المصدر:ترجمة: حسن عبده حسن عن «المونتور»التاريخ:20 ديسمبر 2020 * تصاعد التوتر بين تركيا ومنافستها الإقليمية تاريخياً إيران بسبب أذربيجان، حيث اعتقلت إيران مواطنين أتراكاً عديدين بزعم علاقتهم بمهرب مخدرات إيراني، وفي الوقت ذاته تم اختطاف منشقين إيرانيين من إسطنبول، واشتعل التوتر أكثر عندما قرأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قصيدة من تأليف الشاعر الأذري، بختيار فاهابزادا، خلال زيارة رسمية له إلى العاصمة الأذرية باكو، في 10 ديسمبر الجاري، للاحتفال بانتصار أذربيجان على أرمينيا في ناغورني قرة باغ، وكان من بين أبيات القصيدة بيت يقول «لقد فصلوا نهر الأراس وملأوه بالرمل.. ولن يتم فصله عنكم.. لقد فصلونا بالقوة»، ملمحاً إلى الأقلية الأذرية الضخمة في إيران، وإلى النهر الذي ينبع من تركيا ويلعب دور الحدود الطبيعية بين أذربيجان والمنطقة الأذرية من إيران، وهذه المنطقة هي موطن الأذريين الناطقين بالتركية، الذين يشكلون أكبر أقلية غير فارسية في إيران، وينظر إليهم باعتبارهم انفصاليين محتملين يمكن استغلالهم من أي أعداء خارجيين. وبعد يوم من قراءة أردوغان للقصيدة، استدعت إيران السفير التركي في طهران، ديريا اورس، كي تبلغه انزعاجها من شعر أردوغان. وقالت وزارة الخارجية للسفير إن كلمات أردوغان «غير مقبولة ومزعجة»، وأضاف وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عبر «تويتر» أن القصيدة «تشير إلى فصل قسري لمناطق في شمال الأراس عن أرض إيران الأم»، وأضاف: «ألم يدرك أردوغان أنه يقوض سيادة جمهورية أذربيجان؟». وانتقد كبير المتحدثين باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جيليك، إيران في 12 ديسمبر، حيث قال: «ندين اللغة البشعة التي يستخدمها السياسيون الإيرانيون ضد الرئيس، لقد ضلوا طريقهم لدرجة أنهم أخذوا يخلطون بين رئيسنا، الذي طالما اعتبر إيران صديقة وجاراً أخوياً، وبين أعداء إيران». وبعد ذلك جرى اتصال هاتفي بين ظريف ونظيره التركي، مولود شاويش أوغلو، أعلنت على أثره وزارة الخارجية الإيرانية أن «سوء التفاهم» قد انتهى، ومن ثم أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قائلاً: «استناداً إلى تجربتي مع أردوغان، فإني أرى من المستحيل أن تستهدف تركيا وحدة أراضي إيران، وبرأيي أنه بعد المحادثة بين وزيرَي خارجيتَي البلدين، نستطيع القول إن الموضوع قد انتهى». لكن هل انتهى فعلاً؟ تبدو تركيا مهتمة بإنهاء هذا الخلاف مثل إيران تماماً، ففي 14 ديسمبر قالت محطة التلفزة «تي آر تي» العالمية، التي تديرها الحكومة التركية، إن جهاز الاستخبارات الوطني التركي، المعروف اختصاراً بـ«إم آي تي»، اعتقل نحو 11 شخصاً بتهمة علاقتهم بعصابة تهريب مخدرات تركية، وتم توجيه التهمة إليهم بخطف المعارض الإيراني، حبيب تشاب، الذي تم استدراجه إلى إسطنبول على أمل منحه مساعدات مالية، ومن ثم تم نقله إلى إيران، حيث تعرض للضغوط وأجبر على الاعتراف بتهمة مزيفة مفادها مشاركته في استعراض عسكري قبل عامين، ويقال إن مهرب المخدرات الإيراني سيئ السمعة، ناجي شريف زيندشتي، الذي يعمل سراً مع الإيرانيين هو مهندس هذه العملية. وتوحي طريقة نشر هذه القصة، التي سربها مسؤول تركي إلى صحيفة «واشنطن بوست»، بأن تركيا تعمل جاهدة لاتخاذ إجراءات قوية ضد إيران، في الوقت الذي تحاول بناء الجسور مع إدارة الرئيس المنتخب، جو بايدن. وكانت إدارة ترامب قد أعلنت، في 14 ديسمبر