قال نائب رئيس الجمهورية السابق رئيس الوزراء السابق رئيس «ائتلاف الوطنية» في البرلمان العراقي أياد علاوي، إن لإيران الدور الاكبر في العراق، وهي من تضع الخطوط الحمراء، موضحاً أن الولايات المتحدة اصطفت معها، وبالتالي ماتريدانه يحصل، ومعتبراً أن هذه مصادرة لحق الشعب العراقي وأن تدخّل ايران صار اليوم مشرعناً بغطاء أميركي. وأضاف علاوي في حوار أجرته معه «الراي» أن مفتاح الفساد المالي هو الفساد الاداري، وأنه لولا الاهمال والتعدي على الدستور العراقي لما وصلت البلاد الى هذه الحال، لافتاً الى ان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لا يقوم بإصلاحات بل بتقشف وان هناك التفافاً على مطالب المتظاهرين. وفي ما يلي تفاصيل الحوار: • كثرت أزمات العراق فهناك حرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) المسيطر على 5 محافظات وفي الأفق ملامح أزمة اقتصادية إضافة لحراك شعبي فهل هناك من يريد ان يقلب الطاولة؟ - كنا نحذر من تداعي الامور واستمرار الخلل والترهل في العملية السياسية ونفوذ «داعش» والازمة بين الاقليم والمركز، التي تركت آثاراً سلبية على أوضاع العراق بالكامل، ودعونا منذ عام 2005 إلى إصلاحات ومعالجة الامور بحكمة قبل ان تستفحل وتصل الى ماهي عليه اليوم، وفي الشهر الرابع من هذا العام، تقدمت بكتاب رسمي الى رئاسات الجمهورية والوزراء والنواب لإجراء تدقيق جنائي حسابي من قبل شركة دولية في ملفات الفساد المالي منذ عام 2003 حتى الان، لكن لم تكن هناك استجابة، وكأني أطلقت شرارة الحرائق، ويبدو انه لاتصرف أموال للكثيرين حين يبدأ التحقيق، وهذا احد اسباب إلغاء المناصب. و لم يؤثر ذلك علي لأني لا اعتمد على منصب نائب رئيس الجمهورية. وفي حقيقة الامر الحكم ضعيف ومهلهل وغير قادر على انجاز اي امر، والفساد المالي مستمر، ويحتمي بسياسات المحاصصة. • كيف تصف المرحلة الحالية مع هذه التحولات السياسية المفاجئة واستمرار مطالب المتظاهرين؟ - الاجراءات الحكومية ليست إصلاحاً بل تقشف، فالاصلاحات تتخذ اجراءات جذرية لتعالج اسس المشاكل وليس لتخفيف عدد الحمايات وبعض الموظفين، لهذا فالامور مرشحة الى التصعيد والمزيد من الفوضى، فهناك التفاف على مطالب المتظاهرين. ونعيش مرحلة فوضى وتخبط كامل، لعدم وجود خريطة طريق. • من يقرر مستقبل العراق اليوم الشارع أم سياسيو 2003 ؟ - «داعش» يساهم في القرار السياسي العراقي، وكذلك كردستان والأزمة الاقتصادية وايران واميركا، وهناك فوضى سببها تصارع الاضداد من داخل التحالفات الشيعية والسنّية، والحكومة ضعيفة لاحول لها ولاقوة، فكيف تريد ان تحقق مطالب المتظاهرين؟ هم يعملون على التقشف ويسمونه إصلاحاً، لهذا فالعراق مقبل على أحداث جسام، يومياً نسمع حررنا وسوف نحرر ووصلنا، والنتيجة لاشيء، ولاتستطبع ان تهمل 4 محافظات في كردستان، وليس هناك تواصل مع الاقليم، ولايمكن ان تعتبر الاقليم غير موجود، بمعنى لايوجد نظام يغطي ويتعامل مع جميع المحافظات، ونسمع يومياً مطالبات بتشكيل أقاليم، وإيران تتدخّل بقوة في القرار العراقي، ومنذ عام 2010، واليوم تدخلها في القرار أعمق، وماعاد العراق يستوعب كل هذه المتناقضات. • هل هناك من يتآمر على العملية السياسية عبر تدخّل إقليمي ويقوم بإدارتها؟ - طبعاً لايران الدور الاكبر في العراق، وهي من تضع الخطوط الحمراء، واصطفت معها الولايات المتحدة، وبالتالي ما تريدانه يحصل، هذه مصادرة لحق الشعب العراقي، وهذا تدخّل واضح لايران، صار اليوم مشرعناً بغطاء أميركي. • تقول إن ايران دائماً تمنح الفرص للاحزاب الإسلامية؟ - أكيد، لكن فقط الاحزاب التي تؤمن بالخط الايراني وتستجيب لنفوذ طهران، اذكر عام 2010 قامت إيران والولايات المتحدة بمنع رئيس الجمهورية جلال طالباني من أن يعطي كتاب تكليف تشكيل الحكومة إلى «ائتلاف العراقية». وهذا يدل على ان قرار الشعب مرتهن بالاجنبي وهو من يتحكّم بارادته السياسية. • بعد التحولات الحاصلة في العراق هل فقدت الاحزاب الاسلامية مستقبلها السياسي؟ - لا أسمّيها احزاباً اسلامية، قسم منها يؤمن بالاسلام السياسي وآخر يؤمن بالطائفية السياسية، وهناك من هو وطني وقدم التضحيات ضد نظام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين، وهناك أحزاب تعيش بعقلية البعث القديمة وتعتاش على الطائفية، وقرار خرق الدستور مستمر منذ 2010 وصار تفسير الدستور من قبل اشخاص معينين بدلاً من القاعدة العامة، فحين ينص الدستور على أن نواب رئيس الجمهورية موضوع دستوري وقانوني، ثم يصدر قرار بإلغاء المناصب من دون مسوغ قانوني، فهذا خرق للدستور. • إذاً هل إيران اليوم أكثر تأثيراً ونفوذاً في المشهد السياسي العراقي؟ - سأحكي لك ماحصل معي في أغسطس 2010 حيث اتصل بي الرئيس السوري بشار الاسد مرات عدة لزيارة دمشق قبيل تشكيل الحكومة العراقية، فذهبت مع 20 شخصية يمثلون «ائتلاف العراقية»، فقال الأسد: «كنت مصرّاً على مقابلتكم لأني ذاهب الى إيران بعد لقائكم». فاستغربنا كلامه، وسألته ماذا يريد، و كان من الحاضرين نائبه ووزير الخارجية وآخرون من الحكومة. فقال إن «ايران لاتقبل أن تشكّل قائمتكم الحكومة العراقية، واميركا متوافقة معها، وانا ذاهب الى ايران، ونريد حسم تشكيل الحكومة، فانتم في حالة الرفض الايراني والاميركي ما البديل لديكم؟»، فأجبته: «الى هذا الحد وصلت الامور؟»، فقال: «هذا هو المتاح»، فقلت له: «اذاً فليات احد من (التحالف الوطني الشيعي) شرط ان يكون هناك 50 في المئة مقابل 50 في المئة من التوافق السياسي ونضع آليات للوزراء الأمنيين واتخاذ القرار السياسي الإستراتيجي وان يكون هناك مجلس للسياسات الاستراتيجية»، فقال الأسد: «هذا جيد، لكن من تفضلون من التحالف؟»، فأجبت: «عادل عبد المهدي»، ورد علي: «واذا رفضت ايران؟»، فقلت له: «اذا كنت تريد ان تسمع من ايران فعليك ان تتصل هاتفياً الآن، ولا تكلف نفسك عناء الذهاب الى طهران، وإن أردت التفاوض فهذه شروطنا، وعندها أحرج الأسد وقال:»نحن ذاهبون وسيتصل بك فاروق الشرع ليعطيك كل التفصيلات«، ثم عدنا الى بغداد واتصلوا عصراً وقال الشرع:»إيران لاتريدك لا أنت ولا عادل عبد المهدي ولا أي أحد من (ائتلاف العراقية) وتريد بقاء الحال على ماهو عليه«، فأي دليل بعد ذلك على عمق التدخّل الإيراني ورئيس دولة يتحدث هكذا عن إيران امام حشد من الساسة العراقيين والسوريين؟ وكيف يقول الإيرانيون إنهم لا يتدخلون في الشأن العراقي؟ هذا حدث رغم تحذيرات نائب الرئيس الاميركي وقتها جو بايدن من أن استمرارالوضع على ماهو عليه سيؤدي الى حرب اهلية، وحتى التكليف بتشكيل الوزارة لم يسمحوا لنا به، فقلت على الاقل احترام الدستور. واتى ضغط» ليخرجوها«داخلياً بقرار من المحكمة الاتحادية بأن الكتلة الاكبر التي تتشكل بعد الانتخابات هي من تشكل الحكومة. • تحفظت على قرارات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وقلت إنها ستؤدي الى نشوء ديكتاتورية جديدة تريد ان تحصر الصلاحيات بيدها، فكيف ذلك؟ - منحت السيد العبادي كل الدعم وقلت له نحن معك وخاصة اذا استقلت من«حزب الدعوة»ومن ثم ارجع الى الحزب بعد انتهاء دورتك الرئاسية، كونك رئيس وزراء العراق وليس رئيس وزراء حزب الدعوة، وقلت له سندعمك على الصعيد الوطني والعربي والاقليمي والدولي، ودعوته الى اللجوء الى المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية لتأسيس دولة على قاعدة المساواة والعدالة، لكن للاسف لم يقم بتنفيذ شيء من ذلك، حتى خرجت التظاهرات فاضطر أن يتماشى مع توجّهات الشارع، لكن هذا السير ظل يراوح في مجال التقشف وليس الاصلاح. وتم الغاء 5 او 6 مناصب لاتكلف قيمتها 2 مليون دولار سنوياً، كنت أصرف من جيبي الخاص على سفري، وهذا شيء محزن ومقلق، بالنتيجة العبادي اتخذ قراراته من دون مشاورة ومن خلال الإعلام فقط تم تنفيذها. وبعد دمج الوزارات قال لي احد الوزراء إنه منع من دخول الوزارة، وسأل من طلب ذلك، فقال له الحراس إنهم سمعوا عبر الراديو قرار الدمج بين الوزارات وانهاء وظيفته كوزير، كان على العبادي ان يبلّغ الوزير بالدمج، حكومته جاءت بتوافق سياسي وكذلك منصب رئاستيْ الجمهورية والبرلمان، وهناك تصويت دستوري لرئيس الجمهورية وأقسم أن يحمي الدستور، لكن يبدو ان هناك مجدداً هيمنة للقرار الإيراني - الأميركي في العراق. • لماذا ترفض دعواتك حول المصالحة ومنها كما تقول اكثر من ورقة للاصلاح السياسي؟ - لأنهم لايريدون فكرة الإصلاح، واذكر اني عملت على انتخابات، كانت الوحيدة التي لم تكن فيها شكاوى والاقل تكلفة، وحينها سلمت السلطة سلمياً.وهذا احد اسباب ابتعادي عن السلطة ما يقارب 9 سنوات، الى ما قبل ان اكون نائباً لرئيس الجمهورية، واشعر ان النوايا غير صالحة ولا صادقة في معالجة الامور، في عام 2010 وقّعنا على وثيقة إصلاح سياسي لكنها لم تنفَّذ، وعام 2014 وقّعنا على وثيقة اخرى ولم تنفَّذ، وكنا نطالب بإصلاح اقتصادي وسياسي شامل. لكن ذر الرماد في العيون مستمر للأسف. • تقول إنك لست رافضاً لورقة إصلاحات العبادي لكن هناك إصلاحات أهم؟ - بالتاكيد، هناك إصلاحات أهم بكثير، لأن مفتاح الفساد المالي هو الفساد الاداري، ولولا الاهمال والتعدي على الدستور لما وصلنا الى هذه الحال. • مارأيك باختيار العبادي النائب السابق حسن الياسري من«حزب الدعوة«رئيساً لـ»هيئة النزاهة«؟ - ما يحصل هو سيطرة حزب واحد، لهذا طلبت من العبادي الخروج من»حزب الدعوة«، ويبدو أنه لايستطيع ان يخلع جلده. غاب عنهم ان العراق بلد عربي وإسلامي فيه شرائح وخصوصيات مختلفة يجب ان تحترم بالكامل. • من اقرب التحالفات إليك مستقبلاً... هل القوى الليبرالية أم»المجلس الاعلى«ام»التحالف الكردستاني«؟ - التحالف الكردستاني الاقرب لاعتبارات تاريخية وموضوعية، فبداية المعارضة انطلقت من كردستان العراق واحتضنها الشعب الكردي وهناك علاقات تاريخية ورفاق سلاح، كما ان الاكراد قوة ليبرالية وديموقراطية ولا يمثلون طائفة. • لكن التحالف الكردستاني على صلة قديمة وإستراتيجية مع الشيعة؟ - ليس له علاقة بالشيعة، ومن الخطأ اختزال الشيعة بـ»حزب الدعوة«. فالشيعة قوة وطنية. • تظاهرات ساحة التحرير طالبت بإقالة رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود فهل انت مع اقالته؟ - القضاء ليس نزيهاً ولاقوياً وخضع لإرادات سياسية. لكن القضاء يبقى القضاء. والاخ مدحت المحمود بصرف النظرعن قوة القضاء وعدمها يبقى عامل توازن داخل المؤسسة القضائية. • فهل تفضل بقاءه؟ - من هو البديل حين نتحدث عن التغيير فليس لدينا بديل. • المتظاهرون يطالبون بإقالته وهناك لافتات رفعت تطالب بإقالته؟ - الشعب طبعاً يطالب بإخراج الجميع لأنه»مضنوك«بصراحة ولنكن واقعيين هل نريد ان ننهي القضاء ام نريد إصلاحه؟ اكيد اصلاحه. هناك إجراءات منها ورقة اصلاح القضاء وهي من قضاة وقانونيين وتكون ملزمة التنفيذ وليس باستبدال شخص باخر والاهم كيف يكون القضاء بمأمن من تدخّلات السلطات التشريعية والتنفيذية. • هل لنا بتصور عن الموقف العربي في مايحدث اليوم في العراق. فالمالكي زارايران والنجيفي في عمان وأنت الى أين ستذهب؟ - انا قومي عربي مع العرب جملة وتفصيلاًَ ولست ضد ايران بل ضد سياستها، وقلت للسفير الايراني حين زارني أخيراً إنني لست عدواً لايران، لكني لا اقبل تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في الدول العربية وهذا المنطلق الذي اتعامل به مع ايران، على ايران الا تتدخل في العراق وشؤون المنطقة وعليها ان تعيش باخوة وحسن جوار مع العرب. اختلفت مع الاميركان لأني رفضت عقد مؤتمر شرم الشيخ الاول دون حضور ايران. • ماذا عن تركيا؟ - حدثت مشكلة مع بعض القادة الاتراك حول ماحصل في مصر، أنا داعم للشعب المصري والرئيس السيسي وداعم لانتفاضته التي اتت بانتخابات نزيهة وكنت مع مجموعة من الاخوة العرب في تركيا وسمعت نفسَاً معادياً للتغيير الذي حصل في مصر، فحدث توتر بيني وبين بعض القادة الاتراك، والان انتهى هذا ونعمل على إعادة اللحمة التركية - المصرية. • ما الدورالسياسي المقبل لإياد علاوي؟ - سأبقى مع الشعب وإرادته في التغيير والانفتاح على الجميع وخاصة الاخوة الاكراد.ولن اتخلى عن عروبتي مهما كلّفني الامر. • الزعيم مسعود بارزاني هل يستمر رئيساً لإقليم كردستان العراق مع وجود خصومات داخل البيت الكردي؟ - ستمدد رئاسته سنتين، تجمعني بالاخ مسعود صداقة واخوة ورفقة، وربما كنت الوحيد الذي يتحدث معه بكل صراحة، وطلبت منه ان يعطي شهادته الكتابية الى مجلس النواب العراقي حول احداث الموصل، بعد أن زارني رئيس اللجنة التحقيقية حاكم الزاملي وطلب مني التدخّل، والاخ مسعود ابدى استعداده وارسل شهادته. وكذلك علاقتي طيبة مع قيادات»الاتحاد الوطني«كوسرت رسول وبرهم صالح ونيشروان مصطفى رئيس»حركة التغيير»، لكن لا تربطني بنفس القرب مع الاخ جلال طالباني. وانا حريص على ايجاد حلول لمشكلة اتت بها الديموقراطية الشكلية التي يعيشها العراق، وهذه الحلول يجب ان تخضع لتوافق سياسي وتصرّف حكيم من القوى الكردية.
مشاركة :