وصف اقتصاديون وتنفيذيون، في مقابلة مع "العربية"، التغييرات الظاهرة في ميزانية السعودية 2021، بأنها تعكس التغيير الهيكلي في المالية العامة للدولة، مثلما تظهر حجم الإصلاحات المالية والمؤسسية المترافقة مع رؤية المملكة 2030، إلى جانب تأثير الإجراءات السريعة والجريئة في دعم القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا. وأضاف الخبراء أن الإصلاح المؤسسي ترافق مع الإصلاح المالي، وعلى رأس تلك الإجراءات إصلاح منظومة الشراء العام واعتماد شفافية أكبر بالعمليات المالية التي تقوم بها الدولة في استخدام المال العام، وهي إصلاحات المالية العامة، إذ إنه وفي كل البلدان بالعادة تولد هذه الإصلاحات وفورات مالية كبيرة على طول سلسلة عملية الإنفاق وتظهر تطبيقاتها في إعداد الميزانية العامة.إصدارات دين بدورها قالت كبيرة الاقتصاديين في Jefferies International علياء مبيض، إن توسيع مروحة تخصيص بعض خدمات بخاصة في البنى التحتية، ستزيد من نسبة الاستثمار الخاص لدفع عملية النمو في المملكة، مضيفة من جانب آخر أن هناك تركيزا كبيرا على تنويع مصادر التمويل في مختلف الدول، وفي المملكة فإن هناك فرصة كبيرة لإصدارات الدين السعودية في العام المقبل، وبخاصة الإصدارات الخارجية، بتقديرات تشير إلى 15 مليار دولار. وأشارت مبيض إلى إجراءات السعوية في مواجهة آثار الجائحة عبر دعم النمو من جهة، وذلك بالرغم من خفض الإنفاق الاستثماري، لكن تظل هناك قنوات أخرى منها الإبقاء على جزء كبير من الإنفاق الاجتماعي على قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية الضرورية لمواكبة الخروج من أزمة الجائحة. وقالت إن هذه الإجراءات تأتي، بالتوازي مع تقديرات تعافي الاقتصاد العالمي، وهو ما يمكن من المحافظة على الاستقرار المالي والإبقاء على أحد أهم الإصلاحات الجرئية، وهو رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة لتنويع مصادر التمويل، والتأكيد على التزام مسار إصلاحي لزيادة الإيرادات غير النفطية. من جانبه قال المؤسس والمدير التنفيذي في كوانسيا كابيتال، ماجد كبارة، إن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة تظل عند معدل 34% وهذا يمنح الفرص لتنويع مصادر التمويل أو الدخل الكلي، إلى جانب تمويل العجز من الاحتياطيات، ومن أسواق الدين الداخلية والخارجية، أو عبر تخصيص أو بيع اصول استراتيجية.إنفاق استثماري واستبعد كبارة حدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط، بعد أن قامت مجموعة أوبك+ بتأخير زيادة الإنتاج حتى لا تشكل ضغطا جديدا على أسعار النفط، ولذلك فإن الإيرادات النفطية ستظل قريبة من الإيرادات غير النفطية في ميزانية المملكة، بما يترافق مع التوجه لزيادة الإيرادات غير النفطية، وبالتالي يعزز التغير الهيكلي الذي تشهده إيرادات الميزانية. من ناحيته اعتبر محلل الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية هيرميس، محمد أبو باشا، أن الإنفاق المرتقب من صندوق الاستثمارات العامة، لن يوازي خفض الإنفاق الكلي الذي كان حجمه بلا شك أكبر بكثير، موضحاً أن الأرقام تشير إلى إنفاق متزايد من صندوق الاستثمارات العامة بقيمة 96 مليار ريال للعام الحالي ويرتفع إلى 150 مليار ريال العام المقبل. واعتبر أبو باشا أن هذا إنفاق لا يعوض بالكامل خفض الإنفاق العام، لكن تظل الاعتمادية الأكبر على رفع كفاءة الإنفاق وجودة الإنفاق، وسرعة إنجاز المشاريع، واستدامة كفاءة الإنفاق.
مشاركة :