سقط ثلاثة قتلى وأكثر من 25 جريحاً في الاشتباكات التي اندلعت في مخيم عين الحلوة قرب صيدا في جنوب لبنان، مساء أول من أمس بين حركة «فتح» والاسلاميين المتشددين على خلفية المكمن المسلّح الذي تعرّض له قائد الامن الوطني في منطقة صيدا العقيد ابو اشرف العرموشي في محلّة الكنايات - حطين عند الطرف الجنوبي للمخيم ونجا منه. وأكدت مصادر فلسطينية لـ «الراي» أن القتلى هم ربيع مشعور ومصطفى الصالح وكلاهما من «فتح»، اضافة الى امرأة تدعى نادرة القط وأصيبت بذبحة قلبية اثناء الاشتباكات ولم يتم اسعافها فورا الى المستشفى، الى جانب نحو 15 جريحاً «فتحاويا» منهم قائد كتيبة شهداء شاتيلا العقيد احمد النصر، الذي كان عُيّن بديلاً من العقيد طلال بلاونة الذي اغتيل قبل شهر ونصف الشهر، والمسؤول العسكري في الامن الوطني حاتم ابو سويد واثنان من مرافقي العرموشي، فيما اصيب عنصر واحد فقط من الاسلاميين المتشددين، وآخر من «عصبة الانصار الاسلامية» وشقيق القيادي الاسلامي المتشدد اسامة الشهابي الحاج ممدوح عرَضاً وهو يعبر الطريق في منطقة «الصفصاف». ووصفت المصادر الاشتباكات التي وقعت بأنها «الأعنف والأخطر» التي يشهدها عين الحلوة منذ فترة، واستُخدمت فيها القذائف الصاروخية والقنابل اليدوية والقنص الذي طاول للمرة الأولى أطراف مدينة صيدا لجهة المخيم، ما دفع الجيش اللبناني الى قفل بعض الطرق الرئيسية تحسباً، ومنها الاوتوستراد الشرقي الجنوبي، واتخاذ تدابير امنية لحماية مراكزه العسكرية التي وصل اليها الرصاص، فيما اسفرت المواجهات داخل المخيم عن اضرار مادية كبيرة في الممتلكات من المنازل والسيارات والمحال التجارية. وشبهت المصادر عين الحلوة بانه «برميل من البارود المتفجر الحارق» تضافرت جهود القوى لسحب فتيل اشتعاله ،بعدما توسعت دائرة الاشتباك لتطال كل أطراف المخيم الذي تحوّل الى خطوط التماس بين الطرفين، موضحة ان شرارة المعارك من منطقة حطين ـ جبل الحليب لتمتدّ سريعاً الى منطقتي الطوارئ- البركسات، والطوارئ - الشارع التحتاني، اضافة الى منطقة الطيري - سوق الخضار في الشارع الفوقاني، أي الى جميع أنحاء المخيم وصولا الى منطقة الصفصاف - بستان القدس، التي شهدت اطلاق نار متبادلا للمرة الاولى. غير ان اللافت، أن هذه القوى كانت تتوقع انفجار الوضع الأمني لسببين: الاول عدم معالجة ذيول الاشتباكات الاخيرة كلياً في أعقاب اغتيال قائد «كتيبة شهداء شاتيلا» العقيد طلال الاردني، وما تبعها من أحداث أمنية متنقلة، حيث بقي التوتر والاحتقان بشكل يومي، اضافة الى تقطيع أوصال مناطق نفوذ الاسلاميين المتشددين واقامة المربعات الامنية، والثاني اتهام بعض القوى الفلسطينية بعقد صفقة مع القوى الامنية اللبنانية أفضت الى تسليم المطلوب للعدالة الشيخ احمد الاسير، رغم نفي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لذلك. وأبلغت مصادر فلسطينية «الراي» أن مدير مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود لعب دوراً محورياً في التوصل الى وقف لاطلاق النار في عين الحلوة، بعد مساع حثيثة بذلها مع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، وشارك فيها بفعالية سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور مع مسؤولي الفصائل كافة ، داعياً اياهم الى حماية المخيم من «التفجير الكبير». وعلمت «الراي» أن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد واكب هاتفياً الاشتباكات وأجرى اتصالات مكثفة مع السفير اشرف دبور، وامين سر حركة «فتح» في لبنان فتحي ابو العردات، وقائد الامن الوطني اللواء صبحي ابو عرب، وبدا الاتجاه نحو عدم اتخاذ قرار حاسم بخوض «معركة شاملة» ضد الاسلاميين المتشددين، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالواقع الفلسطيني «المأزوم» بين «فتح» و«حماس» تحديداً، وبالواقع اللبناني على خلفية الخلافات السياسية وما جرى في بيروت من تظاهرات. وميدانياً، تجاوزت القوى الفلسطينية قطوعاً امنياً واتفقت على وقف اطلاق النار مرتين: في الاولى انهار ليلاً وفي الثانية صمد نهاراً (امس) قبل الانطلاق بمسيرة سياسية شعبية لتثبيته، ونشْر القوة الامنية المشتركة في مناطق الاشتباكات، وذلك عقب الاجتماع الطارئ الذي عقدته «اللجنة الامنية الفلسطينية العليا» في مركز النور في المخيم، والذي ابلغ بعده الناطق الرسمي باسم «عصبة الانصار الاسلامية» الشيخ ابو شريف عقل «الراي» ان «النيات كانت صادقة في الالتزام بوقف اطلاق النار ووقف نزيف الدماء في المخيم»، فيما قال عضو المكتب السياسي لـ «جبهة التحرير الفلسطينية» صلاح اليوسف الذي شارك في الاجتماع «ان القرار كان حاسما بضرورة وقف اطلاق النار بعد الخوف والهلع الذي اصاب الناس وادى الى نزوح كبير».
مشاركة :