بعث الشاعر السعودي جاسم الصحيّح عبر «عكاظ»، رسالة تطمين لعشاق شعره وأصدقائه ومحبيه في طول الأرض وعرضها، وكشف عن عودته لمنزله بين أفراد عائلته، إذ إنه خضع للتنويم في مستشفى أرامكو لمدة ثلاثة أسابيع من شهر أكتوبر 2020، وحمّل شاعر (أعشاش الملائكة) النقرس أو (داء الملوك)، كما يطلق عليه، مسؤولية المضاعفات المهددة كُلى الشاعر، وأوضح (أبو أحمد) أنه عانى منذ ستة عشر عاماً من ارتفاع نسبة حامض اليوريك في الدم، ولم يتعامل معه بحمية غذائية عدا تخفيف المتاعب بالمسكنات الثقيلة على جهاز الكلى، وعزا الصحيح اكتشافه للحالة إلى أعراض انتابته أخيراً، منها الدوخة وآلام مرهقة وخروج الدم من الأنف، مشيراً إلى أن جائحة كورونا تسببت في تأجيل مراجعة المستشفى حتى مطلع أكتوبر، وأضاف، تمت الفحوصات وظهر أن نسبة السموم عالية في الدم، بحكم أن 35% من الكلى تليفت و65% ملتهبة، وطمأن الشاعر الإنساني السائلين عن صحته بأنه بخير ولا تزال الكلى تعمل بنسبة 18 إلى 25%، ويخضع لخطة علاجية لمدة عامين، تفادياً للغسل الكلوي. وثمن الصحيح متابعة وسؤال المثقفين والمحبين من جميع أقطار العالم، ودعا الجميع إلى العناية بالصحة. وأبدى أملاً كبيراً في الله وتفاؤلاً لا حدود له بالشفاء، خصوصاً وأنه ملتزم بالمراجعات كل أسبوعين للتزود بجرعات منشطة، وقال «الحمد لله وضعي الصحي أفضل كثيراً الآن وماشي على برنامج علاج طويل المدى في مستشفى أرامكو»، وزاد «حالتي في تحسن ولا داعي للقلق، والعلاج مستمر لرفع المناعة الذاتية عبر جرعات كيماوية، وأتناول أدويتي في البيت، ومراجعات المستشفى للجرعات كل أسبوعين.. وأعيش حياتي طبيعياً مع بعض الاحترازات الواجبة».فيما عبّر عدد من المثقفين عن قلقهم على مستقبل القصيدة الناصعة في جبين الإبداع، ونقل الشاعر علي الدميني قلقه إثر تلقيه خبر العارض الصحي للشاعر جاسم الصحيّح، من خلال صفحته على الفيس بوك، قائلاً «الشاعر الكبير المتألق جاسم الصحيح يرقد في المستشفى جراء فشل كلوي، وقلوبنا معه ونتمنى له الصحة والسلامة». وأكد الشاعر محمد زايد الألمعي، أن الصحيّح سيهزم الكلى.. أما الفشل فسيهرب من جاسم.. كون الدنيا تحبّ جاسم وسينتصر ويبهجنا.. وأضاف «لا شيء سوى القصيدة وجاسم وبعض البخور ونبض الحياة».وعد الشاعر اليمني عبدالودود سيف، الصحيح شاعراً مدهشاً. ينبئك نصه عن شاعرية فذة وجمال وذكاء خارق في اختيار المفردات.وتساءل الدكتور سعيد فالح الغامدي: كيف يحتل هذا المرض كلى المبدع جاسم الصحيح، وعده مرضاً لا يحسن اختيار مكان سكنه فيعكر صفو المحبين والمعجبين.ويرى الشاعر اللبناني شوقي بزيع، أن من يملك مثل هذه الشاعرية الشاهقة لا يهزمه أحد، وتمنى الشفاء العاجل للصديق الصحيح.وحول قصيدة الصحيح «مضغةٌ منكَ خانتكَ»، التي كتبها بعد أن أخبره الطبيب بالمرض، ثمن القاص إبراهيم مضواح الألم، والخذلان، واضطرام المشاعر، واضطراب الجوارح، وفشل الكلى الذي فجر هذه القصيدة الهالة الضوئية.. وقال لله أنت أيها الشاعر الخالد.وعلّقت الشاعرة بديعة كشغري، قد تخونه «مضغة منه» إلا أن بروق الشعر ستظل تضيء له دروب الإبداع.