لبنان: دعم عون ترشيح صهره لرئاسة «التيار الوطني الحر» يهدد قواعده الشعبية

  • 8/23/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

زعزع الاتفاق على اسم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لرئاسة «التيار الوطني الحر» الذي يترأسه النائب ميشال عون، بوصفه «انقلابًا على أدبيات التيار» القائمة على تكريس مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة على قاعدة الانتخابات، ومواجهة التوريث. واصطدم القرار الأخير بجملة معترضين، بينهم قياديون في التيار، قرأوا في نتيجة الانتخابات استبعادًا لـ«مناضلين» كانوا قد واجهوا السلطتين اللبنانية والسورية بعد إبعاد عون إلى فرنسا إبان فترة الوجود السوري في لبنان، في حين أذعنت سلطة التيار لـ«المتمولين» و«أقرب الأنسباء» وهو صهره الوزير باسيل. وظهرت الحركة الاعتراضية على شكل أصوات طالبت بـ«إصلاح التيار من داخله» و«عودة العماد عون إلى الشخص الذي آمنا به بثوابته وقيم تياره الحزبية». وعلى الرغم من القراءة السياسية التي تراهن على أن باسيل «شخصية حوارية من شأنها أن تخلق انفتاحًا في صفوف التيار على أقطاب سياسية لبنانية، بدليل تجربته في موقع وزارة الخارجية»، كما يقول نائب رئيس البرلمان السابق إيلي الفرزلي، المقرب من عون، فإن تفاعل الحركة الاعتراضية يحمل مؤشرات على انقسامات التيار في المستقبل بعد غياب «ضمانة عون نفسه للتيار»، وبالتالي تحوله إلى «تيارات». على الصعيد السياسي اللبناني، لا يتوقع الفرزلي - حسب تعبيره - تغييرات دراماتيكية في الإدارة السياسية العامة في لبنان، بعد انتخابات التيار، ورأى في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» أن «استعداد باسيل للحوار والانفتاح على مختلف الأقطاب السياسية المحلية والإقليمية، هو موضوع جاهز، وقد تبرهن عبر توليه موقع وزير الخارجية... والمهم أن تتلقف الأطراف السياسية الأخرى هذا الاستعداد للحوار والذهاب باتجاهه، وطي صفحة التصادم بالعلاقات، ولا تتعامل معه على طريقة إدارة الظهر». غير أن المعترضين يؤكدون أن المشكلة ليست مع الوزير باسيل بل مع «طريقة إخراج التسوية، والضغط على المرشحين والناخبين والتملص من الانتخابات»، كما قال أحد المناصرين المعترضين على الانتخابات؛ إذ قال القيادي طوني حرب، الذي تقدم باستقالته من التيار بعد تسوية الانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاعتراض «ليس على باسيل، ولا على عمله كوزير، بل تقع المشكلة في التنظيم الداخلي الذي كان مسؤولاً عنه على مدى عشر سنوات... فضلاً عن عدم السماح بإرساء نهج جديد بالعمل الحزبي لإصلاح الضرر، وانحياز (النائب ميشال) عون إلى باسيل من دون أن يتخذ موقف (الأب غير المنحاز)»، مشددًا على أن تلك الأسباب «كافية لمواجهة الانتخابات ودعم مرشح آخر». ويعبّر مناصرو التيار عن «إحباط» نتيجة التوصل إلى تسوية، مع أن باب الترشيحات للانتخابات من الناحية الرسمية لا يزال مفتوحًا حتى 27 من الشهر الحالي، على أن تُجرى الانتخابات في 20 سبتمبر (أيلول) المقبل، ولقد أعلن فارس لويس، الأمين العام السابق للتيار في فرنسا، بالفعل ترشحه للانتخابات. من جهة أخرى، أوضح العضو السابق في لجنة التثقيف في التيار مارك الأسمر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاعتراض «هو حركة إصلاحية للتيار، وليس تنصلاً منه»، مشيرًا إلى أن الاعتراض على المدى القصير «محصور بقضية الانتخابات والضغط على مرشحين للأنساب» في إشارة إلى النائب آلن عون، وأضاف: «إنه تيار، وليس حزبًا في الأساس، يعني حركة شعبية ليست عائلية ولا إقطاعية، وما نحاول قوله أننا نطبق ما قاله الجنرال وآمنا به، وما زلنا في التيار وسنبقى فيه، ولا نرضى أن يصبح حزبًا عائليًا». أما في السابق، فقد «بدأت المشكلة مع تعديل القانون الداخلي، ومنع المساءلة المالية لرئيس التيار»، بحسب الأسمر، الذي تابع أن الاعتراض «لا يعني أن هناك انقسامًا، فنحن من التيار وراغبون بالبقاء فيه، لكننا نريد الجنرال الذي نعرفه، الشجاع الذي يواجه ويصحّح، ولا يحول التيار إلى حزب عائلي، بل يضع الشخص المناسب في المكان المناسب». وفي حين يرى مراقبون أن حملة الاعتراض يمكن أن تتوسع مع تمزيق كثيرين لبطاقاتهم الحزبية على خلفية التسوية الانتخابية، ما يهدد القواعد الشعبية للتيار، يؤكد حرب أنه «من جهتنا، ليس من الوارد أن يكون هناك انشقاقات، لأن الخلاف غير سياسي». وشرح قائلاً: «إننا مقتنعون بطروحات عون الأساسية، رغم اعتراضنا على إدارته لملف الوضع الداخلي وموقفه من سوريا وتحفّظنا على العلاقة مع بعض الحلفاء»، لكن «هذا السبب لا يشكل نواة لانقسام سياسي، نظرًا إلى غياب خلاف كامل، بينما يقتصر الخلاف على الشق التنظيمي». وأردف: «هناك حركة الاعتراض بعد الموقف الأخير، وإحساس بالخيبة عن رفقاء حزبيين، لكننا نتمنى ألا تكبر هذه الحالة كي لا تساهم في إضعاف التيار». وفي المقابل، يراهن كثيرون على أن الحفاظ على وحدة التيار يوفرها عون نفسه، الذي يعد «ضمانة للقاعدة الشعبية». وحول هذا الجانب يقول الفرزلي إن القاعدة الشعبية للتيار الوطني الحر «ستبقى مؤمّنة، وستتجمّع حول الشعار الذي رفعه عون»، مشيرًا إلى أن «المعيار الحقيقي هو النائب إبراهيم كنعان الذي تربطه علاقات بجميع الأطراف في التيار، ويجسّد تقاطع الطرفين في التيار اللذين كانا يمثلان القياديين في لبنان أو خارجه خلال فترة وجود عون في باريس، ولقد صاغ علاقات حقيقية لتؤكد وحدة القواعد»، وتابع أن «الجنرال عون حريص عليها، وبوجوده يستطيع أن يؤمن الاستمرارية». وحسب الفرزلي «يجب ألا تتم المراهنة على تفكيك قواعد التيار الشعبية، لأن القاعدة هي الحالة العونية وليس التيار بحد ذاته كحزب... وإذا حصل خروج أشخاص من الحزب لأسباب شخصية، فهي حالات فردية لا تؤثر على الوحدة العونية، ذلك أن القياديين تجمعهم حالة رفاقية سواء كانوا في لبنان أم باريس». على صعيد آخر، يؤخذ على «التيار الوطني الحر» أنه من أبرز الدعاة لإجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية اللبنانية من قبل الشعب، كما يعد من أبرز المعارضين للتمديد للبرلمان اللبناني. وهو الآن في الوقت نفسه يحاول إفقاد الانتخابات شفافيتها عبر اختيار مرشح توافقي، بعد إجبار عون ابن شقيقته النائب آلن عون على سحب ترشيحه مقابل صهره باسيل، كما يقول المعترضون. غير أن الفرزلي يرى أنه من الصعب الخروج بأحكام مشابهة، كون تجربة التيار «فتية على مستوى المسألة الانتخابية، لأنها المرة الأولى التي تشهد تجربة لصناعة العلاقة الحزبية بين أركان التيار». ويقول نائب رئيس البرلمان السابق إن قضية «الائتلاف السياسي والحزبي أمر قائم على مستوى كامل الأحزاب في العالم، وبالتالي لا يمكن الخروج بخلاصات بأن هناك موقفًا ضد الانتخابات». ورأى الفرزلي أن «المعركة الانتخابية وقعت في الإعلام، وخلصت إلى ائتلاف في داخل الحزب، وهو أمر مغاير للتمديد للمؤسسات الدستورية اللبنانية خلافا للنص القانوني». ثم أضاف: «نحن كغرباء، ولا علاقة لنا بالتيار، نقرأ الموضوع من زاوية سياسية لناحية انعكاساتها على المستوى الوطني، ونرى أنها تشجّع، وتدفع لتقديم النصح لأطراف سياسية أخرى بالتعاطي مع التيار بأسلوب جديد، بالنظر إلى انفتاح باسيل وتجربته الحوارية مع الأطراف اللبنانية». في هذه الأثناء، تبرز حركة المعترضين بين أعضاء التيار في فرنسا وأستراليا وكندا، ويقول مارك الأسمر لـ«الشرق الأوسط» إن ضغوطًا تُمارس على المعترضين هنا، مشيرًا إلى «غياب في الشفافية لناحية الانتخابات، إذ نرصد منع منح بطاقات حزبية عن معترضين، إضافة إلى أن تلفزيون (أو تي في) التابع للحزب، لا يمنح المرشحين فرصًا متساوية، إذ يعطي باسيل حق الظهور مقابل منع فارس لويس من الظهور عليه»، إضافة إلى «80 في المائة من أعضاء اللجنة الانتخابية هي من الماكينة الانتخابية لباسيل». وتابع الأسمر، الذي يدعم المرشح لويس، أن التأخير في إعلان لائحة الأخير «يعود إلى أننا نبحث عن أعضاء غير مسيحيين لمنصب نائب رئيس التيار، كون التيار وطنيًا، وليس مسيحيًا في الأساس، غير أن الخطاب المسيحي الذي تبناه عون قلل عدد الأعضاء غير المسيحيين».

مشاركة :