من أكثر الأمور التي تخيف الشباب -من الجنسين- عند الرغبة في إنشاء مشروع تجاري أو عمل خاص هو التعثر أثناء السير في طريق النجاح، فالجميع يعلم أن طريق المشاريع التجارية طريق محفوف بالعديد من العراقيل والمشاكل والأمور الأخرى.وفي الحقيقة فإنه لا توجد عصا سحرية يمكن الاسترشاد بها لتذليل العقبات والمشاكل، ولا يوجد بساط وردي يمكن فرشه حتى يسير عليه رائد العمل والشاب والشابة، وإنما الدخول في عالم ريادة الأعمال والمشاريع الخاصة تحتاج إلى بعض الأمور التي وجدناها ضرورية التي يمكن أن تساعد بطريقة أو بأخرى في السير في الطريق، ومن ذلك هذا المثلث الذي نحاول الاستفادة منه الذي أطلقنا عليه مثلث النجاح. مثلث النجاح يتكون من ثلاثة أجزاء، فلنتخيل مثلثا مقسما من النصف إلى ثلاثة أجزاء، وهذه الأجزاء هي: السلوكيات، المهارات، المعرفة. ولنحاول أن نتحدث عن علاقة كل هذه الأمور فيما يخص ريادة الأعمال.أولاً: السلوكيات؛ وتشمل السلوكيات بعض الأمور ذات الأهمية التي تؤثر بصورة مباشرة على رائد الأعمال، فإن قدر على استيعابها فإنه حتمًا سيتمكن من النجاح، وهي:التحفيز الذاتي: وتعني أن يقوم رائد العمل بتحفيز نفسه حتى وإن لم يجد من يصفق له ويحفزه، فهو الأسلوب أو الطريقة التي يتبعها الإنسان الفرد، رائد العمل من أجل تشجيع نفسه على الاستمرار بالتقدم للأمام، وهو الإصرار الذي يدفعه لتحقيق الهدف وبذل الجهود من أجل تطوير الذات وشحن المشاعر بالطاقة الإيجابية من دون انتظار أي من العوامل الخارجية لأداء الغرض المطلوب، مثل كلمات التشجيع أو الإطراء. ويسهم التحفيز الذاتي للمرء في دفعه دائمًا نحو القيام بالواجبات المطلوبة منه، حيث يملك في تلك الحالة القدرة على شحن نفسه بالطاقة الإيجابية اللازمة، ما يجعل تأجيل المهام والتكاسل من الأمور المستبعدة من ذهن أصحاب تلك القدرة، التي يراها بعض خبراء علم النفس أشبه بالمهارة.ولا يعني التحفيز الذاتي أن نصفق لأنفسنا بين كل لحظة وأخرى، وبعد كل نجاح، أو أن نقدم لأنفسنا كأسا من الشكولاتة الساخنة ونجلس نسترخي، وإنما أن نبني وأن نضع بل وأن نستمر في بناء الأهداف ووضع الخطط والأفكار على الورق والعمل الجاد حتى ننجح.الثقة بالنفس: هي العمود الفقري لشخصية الإنسان، فمن غيرها يفقد الإنسان احترامه لذاته، ويصبح عرضة لانتقاد واستغلال من حوله، وبالتالي يعيش حياة بائسة، وعكس ذلك فالشخص المتمتع بالثقة في نفسه تجده محط احترام الجميع، وتكون نظرته للحياة متفائلة.ورائد العمل الذي ليس لديه ثقة في نفسه ولا بقدراته وإمكاناته وأهدافه وقراراته، أي أنه فاقد الإيمان بذاته، فإنه لن يتمكن من تحقيق أهدافه، وهذا يعني أن السوق والظروف هي التي تتحكم فيه وهي التي تُسيره حيثما تريد، فيصبح -بمعنى آخر- إمعة أو تابعا لظروف السوق، فهو يسير كما تسير ويتوقف عندما تتوقف، لذلك فلن يحقق أهدافه ولن ينجح.ويجب أن يتذكر رائد العمل أنه لا يوجد إنسان لا يخطئ، فعندما يرتكب الإنسان خطأ ما فلا ينبغي أن تهتز ثقته بنفسه بل بالعكس، عليه أن يجعل هذا الخطأ وسيلة مساعدة على زيادة الثقة بنفسه والتعلم من تلك التجارب والأخطاء السابقة. ومن جانب آخر فإن الثقة بالنفس لا تعني التهور والغرور فإن هذه الصفات يمكن أن تورد رائد الأعمال موارد الهلاك.