مؤتمر الناشرين العرب الخامس يناقش صناعة المحتوى والتحديات

  • 12/19/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استجابة لما ألقت به جائحة كورونا من تحديات وتعطيل لحركة النشر والثقافة في الوطن العربي، عقد مؤتمر الناشرين العرب الخامس عن بعد تحت عنوان "صناعة المحتوى والتحديات" لمناقشة هذه التحديات، وطرح حلول ومقترحات لإعادة تنشيط حركة النشر المرتبطة بالحياة الثقافية العربية.اشتمل المؤتمر على خمسة محاور، تحمل في طياتها حلولا مقترحة لحل ما يعترض قطاع النشر العربي من مشكلات في ظل الجائحة، وإرساء خطة اتحاد الناشرين العرب لتطوير صناعة النشر مستقبلا.وشكل تحدي فقدان حركة النشر العربية للعديد من المثقفين والناشرين وصانعي المحتوى العرب، إصرارًا على مواجهة تداعيات الجائحة على هذا القطاع الحيوي، وفق ما تقدم به الناشرون في هذا النطاق، لتشكل تحديًا طرحت فيها قضايا تشغل تفكير المثقف والناشر العربي معًا.وخلال يومين من عمل المؤتمر، الذي انطلقت جلسته الافتتاحية بمشاركة شخصيات عربية وأجنبية، ركَّزت في أطروحاتها على الدفع نحو تطوير المحتوى وصناعة النشر والإنتاج الفكري والثقافي العربي، بما يتواءم وحاجة المجتمعات العربية الراهنة.وتحدث وزير الثقافة التونسي الأسبق الدكتور محمد زين العابدين، عن أهمية النشر ودوره في هذه المرحلة الفاصلة، وقدمت الشيخة بدور القاسمي نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين، رسالة طمأنة فيها المشاركين، بأن الواقع مبشر برغم الصعاب، وأن صناعة النشر العربية تتطور جيدا، بينما تحدثت الدكتورة حياة القرمازي من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، حول واقع تطور صناعة النشر العربية ورؤيتها الساعية لتطوير هذا القطاع.وأكد محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب، أن رؤية الناشر العربي تركز على تحدي الأزمة الراهنة التي يمر بها هذا القطاع، وأطلق دعوة لاقتراح مقترحات وحلول تنهض به.في المحور الأول "المحتوى وأهميته وفوائده"، أدار جلسته الدكتور محمد عبداللطيف رئيس اتحاد الناشرين العرب الأسبق، تحدث مدير إدارة المعلومات والإتصال في (الألكسو) الدكتور محمد الجمني، عن تجربة المنظمة في التعليم الإلكتروني، مستعرضًا تقريرًا بشأنها في العالم، وأكد أن الناشرين العرب يطورون أداءهم ودورهم الرئيسى في العمل الثقافي والتعليمي، الورقي أو الرقمي، لافتًا إلى أهمية أن ينظر لما صاغه التعليم الرقمي عبر توظيفه للتكنولوجيا، متجاوزًا الوسائل التقليدية، وأخذ هذه المسألة بالإعتبار.المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمنصة أبجد المتخصصة بالمحتوى الرقمي إيمان حيلوز، بينت أن الاتجاه للنشر الرقمي يحارب القرصنة، ويمكن من الوصول لغالبية الفئات، وبخاصة الشباب، وما يستتبع ذلك من زيادة في المبيعات وتحقيق عائدات مالية تساعد دور النشر على التطوير.ودعت لاطلاق منصات عربية للنشر الرقمي، مبينة أن جمهور الكتاب العربي واسع، متوقعة في هذا الصدد أن هناك أكثر من 180 مليون عربي، يستخدمون الأجهزة الوسيطة للوصول لمثل هذه المنصات.كما أكد المدير التجاري لـ(كتاب صوتي) ومدير النشر في (ستوريتيل) المنطقة العربية حسام القماطي، زيادة الإقبال على المحتوى الصوتي في الفترة الأخيرة ليتجاوز 6 % عن السابق، معتبرًا أن هذه نسبة عالية.وقال إنّ المحتوى الصوتي يمكن الإستفادة منه، لأن الطلب عليه كبير لوجود مستهلكين له يتزايدون باستمرار، ولفت لإرتفاع الطلب في الفترة الأخيرة على الكتب الصوتية في الوطن العربي، مبينا أن منتجي النشر الصوتي يسعون لإقناع الناشرين بهذه التجربة، عبر التعاقد مع شركات معنية وإيجاد القارئ المناسب استعدادًا للتغيير، بخاصة وأن عام 2020 شكل أكبر دليل على ضرورة التغيير و"الأرقام في تزايد، ولا بد من التركيز عليها على المدى الطويل، والإبلاغ عن قنوات القرصنة عبر الناشرين".