«مضغةٌ منكَ خانتكَ»فشلٌ في الكلىهكذا رنَّ صوتُ الطبيبِكقنبلةٍ في دمي انشطرتْواستدار إلى وجهِ حاسوبهِوانثنَى (يقرأ المقتلا):فشلٌ في الكِلى(ضغطُكَ) الآنَ نسرٌ يحلِّق نحو العُلىو(الحرارةُ) عادتْ إلى بيتِهادون أنْ تُخطِئَ المنزلاودَمٌ باتَ يعثرُ في نفسهِكلَّما هرولامضغةٌ منكَ خانتكَخانتْ مع الجسدِ الغضِّ عهدَهُما الأَوَّلامضغةٌ منكَأو فيلقٌ من فيالقِ جيشِكَ ينهارُوالحربُ لم تكتملْ بعدُما زال في العُمرِ مُتَّسَعٌ للقتالِولكنَّ (ثغرًا) تَفَتَّحَ فيكَ لغاراتِ هذا الزمانِفهَيِّئْ لثغركَ أعتى الحُماةِلكي لا يُباغِتَكَ الغزوُ منهُوقاومْ أمامكَ مُعتَرَكًا مُقبِلا********فشلٌ في الكِلىقالها هكذاقبل أنْ يبسطَ الأرضَ في قاعِ روحيَفانْغَرَسَتْ مِعوَلاحالَ ما بيننا الموجُموجُ القنوطِوحاولتُ من دونِهِ معزلافانثنَى يبذرُ الأملَ المُرَّ في الجرحِعلَّ الحقيقةَ تقطفُهُ سنبلاغير أنَّ المرارةَقد بلغتْ رُشدَها الأكملاوالبذورُ اشرأبَّتْ على سُوقِهاكلَّما أينعتْ داخلي بذرةٌ أنبتتْ حنظلافشلٌ في الكِلىوثَمَّةَ تُرسانِ في آلةِ العُمرِ قد عُطِّلافمنْ يُصلِحُ العَطَلَ الصعبَ؟!كيما تعودَ مصافي الحياةِلدورتِها في الوريدِتعيدُ لطاقتِهِ، المَعمَلاأهذا دمي؟!أم دمُ (الأخوَينِ) الذي انشقَّ عن بعضهِوانتهى هَدَرًا في الفلا؟!تتصارعُ أمشاجيَ الآنَ ما بينهايغدرُ البعضُ بالبعضِحيث تكونُ الخيانةُ أنكىوحيث يكونُ الأسى أثقلاخللٌ في العناصرِ؟عيبٌ بماهيَّةِ الخلقِ؟أم غدرةُ الطينِ بالطينِ؟!إنِّي أؤوِّلُ حَدَّ الضلالِوكمْ ضَلَّ من أَوَّلا!!لك الحمدُ يا ربُّأهديتَني فشلًا في القِلىوها إنَّني ما قَلَوْتُكَ فيمنْ قلاكَولا بدَّلتني عليكَ المآسيوقد خابَ من بَدَّلاوإنْ كنتَ تبلو حقيقتَنا في هواكَبحَملِ السقامِفبعضُ اصطفائِكَ أنْ نُبتلَىغيرَ أنِّيأُعَوِّذُ حُبِّيَ من فشلٍ في المآلِأعوِّذ شعريَ من فشلٍ في الخيالِأعوِّذ روحيَ من فشلٍ في الجمالِأعوِّذ عمريَ من فشلٍ في الظلالِإذا كانَ لا بدَّ أنْ أفشلا******فشلٌ في الكلىوأنا الآنَ في عزلتيإنَّما لم أكنْ أعزلامعي صوتُ أمييزمِّلني في سكينتهِ كلَّما بسملاغرفةٌ في أعالي الطوابقِلكنَّهاغرفةٌ من سكونٍ عميقٍ يسافرُ بي أسفلاسُكوتي القبوريُّيحضنُني كالسريرِوفيما تجيءُ الحياةُ مُكمَّمةًتطرقُ البابَ حينًاوحينًا تُباغتُني مدخلاتجيء الحياةُتدافعُ عن نفسها من خلاليَتنقذُ ما ظَلَّ منها لديَّوتفتحُني أملاوأرصدُ إيقاعَها حول قبريَ..كان بطيئًا ومستعجلا!!تجيءُ الحياةُ مُمرِّضةًتتفحَّص رقمَ (السوار) على ساعديكي تؤكِّدني في أنايَ..تجيءُ على شكلِ عاملةٍ للنظافةِأو وجبةٍ للطعامِ..تجيءُ هواجسَ ضدَّ المنامِ..تجيء المُخَدِّرَ في إبرة (الكورتيزونَ)..تجيءُ جهازَينِ للضغط والسكريِّ..تجيءُ الحياةُ على ألفِ وجهٍتُتِمُّ مُهِمَّتَها في المكانِ، وتتركُني مُهمَلاتجيءُ الحياةُ مجيءَ القصيدةِلا شَبَحًا مُطلَقًا في الفضاءِ ولا مَلَكًا مُرسَلاوبين المجيئَينِ يلتبسُ الدربُحيث الحياةُيقابلُني وحيُها صاعدًاوالقصيدةُيهبطُ لي وحيُها مُنزَلاوفي داخلييلتقي الوحيُ بالوحيِيندلعُ البرقُ في البرقِأذكو وأذكو وأذكوفأسطعُ في لغتي صاعقًا مُذهِلاهكذا أتسامى على حاجز الوقتِحيث الحياةُ تُسَجِّلُني حاضرًاوالقصيدةُ مستقبلا.< Previous PageNext Page >
مشاركة :