النزاهة: تعني الاستقامة والخلو من النقائص، وكذلك فهي تعني البُعْد عن السُّوء، فيقال إن فلانًا لنزيه كريم بمعنى أنه بعيد عن اللُّؤْم. وتقول العرب إن النزاهة هي اكتساب المال من غير مَهَانة، ولا ظُلْم، وإنفاقه في المصارف الحميدة، كما يقولون في معنى النزاهة أنها التَّباعد عن الدَّناءة والأوساخ.والنزاهة بشكل عام تعني نظافة اليد وتحصين الإنسان من السرقة للأموال العامة والخاصة فضلاً عن الاخلاص والتفاني بالعمل، وتعرف أيضًا أنها القدرة على تبني القيم الاخلاقية السليمة في المجتمع كسلوك عملي يعكس روح الانتماء للوطن من خلال معرفة الحقوق والواجبات التي يجب أن يسعى إليها الفرد في أي مجتمع من المجتمعات.وترتبط مفاهيم النزاهة ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق والأعراف التي دعا إليها الدين الإسلامي، كما أن مفاهيم النزاهة أكدتها وتؤكدها المنظمات الدولية التي تعنى بتعزيز حقوق الإنسان وبناء السلم الاجتماعي كمنظمات الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى التي تُعنى بتحقيق التنمية البشرية وإشاعة العدالة الاجتماعية التي تعد مظاهر الفساد اعتداء على حقوق الاخرين والممتلكات العامة للشعوب وهدرًا للكرامة الإنسانية والمساواة، لذلك فإنه على رائد الأعمال وصاحب العمل الحر أن يكون نزيهًا متنزهًا في رغباته عما في أيدي العملاء، فلا ينظر إليهم على أنهم فقط عملاء وأنهم يمتلكون النقود فقط، وإنما يجب أن يترفع عن ذلك فيتعامل معهم على أنهم بشر وأنهم هم الذين سيدفعون المال من أجل بضاعته أو الخدمات التي يقدمها، لذلك يجب أن يكون حذرًا ويتعامل معهم على هذا الأساس.الأمانة: من المعروف أن الأمانة عكس الخيانة، وأصل الأَمْن: طمأنينة النفس وزوال الخوف. وقيل كذلك التَّعفُّف عمَّا يتصرَّف الإنسان فيه مِن مال وغيره، وما يوثق به عليه مِن الأعراض والحرم مع القدرة عليه، وردُّ ما يستودع إلى مودعه. وكذلك فإن الأمانة تعني أداء الحقوق والمحافظة عليها، وهي أحد أخلاق الإسلام وأساس من أسسه، وهي الفريضة العظيمة التي رفضت الجبال والسماوات والأرض حملها وحملها الإنسان، وأمرنا الله بأداء الأمانات عندما ذكرها في القرآن الكريم، كما جعل النبي محمد من الأمانة دليلاً على حسن خلق المرء وإيمانه، لذلك فالأمانة والنزاهة من الصفات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها رائد الأعمال، فلا يمكن أن تستقم الأعمال من غير هاتين الصفتين. التفاؤل: هو تلك الجزئية من الأخلاق الذي يضيء لرائد العمل الطريق ويساعده أن يعيش حياة أحلام وآمال، وأن ينظر للحياة ويتطلع إليها لتحقيق حياة كريمة هانئة، باختصار هو يعني الإيجابية والأمل والفرح المستقبلي، والقدرة على تحمّل مصاعب اليوم أملاً منا بغد أفضل.ولا شك أن التفاؤل عكس التشاؤم، وهما -التفاؤل التشاؤم- يؤثران على سلوك رائد العمل -أو بالأحرى الإنساني- من نواحٍ عدة، حيثُ تسيطر على الفرد أحيانًا نزعة إلى توقع الخير والسرور، وأحيانًا تغلب عليه نزعة إلى توقع الشر وسوء الطالع، وهذا يعني أنّ التفاؤل والتشاؤم لهما تأثير في السلوك الإنساني، وفي الحالة النفسية للفرد، وفي توقعاته بالنسبة للحاضر والمستقبل، سواء كانت تفاؤلية أو تشاؤمية، وعلى ذلك فإنه من الأجدى على رائد العمل أن يتفاءل ويذهب إلى التفاؤل أفضل من القبوع في قعر التشاؤم.