المحور الثاني، وأدار جلسته الدكتور حسام لطفي المستشار والخبير بالملكية الفكرية كان حول "أثر القرصنة على اقتصاديات صناعة المحتوى"، وبين القاضي بمحكمة استئناف القاهرة المختص بجرائم المعلومات والقرصنة على شبكة الإنترنت الدكتور عمرو شكري أن القرصنة أدت لخسائر كبيرة للناشرين العرب، وأن أهم أسباب ازدهارها، عدم فرض قيود على الكتب المستوردة، وانتشار التكنولوجيا، وضعف التشريعات، والفشل باتخاذ الإجراءات.كما كشفت ناشرة ورئيسة مجلس إدارة دار نهضة مصر داليا إبراهيم، عن تراجع نسبة الإنتاج العربي الجديد إلى 51 %، مبينة أن نسبة مبيعات الكتب الرقمية ارتفعت عالميًا، لكنها حذرت من خطورة النشر الرقمي لأنه لا يمكن فيه ضمان الحقوق الفكرية للمؤلفين للناشرين على شبكة الإنترنت.كما أشار الأستاذ وليد أبو فرحات المحامي المختص بالملكية الفكرية أن القرصنة تؤثر سلبًا على الإبتكار و تنتج تدني في نوعية المؤلفات و تؤثر سلبًا على إنتاج الكتب وعلى الإقتصاد. ودعى إلى المساهمة بإطلاق المبادرات لحماية الحقوق قبل القرصنة وليس بعدها.في اليوم الثاني، استأنف المؤتمر جلساته، مستعرضًا تجارب عربية وعالمية في مواجهة الأزمة الراهنة، وكيفية تجاوزها بأسرع وقت، وشدد رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين السابق الدكتور فتحي البس على أهمية صناعة النشر باعتبارها قلب الصناعات الثقافية ورافعتها ومادتها الخام، وأنها أحد أعمدة التنمية البشرية المستدامة.كما بين مدير عام دار المنهل الأستاذ خالد البلبيسي بأن "مشكلتنا كناشرين، تكمن في عدم مواكبة التطور الهائل في المرحلة الحالية، وارتفاع تكاليف الإنتاج والضرائب التي تؤثر سلبًا على صناعة النشر".ولفت إلى أن الشركات العالمية، بدأت بمراجعة استراتيجياتها وخططها للتأقلم السريع مع التطورات الراهنة، موضحًا أن إتاحة المحتوى الرقمي للجمهور، ظاهرة غير مسبوقة، اختصرت الزمن نحو الحل الرقمي، منوها بالمبادرات العربية في هذا الشأن، لكنها لم تلق الدعم الكافي، مشددًا على أن الجائحة أحدثت أزمة اقتصادية كبرى في أوساط الناشرين ما يستدعي "المبادرة وبخطوات سريعة لإيجاد حل، وعلى كل ناشر توفير منصات لبيع منتجاته ومعارض افتراضية، وتقوية التسويق بشكل جيد".الجلسة الرابعة كانت بعنوان "تسويق المحتوى في ظل الأزمة الحالية"، كشف فيها رئيس الجلسة رئيس اتحاد الناشرين السوريين ورئيس لجنة التطوير المهني في الاتحاد هيثم الحافظ أنه "في القرن الماضي كنا نقول إننا نعيش في عصر السرعة، لكن هذه السرعة تضاعفت بشكل مذهل، وبتنا جميعًا في سباق مستمر مع الزمن، لذا علينا أن ننطلق نحو تطوير صناعة النشر في الوطن العربي، ورؤيتنا تكمن في تطوير التسويق لاسيما وأننا اليوم أمام عالم افتراضي وبحاجة إلى تسويق جديد ورؤية جديدة".وأضاف أن التسويق لم يعد يشبه صورته الماضية، ويحتاج لرؤية جديدة فاعلة ومفعلة فـ"لنعمل معا لتطوير هذه الصناعة من رؤية تسويقية متطورة خاصة أننا في ركب حضاري كبير يقول: (إن أفضل قاطرة تقود الشركات هي قاطرة التسويق)، فدعونا الآن نتماشى مع تسويق مميز وإيجابي في عالم تحول إلى اقتصاد المعرفة".وقال رئيس الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس إن من أسباب تعثر دور النشر، ضعف التسويق الذي "بات هما يطارد الناشر منذ زمن، وإن كان الكتاب الجيد يسوق نفسه، لكن الإبتكار في التسويق واستغلال التكنولوجيا بات مطلوبًا".ودعا لاستخلاص النتائج والعبر من الأزمة الحالية، ووضع رؤية استرشادية يمكن النفاذ منها نحو المستقبل، مبينًا أنه من الضروري دعم دور النشر والناشرين، باعتبارهم يقومون بأعمال ليست بمجملها تجارية، ولديهم رسالة ثقافية واجتماعية وتربوية.