إقبال على العقود الآجلة للنفط وسط توقعات بتعافي الطلب وارتفاع الأسعار

  • 12/16/2020
  • 23:46
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها بفعل التقدم الإيجابي والسريع في توزيع لقاحات كورونا في عديد من دول العالم خاصة في الولايات المتحدة، إضافة إلى تراجع الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط، إضافة إلى قيود “أوبك+” على المعروض النفطي، التي تتجه إلى زيادة محدودة بنحو 500 ألف برميل يوميا في يناير المقبل. ويكبح المكاسب السعرية استمرار الإغلاق في أوروبا وتشديد إجراءات مكافحة كورونا، إضافة إلى حدوث زيادة غير متوقعة في مستوى المخزونات النفطية. ويقول لـ”الاقتصادية” مختصون ومحللون نفطيون: “إن مكاسب أسعار النفط الخام تتوالى، حيث إنها سجلت أعلى مستوياتها منذ أوائل أبريل الماضي، وذلك بعد اعتماد اللقاح الجديد في الولايات المتحدة بشكل طارئ وبدء التطعيم الجماعي الموسع من اليوم، لافتين إلى استمرار نهم شراء العقود الآجلة للنفط في ظل معنويات وتوقعات إيجابية لتعافي الطلب ومن ثم الأسعار. وأوضح المختصون أن الدفعة التي تلقتها الأسعار بسبب أنباء اللقاح قد لا تصمد كثيرا إذا لم تكن أساسيات السوق مستقرة وعلاقة العرض والطلب متوازنة بشكل كبير، كما أن الجميع يدرك أن انتشار اللقاح ووصوله إلى أغلب السكان في كل دول العالم قد يحتاج إلى وقت أطول من التقديرات السابقة، وذلك في ضوء تحديات تتعلق بكل من الوفرة واللوجستيات. ولفت المختصون إلى صدور عديد من التوقعات الإيجابية لأسعار النفط الخام في العام المقبل 2021، مشيرين إلى أن بنك جولدمان ساكس - على سبيل المثال - يتوقع استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار النفط الخام، لتسجل 65 دولارا للبرميل لخام برنت في العام الجديد مفسرا ذلك بأن نقص الاستثمار الهيكلي في النفط والغاز سيضع ضغطا تصاعديا على أسعار النفط. وفي هذا الإطار، يقول جوران جيراس، مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا، “إن معنويات السوق في تحسن مستمر، ما أدى إلى تسجيل أعلى مستوى من المكاسب منذ أبريل الماضي، لافتا إلى أن شهية التجار والمستثمرين في المخاطرة تتسع على نحو واسع وملموس، وذلك على الرغم من استمرار حالات الإغلاق في أوروبا ووجود وضع غير مؤكد بشأن التطعيمات وحذر من السكان في الإقبال على اللقاح. وأشار إلى أن علاقة العرض والطلب على النفط ستظل هي المحرك الرئيس والمستدام للأسعار، لافتا إلى أن العام المقبل سيشهد تغيرات مؤثرة في السوق، ويتخوف البعض من تجدد حالة تخمة المعروض النفطي في الأسواق، حيث تستعد “أوبك+” لبدء ضخ نصف مليون برميل يوميا أكثر بدءا من يناير المقبل، ويتواكب ذلك مع ضخ الولايات المتحدة مزيدا من الإمدادات بالفعل حيث استفاد منتجو النفط الصخري من ارتفاع الأسعار أخيرا، وكذلك أيضا ليبيا التي أنتجت 1.25 مليون برميل يوميا في وقت سابق من هذا الشهر. وترى، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا، كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن رحلة تعافي الطلب قد تكون شاقة وبطيئة خاصة أن حجم التدمير كان واسعا وعلى مدار قرابة العام وطال بشكل كبير قطاع السفر الجوي الذي يواجه صعوبة بالغة في العودة إلى المستويات الطبيعة قبل اندلاع الوباء في عام 2019، مشيرة إلى تخفيض “أوبك” توقعاتها للطلب على النفط لهذا العام كما توقعت في تقريرها الشهري أن ينخفض الطلب بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا منذ بداية العام بمتوسط 89.99 مليون برميل يوميا كما تم تعديل توقعات الطلب لعام 2021 بالخفض. ولفتت إلى أن أعباء السوق قد تتفاقم مع عودة إنتاج بعض الدول التي تراهن على تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، ومنها: فنزويلا وإيران، والأخيرة تتوقع تصدير 2.3 مليون برميل من النفط العام