الدرب التابعة لمنطقة جازان. وعلى الرغم من تعدد الآراء العلمية حول تاريخ “رجال” فقد تناول الباحث محمد حسن غريب في كتابه المؤلف من 4 أجزاء، تاريخ القرية ونشأتها وتطورها الذي شهدته على مر التاريخ، حيث يشير إلى أن “شواهد الفعل الحضاري من مبان وطرق وحاميات ومدرجات زراعية وآبار ومقابر مكتظة بساكنيها، وما كشفته السيول قديماً في بعض أوديتها من مساكن مطمورة تحت الأرض، وكذلك وجود الفحم الذي ظهر في أحد الآبار المحفورة عام 1375هـ في حي “عسلة” على عمق 30 متراً ، يعطي دلالة قطعية على قدم الاستيطان والاستقرار البشري الذي كان يسود القرية قبل القرن العاشر الهجري، وعبر مراحل نموها وازدهارها.
مشاركة :