التعاون: ببساطة أنه على رائد العمل أن يتعاون مع فريق العمل أولاً، فهؤلاء يعملون معه، فإن لم يتعاون معهم فإنه حتمًا سيفشل، وكذلك فإنه يجب بل نجد أنه لزامًا عليه أن يتعاون مع العملاء، فهؤلاء هم الذين يدفعون تكاليف العمل والرواتب وكل شيء، ومن أجلهم تم ابتكار العمل، فهم الذي يمكن أن يتسببوا في نجاح المشروع أو فشله.ثانيًا: المهارات؛ وتعني المهارات أداء مهمة ما أو نشاط معين بصورة مقنعة وبالأساليب والإجراءات الملائمة وبطريقة صحيحة، كما تعرف المهارة أنها التمكن من إنجاز مهمة معينة بكيفية محددة، وبدقة متناهية وسرعة في التنفيذ.ويتم تعريف المهارة كذلك أنها مجموعة من المعارف والخبرات والقدرات الشخصية التي من المهم توافرها عند شخص معين حتى يستطيع إنجاز عمل ما، ومن أهم المهارات التي يمكن أن تتوافر في ذلك الشخص هي البحث والتقصي عن المعلومة بشكل مستمر، التخطيط، العد والاحصاء، بناء الكثير من العلاقات مع الآخرين، القيادية، الإلمام بمهارات الحاسوب والإدارة. وبالإضافة إلى ما تم ذكره فإننا نجد أنه من المهم أن تتوافر في رائد الأعمال بعض المهارات اللازمة التي تمكنه من إنجاز أعماله بهدف البلوغ للنجاح، مثل:تحديد الأهداف: الأهداف ببساطة هي النتيجة أو مجموعة من النتائج التي نرغب أو التي نسعى لتحقيقها سواء على المدى القصير أو البعيد، وهي في الغالب عندما تتحقق فإنها تدر علينا نوعًا من المكاسب، ولا نقصد هنا مكاسب مادية فحسب وإنما حتى مكاسب معنوية، أو أي نوع من المكاسب.وفي بعض الأحيان فإن الأهداف هي التي تحدد سلوكيات الفرد في الحياة، نظرًا إلى أنه يسعى إلى تحقيق تلك الأهداف، فإن كان هذا الشخص جادًا فإن أهدافه ستكون محور حياته، فهي كل حياته وتفكيره ويمكن أن تتغير سلوكياته بحسب نوعية الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها.والمرء -أيًّا كان- الذي لا يمتلك هدفا في حياته فإنه ببساطة لا يمتلك وجهة يرجو بلوغها أو الوصول إليها، فهو يسير بطريقة عشوائية، وهو بهذه الطريقة لن يصل إلى غايته مهما كانت المحاولات والأساليب، وإن وصل فإنه حتمًا سيصل متأخرًا، هذا إن كانت لديه غاية في الأصل، لذلك فإن رائد الأعمال الذكي لا يترك الأمور حتى تصل إلى هذه المرحلة، لذلك يضع أهدافه أمامه ويسعى لتحقيقها بناء على السلوكيات التي يحاول أن يتميز بها والتي ذكرناها سابقًا.التعامل مع الآخرين: إن كان من الواجب على الفرد -أيًّا كان- أن يتعلم كيفية التعامل مع البشر، فإنه من الأولى بل ومن الأكثر وجوبًا على رائد العمل وصاحب المشروع الحر أن يكون متشربًا لطرق التعامل مع الآخرين بجميع أمزجتهم وأفكارهم بهدف تحقيق رغباتهم، فالبشر هم العملاء وهم الوقود الذين يستهلكون بضاعته وخدماته، فإن لم يعرف كيف يتعامل معهم فإنه من الأفضل أن يسلك طريقا آخر غير طريق المشاريع التجارية.فريادة الأعمال والمشاريع التجارية تحتاج إلى هدوء وضبط الأعصاب حتى وإن كان العميل خشنا في التعامل فظ الكلام، أو مستفزا، فمثل هذه الأمر تحدث ولكن لا بد مما ليس له بد.ثالثًا: المعرفة؛ وهذا فيما يتعلق بأمر العلم والتخصص والتدريب، ويمكن أن نتحدث فيه مرات أخرى.عمومًا، هذه جزئيات من مثلث النجاح فهناك بعض الأمور الأخرى التي يمكن أن نتركها لمرات أخرى.Zkhunji@hotmail.com
مشاركة :