الجاري، فرض عقوبات تستهدف مؤسسة المشتريات الدفاعية التركية، بسبب شراء تركيا صواريخ «إس ــ 400» الروسية الصنع. ويتفق الكاتب، سيمور سويكان، مؤلف كتاب «معركة البارونات»، الذي ظهر أخيراً ويتحدث عن مافيات المخدرات في تركيا، على أن السلطات التركية تبدو أنها تعمل جاهدة لإعلان الاعتقالات التي تمت في تركيا، وقال سويكان لصحيفة «المونتور»: «قيام دول أجنبية بعمليات على أراضي دولة أخرى، يعد مشكلة كبيرة جداً لأي دولة، والملاحظ أن تركيا كانت تظل صامتة في السابقة أمام مثل هذه العمليات»، التي كان ينفذها عملاء إيرانيون على الأراضي التركية، وفق ما قاله سويكان في رسالة إلكترونية بعث بها إلى «المونتور». ولطالما كانت تركيا وإيران تتميزان بتقليد يتعلق بتنافسهما، باعتبارهما القوة السنية والشيعية الأكبر في المنطقة، وقال المحلل السياسي المقيم في لندن المحرر السابق لشؤون آسيا في محطة «بي بي سي»، فيرديفس روبنسون: «على الرغم من تنافسهما التاريخي، ظلت تركيا وإيران، بتقاليدهما القوية ومجتمعاتهما المتعددة العرقيات، تحافظان على توازن في علاقتهما الثنائية، واختارت الدولتان التعاون في ما يتعلق بالانفصاليين الأكراد، وبالمقابل امتنعت تركيا عن التعليق أو القيام بأي تحركات يمكن أن تفسر بأنها دعم لنزعات انفصالية بين الأقلية الأذرية الكبيرة». ولكن ما الذي تغير الآن؟ قد يكون تسجيل نقاط بشأن الكعكة مع واشنطن وإسرائيل هو السبب، لكن روبنسون يعتقد أن الشعر الذي قرأه أردوغان ليس على سبيل المصادفة وإنما مداهنة لشريكه القومي المتشدد في الائتلاف غير الرسمي، دولت بهجلي، الذي كان حزبه القومي المتشدد «الحركة القومية» قد أرسل المتطوعين للقتال في أذربيجان خلال صراعها مع أرمينيا، الذي استمر 19عاماً. وقال روبنسون: «عندما سمعت خطاب بهجلي الناري، توصلت إلى النتيجة الحتمية بأن خطابه لم يكن من قبيل المصادفة، وما يحركه هو الضغط القومي ذاته الذي حلّ مكان أيديولوجية أردوغان الإسلامية، وعمل على صياغة السياسة الخارجية لتركيا في السنوات الأخيرة». ويحظى الدعم العسكري التركي لأذربيجان، الذي ثبت أنه كان حاسماً في مساعدتها على استعادة أراضيها، من أرمينيا، بقبول قوي من الأتراك من جميع أطيافهم الأيديولوجية، واكتشفت المحللة السياسية، الين أوزينيان، التي تقيم في العاصمة الأرمينية يريفان، «موجة متجددة من التشدد الوطني» في تركيا التي تعززت إثر الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، وقالت لصحيفة المونتور: «ظهرت هذه الموجة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستطيع الناس صب جام غضبهم وكرههم من دون الكشف عن هويتهم»، وتعتقد أوزينيان الأرمينية أن انتصار أذربيجان كان «مفيداً» داخلياً لأردوغان، وقالت: «إنه كان يلعب دور البطولة في انتصار تركي تحقق على رغم المعارضة الروسية». وتنتشر شعبية أردوغان في أذربيجان نتيجة الدعم الذي قدمه لها، وقالت الصحافية الأذرية، ارزو جيبولييفا، خلال زيارة أردوغان الرسمية لأذربيجان لصحيفة «المونتور»: «بدأت شعبية أردوغان بالتزايد منذ اليوم الأول للحرب بين باكو ويريفان، التي بدأت في 27 سبتبمر الماضي، وكان الاعتراف بالجميل ظاهراً في شتى أنحاء أذربيجان، حيث كان العلم التركي موجوداً إلى جانب العلم الأذري»، وأضافت ارزو: «أي شخص كان يفصح عن معارضته لهذه الحرب كان يوصف بأنه خائن وأنه يكره بلده وشعبه، وكان هناك الكثير من الكراهية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ضد