كما تحدث الخبير الإعلامي في التسويق الإلكتروني وتسويق المحتوى عمار محمد مبينًا "أن دور النشر عليها أن تعمل لتحقيق الانتشار من خلال الخبراء"، مشيرًا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تؤثر على عملية نشر الكتب، وهناك اليوم أكثر من 1000 منصة نشر حول العالم، ولا بد من أن نحسن اختيار المنصات، بخاصة أن نحو 80 % من الأفراد باتوا يتواجدون على المنصات المختلفة"، داعيًا دور النشر لاحتضان الجيل الجديد.مدير النشر في شركة العبيكان محمد الفريح رأى أن الأزمة نمط معين من المشكلات والمواقف التي يتعرض لها الفرد أو الجماعة، معتبرًا بأن الأزمات تصنع الفرص.وأشار إلى أن الأزمات التي يعانيها الناشرون حاليًا، ليست فقط وليدة الجائحة، فهناك كوارث وحروب وغلق أسواق وارتفاع أسعار و"المحتوى الرديء غير المطلوب، أو الذي تكون تكلفته عالية، أو لا يمكن تطويره، لذا لا بد للمحتوى أن يكون في متناول الجميع وفي الوقت المناسب، وأن يكون مفيدًا وذا صلة بالمجتمع"، معتبرًا بأن التسويق في الأزمات يستهدف جمهورًا أكبر، ويؤمن دخلًا جديدًا ويوفر الوقت والمال واكتشاف فرص جديدة.في الجلسة الأخيرة بعنوان "تحديات المحتوى وتقلباته وأمنه" وأدارها سعد العنزي مدير معرض الكويت الدولي للكتاب، قال السفير الدكتور محمد ربيع أمين عام مجلس الوحدة الإقتصادية، إن الكتاب الورقي ما يزال محافظًا على مكانته برغم التحديات، لكننا أمام تحديات تفرضها الجائحة، إضافة إلى التحديات الرقمية، مما يتطلب منا التعاون والتعاضد لإيجاد الحلول.وبين أنه من الأفضل إيجاد وسيلة مشتركة بين الأساليب التقليدية والتقنيات الحديثة، ووضع استراتيجيات واضحة وتطوير الإدارة، باعتبارها الأداة المهمة للأعمال الناجحة.كما تحدثت جوهانا برينتون من شركة اوفر درايف عن المحتوى الأجنبي، وما يواجهه من تحديات، وهي تشبه إلى حد ما التحديات التي يواجهها الناشر العربي، كما تحدثت نادين أشقر عن المحتوى العربي، مشيرة لوجود تحديات تواجه صناعة الكتاب العربي، مبينة أن هناك نقصًا كبيرًا في الجانب الرقمي، كما أن هناك منصات للكتب بعضها ينشر نسخ (PDF)، تكون لها جوانب سلبية، لذا تم التحول إلى (ePUB3) وقالت إنها تلاحظ تطورًا ملحوظًا عند الناشرين العرب بخصوص النشر الرقمي، عبر أسلوب البيع والتفاعل والنشر الرقمي.وفي الكلمة الأخيرة لمحمد عمر مدير المحتوى العربي في "فيسبوك"، أشار إلى أهمية المنصات الإلكترونية، برغم انتشار كمية كبيرة من الأخبار الكاذبة فيها، مبينًا أن الأولويات يجب أن تصب في التركيز على المعلومات الموثقة، وتطوير آليات كشف المعلومات المغلوطة والحد منها، وإطلاق مركز معلومات خاص بفيروس كورونا للأخبار والنصائح من مصدر موثوق، وهو منظمة الصحة العالمية، وإرشاد نحو ملياري إنسان بالتنسيق مع منظمة الصحة.وعقب انتهاء الجلسات ألقى بشار شبارو أمين عام اتحاد الناشرين العرب، كلمة شكر فيها جميع المشاركين والمحاضرين على جهودهم لإنجاح المؤتمر، مستذكرًا فضل المؤسسين الأوائل للاتحاد، وأعلن أان أكثر من 500 شخص سجل في هذا المؤتمر.كما تحدث محمد رشاد مثمنًا جهود اللجنة المنظمة التي عملت لأكثر من أربعة أشهر متواصلة، واصلت فيها الليل بالنهار للوصول إلى هذه المرحلة، ما أدى لنجاح المؤتمر بشهادة من حضر، مؤكدًا حرص الاتحاد على تطوير عمله دائمًا، وتحقيق توصياته، بما يعود بالفائدة على عالم النشر.وختم محمد السباعي نائب رئيس الاتحاد رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر بشكر من ساهم في هذا المؤتمر، وخص بالذكر رئيس الاتحاد واللجنة المنظمة وشركة الفرات التي نظمته تقنيًا على أمل اللقاء قريبًا في مناسبات مقبلة.

مشاركة :