تعتبر رواية أساطير الخريف، للكاتب الأميركي: جيم هاريسون، رواية ملحمية، يقول عنها هاريسون أنه كتبها في تسعة أيام، وفكرّ فيها طيلة ثلاث سنوات تحولت إلى فلم شهير عام 1994 بعنوان أساطير الخريف، من بطولة «براد بيت» وحاز الفلم على جائزة أفضل تصوير سينمائيّ. والتي ضمّت ثلاث روايات قصيرة فاتنة، مثالية، ومُحكمة؛ «أساطير الخريف»، «الرجل الذي تخلى عن اسمه»، « ثأر». تمتع هاريسون بالقدرة على توظيف البطل، في وقت أصبحت البطولة شيئاً منعدماً في الأدب الأميركي. وإذ انغمس الكاتب في توظيف صفة البطولة، في زمن اللابطولة، تبدو لنا رواياته القصيرة كأساطير، وما الأسطورة، إن لم تكن تلك اللحظة التي يعيد الكاتب من خلالها طبائع البشر الضائعة. ينطلق هاريسون، مثل دوستويفسكي في روايته الشهيرة «الجريمة والعقاب»، من أحداث بسيطة، ويحوّلها إلى روايات معقدة، متشابكة، يسكنها السؤال الفلسفي، بأسلوب بسيط ومركز، يقوم على الحكي. فهو من الكُتاب الذين يقضون وقتاً طويلاً في التفكير فيما سيكتبه، يُدون الملاحظات، يرسُم معالم شخصياته، وهو يقود سيارته في الطريق إلى «أريزونا»، وأثناء نزهته اليومية وسط غابات «ميتشيغان»، حيث لا يستمع سوى لزقزقة العصافير، وبعد انقضاء أكثر من سنتين يسمح لنفسه بالكتابة. إن العمق والحكمة هما أساس روايات هاريسون القصيرة في «أساطير الخريف». مجّد فكرة البطولة في الرواية الأميركية، وجعل أحد أبطاله يردد: «الرجال الذي يستحقون الموت هم قليلون في النهاية». إن أبطال هاريسون كلهم، دون استثناء، لا يهابون الموت، بل يذهبون إليه بصدور عارية، ويموتون من أجل مبادئهم. مثلهم في ذلك مثل أبطال همنغواي الذين جعلوا من الموت فلسفة حياة. لقد أبعد هاريسون الأدب الأميركي من رخاوة التمدن إلى قسوة الطبيعة، كما قيل عنه بعد وفاته. قال فانس بورجيلي، من صحيفة نيويورك تايمز: «يؤكد لنا الصوت الملحميّ، الغنائي، المطّرد ويعيد التأكيد على أننا نصغي كما يزعم العنوان إلى أسطورة». مقتطفات من الرواية بعض البشر يسمعون أصواتاً داخلية مدهشة تناديهم، ويعيشون حياتهم على هذه الأصوات، وهؤلاء إما أن يصبحوا مجانين أو يصبحوا أساطير. كل شيءٍ كان يتغير كل الوقت، علِم أنّه لن يستطيع لمس التغير لأنه كان يتغير أيضاً، مع كل شيء آخر، ما من نقطةٍ ساكنة. لم يكن سعيداً، ولم يكن غير سعيد، هو يرفض مكاناً بعد آخر، كان يختبر الأشياء من جديد فحسب. قضى عامين محاولاً أن يفهم الحياة المدنية، مدركاً أنّه لم يقبض على شيء.. كانت في نظره بمثابة أمّ نكده وهو يتيم متبنى كانت تعامله بحسنٍ فقط ما دام أداؤه حسناً.
مشاركة :