شجرة جميلة

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على حسب رأي الكاتبة والروائية التشيلية المشهورة اليزابيل الليندي فإن هناك اشكالا كثيرة من الحب، ولكن، كما تقول، هذا النوع الذي سوف اتحدث عنه غير مشروط. وتضرب لنا مثالا جميلا فتحكى: على سبيل المثال، الطريقة التي نحب بها الشجرة ، نحن لا نتوقع من الشجرة ان تتحرك او ان تفعل شيئا او ان تكون جميلة. فالشجرة هى مجرد شجرة، ونحن نحب الشجرة لانها شجرة، ونحب الحيوانات بنفس الطريقة، ونحب الاطفال بنفس الطريقة ايضا. وتكمل: لكن عندما تصبح العلاقات اكثر تعقيدا، تبدأ المطالب اكثر! فأنت هنا تريد شيئا مقابل حبك. فلديك توقعات ورغبات، وتريد ان تكون محبوبا بقدر ما تحب وتهوى. وفي هذا العالم الروحي، الذي هو عالم الحب، لا توجد شروط، مثل الطريقة التي احب فيها احفادي. اعتقد انها مثالية. لا يهم ماذا كانوا سيكبرون او يبقون على ما هم عليه لاننى استطيع ان اراهم اولئك الرضع الذين ولدوا للتو، والاشخاص الذين سيكونون عندما يصبحون مراهقين او بالغين. وتختم كلامها الجميل بقولها: الروح ليس لها عمر، ربما هذا ما اردت ان اقول عندما نحب شيئا وبشكل كامل، فأننا نحب جوهره. المؤلم ان الجوهر في الحب تحديدا لا احد يبحث عنه، بل هناك سباق مسافات طويلة وراء الشكل والمظهر والمبادلة والمصلحة وكل ما يمكن ان يفكر فيه القارئ اللبيب. فنظرية مثل الحب بدون مقابل او الحب الروحى النقى انتهت في هذا القرن، ولم احد يتذكرها الا في الروايات القديمة والافلام التاريخية. الدنيا تغيرت فقد صرنا نحب الطبيعة الخلابة والبحر الجميل والحدائق الغناء والسفر الممتع والطعام اللذيذ ومشاهدة الافلام الكوميدية والنقود طبعا والانفاق على الكماليات اكثر بكثير من ان تحب امرأة رجلا حبا خالصا نقيا وطاهرا، والعكس صحيح ايضا مع الرجل. لم تتغير الدنيا فقط ، بل تغيرت تغيرا خطيرا وكبيرا اصاب علاقات البشر وجعل بينهم حواجز ونقاط تفتيش وحدودا باسلاك شائكة وموانع لا تحصى ولا تعد. ولهذا لم نعد نستغرب حينما نشاهد الكثير من الغربيين في اوروبا وامريكا وغيرهم من بلدان العالم وهم يحبون كلابهم ويدللونهم، بل ويعشقونهم اكثر من حبيباتهم واولادهم، بل لو ان اشجار الزهور تتحرك وتتفاعل مع البشر لتركوا بيوتهم وعاشوا معها طوال عمرهم. بالنسبة لنا فلم يبق الا ان نحب الاشجار، وبما ان الاشجار عندنا قليلة فعلينا ان نحب النخيل ، فقد يعزينا هذا في الحب الحقيقي بين البشر الذي فقدناه عن سبق الاصرار والترصد!

مشاركة :