المقبل، حيث تطمح في التوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن بشأن العقوبات التي تخنق صادراتها النفطية حاليا. من ناحيته، يقول بيل فارين برايس، مختص شؤون النفط والغاز، “إن الطلب الآسيوي على النفط الخام في تقدم مستمر، وهو القائد الحالي للطلب العالمي في ظل تعثر الوضع الاقتصادي بسبب الجائحة والإغلاق العام في الولايات المتحدة وأوروبا”، لافتا إلى أن التعافي الآسيوي من الوباء هو بالتأكيد داعم لمزيد من مكاسب أسعار النفط، خاصة في ضوء بيانات صادرة عن الهند والصين واليابان تؤكد حدوث انتعاش في الطلب على البنزين. ولفت إلى أن أغلب الأبحاث والتقارير الدولية التحليلية ترجح أن الانتعاش الحالي في الأسعار، وتحسن أساسيات السوق خاصة الطلب ستتسع في العام المقبل، ما يحفز الأسعار على مزيد من الصعود وجني المكاسب على الرغم من التحديات الحالية المتمثلة في احتمالات تفاقم وفرة المعروض واستمرار بناء المخزونات بوتيرة سريعة نسبيا. ويضيف أندريه يانييف، المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أنه “على الرغم من كل أعباء السوق النفطية في المرحلة الراهنة ما زال النفط الخام يتمتع بتنافسية قوية بين موارد الطاقة المختلفة ويتسم بالوفرة ورخص الأسعار”، مشيرا إلى أنه مع بدء طرح لقاحات كورونا الجديدة على نطاق واسع من المتوقع أن يبدأ المستثمرون في العودة إلى قطاع النفط وأن تستمر الأسعار في حصد المكاسب المتوالية. ونوه بعودة التفاؤل إلى صناعة النفط الخام خاصة مع قناعة الأغلبية بأن الأزمة في طريقها إلى التلاشي. وبحسب تعبير الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، فإن “الضوء بدأ في الظهور في نهاية النفق”، لافتا إلى أن الأزمة الراهنة قد تستغرق بعض الوقت حتى تزول تماما ويتم تجاوزها بشكل نهائي، لكن أبرز المؤشرات المطمئنة هي أن الطلب في تحسن، عادّا هذا هو العامل الوحيد الأكثر أهمية في الوقت الحالي. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، صعدت أسعار النفط أمس، بفعل تراجع الدولار والتقدم في توزيع لقاحات مرض كوفيد - 19، لكن المكاسب كانت محدودة بسبب زيادة مفاجئة في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة وتشديد إجراءات مكافحة فيروس كورونا في أوروبا. وبحلول الساعة 10:17 بتوقيت جرينتش، زادت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 51.01 دولار للبرميل. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 21 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 47.83 دولار للبرميل. وتراجع الدولار الأمريكي الأربعاء مقابل سلة عملات دولية إلى أدنى مستوياته منذ نيسان (أبريل) 2018. وفي الوقت نفسه، يبدو أن لقاح كوفيد - 19 الذي تنتجه شركة مودرنا بصدد الحصول على موافقة تنظيمية هذا الأسبوع بعدما أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنه آمن وفعال. وأعلن زعماء في الكونجرس الأمريكي تحقيق تقدم كبير في أزمة حزمة تحفيز مالي للتخفيف من تداعيات كورونا المستمرة منذ شهور وإقرار مشروع تمويل لتجنب إغلاق حكومي. لكن المعنويات تقوضت بسبب زيادة مخزونات الخام الأمريكية وتشديد إجراءات العزل العام في أوروبا. وذكر معهد البترول الأمريكي أن مخزونات النفط الخام الأمريكية زادت مليوني برميل في الأسبوع المنتهي في 11 كانون الأول (ديسمبر) إلى نحو 495 مليون برميل. وألقى تشديد إجراءات العزل العام في بعض الدول الأوروبية بظلاله على الطلب على الوقود. من ناحية أخرى، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 49.61 دولار للبرميل يوم الثلاثاء مقابل 49.65 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق أول انخفاض عقب عدة ارتفاعات متتالية سابقة، وأن السلة ربحت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 47.79 دولار للبرميل.

مشاركة :