منتقدي الحرب». وكل هذا لم يكن مناسباً لإيران، التي قيل على نطاق واسع إنها دعمت أرمينيا خلال السنوات الماضية، كطريقة لموازنة أذربيجان، ولكن الأذريين في إيران يرفضون ذلك. وقال الباحث الإيراني، حميد رضا عزيزي، وهو زميل زائر للمعهد الألماني لقضايا الأمن الدولية: «منذ بدء الحرب، حدث استقطاب بين النخبة السياسية الإيرانية والعامة، حول كيفية تعامل إيران مع تلك الحرب، فمن ناحية كانت هناك مجموعة من الإيرانيين يرون أنه بالنظر إلى الاعتبارات الدينية والثقافية، يتعين على إيران أن تدعم أذربيجان». وأضاف عزيزي: «لكن الضغوط، التي تشكلها الأقلية الأذرية على شكل تجمعات عامة من أجل دعم باكو، كانت عاملاً قوياً يدفع الحكومة الإيرانية أكثر في هذا الاتجاه، لكن هناك مجموعة أخرى من الإيرانيين يرون أن استعادة أذربيجان لمنطقة قرة باغ من شأنها أن تشكل ضربة قوية لإيران بالمعنى الجيوسياسي، لأن هذا يعني مزيداً من الوجودين التركي والإسرائيلي في جنوب القوقاز الذي يعد العمق التاريخي والاستراتيجي والثقافي لإيران، وكان قيام تركيا بنشر مرتزقة سوريين في قرة باغ مبعث قلق آخر لإيران». وكان عزيزي يشير إلى بيع إسرائيل الأسلحة لأذربيجان، الذي تزايد بصورة ملحوظة خلال أيام القتال، وقال عزيزي: «بالنظر إلى استيعابها لكل هذه المخاطر، اختارت الحكومة الإيرانية دعم أذربيجان في العلن، نزولاً عند ضغوط العوامل الأيديولوجية وضغوط الأذريين الإيرانيين، التي كانت فعالة بشكل كبير، وفي الوقت ذاته كان هناك اعتقاد قوي في إيران بأن الحرب الأخيرة في قرة باغ كانت مبادرة من أردوغان وليس من الرئيس الأذري إلهام علييف. وبناء عليه، فإن الإشارة الصغيرة من أردوغان إلى الأذريين الإيرانيين، التي لا تعد تحريضاً متعمداً، كانت كافية بالنسبة للحكومة الإيرانية كي ترى نفسها أولاً وهي تواجه موجة قادمة من غضب العامة الذين يعارضون دعم إيران لباكو، وثانياً الاعتقاد بأن أسوأ سيناريو، بالنسبة لما يرونه طموحات أردوغان التوسعية، على وشك الحدوث». وتشير محاولات تركيا الرامية إلى تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى أن طاقاتها تتحول من المغامرات العسكرية وراء البحار إلى الدبلوماسية التصالحية، لكن ليس إذا واصل بهجلي نهجه الحالي. أمبيرين زمان صحافية تركية ومراسلة لـ«المونتور» اشتعل التوتر بين إيران وتركيا أكثر عندما قرأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قصيدة من تأليف الشاعر الأذري، بختيار فاهابزادا، خلال زيارة رسمية له إلى العاصمة الأذرية باكو، في 10 ديسمبر الجاري، للاحتفال بانتصار أذربيجان على أرمينيا في ناغورني قرة باغ. وكان من بين أبيات القصيدة بيت يقول: «لقد فصلوا نهر الأراس وملأوه بالرمل.. ولن يتم فصله عنكم.. لقد فصلونا بالقوة»، ملمحاً إلى الأقلية الأذرية الضخمة في إيران، وإلى النهر الذي ينبع من تركيا ويلعب دور الحدود الطبيعية بين أذربيجان والمنطقة الأذرية من إيران. يحظى الدعم العسكري التركي لأذربيجان، الذي ثبت أنه كان حاسماً في مساعدتها على استعادة أراضيها، من أرمينيا، بقبول قوي من الأتراك من جميع أطيافهم الأيديولوجية، واكتشفت المحللة السياسية، الين أوزينيان، التي تقيم في العاصمة الأرمينية يريفان، «موجة متجددة من التشدد الوطني» في تركيا، التي تعززت إثر الصراع بين أذربيجان وأرمينيا. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :