ما الذي يجعل الانتخابات البلدية حدثاً تاريخياً هاماً في المملكة؟ 1/2

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أن ألج إلى صلب الموضوع، يجدر أن أذكر هنا ببديهية من البديهيات وهي أن مؤسسات المجتمع المدني تقوم بإيصال صوت المجتمع والأفراد لصناع القرار، وبداية هذه المؤسسات في بلادنا كانت في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، عندما أكد حرصه على الشورى أثناء لقائه مع علماء مكة المكرمة، وبالفعل بعد اللقاء السامي تم انتخاب أعضاء مجلس الشورى الأهلي، من هذا المنطلق نفتح - اليوم - صفحات جديدة من صفحات المجتمع المدني، ونمارس الانتخابات البلدية ليس في مكة المكرمة فحسب.. بل في جميع مناطق المملكة، وما أعلن عنه أمين المنطقة الشرقية رئيس اللجنة المحلية للانتخابات البلدية المهندس فهد الجبير - مؤخراً - من استعدادات رائعة للانتخابات البلدية هو جزء من إدارة وتخطيط عمليات (إيصال صوتنا) لصناع القرار، وهو إعلان مبدئي يبشر بالخير القادم المؤدي الى الاهتمام بمختلف انشطة مؤسسات المجتمع المدني. أما ما يجعل الانتخابات البلدية في المملكة حدثا تاريخيا هاما هو عدة اسباب، منها أنها انطلاقة لفتح الابواب لتفعيل كافة أعمال مؤسسات المجتمع المدني، ومنها أنها ستكون المرة الأولى في تاريخ المملكة التي تدخل فيها المرأة كناخبة ومرشحة، وهذه خطوة كبيرة ومهمة لتمكين النساء في المشاركة العامة، وإن كانت متأخرة نوعاً ما؛ لأن المرأة تشكل حوالي نصف عدد سكان المملكة، علماً أنها ليست المرة الأولى التي تدخل فيها المرأة الشأن العام، فالتاريخ يروي لنا بأن اول سعودية عملت في هذا الشأن وتحديداً في الإفتاء والقضاء كانت فاطمة آلِ الشيخ، وهي من حفيدات الامام محمد بن عبدالوهاب، كان ذلك في الدولة السعودية الاولى، كما أن المرأة السعودية شاركت في الحياة الاقتصادية مشاركة فعالة وقوية منذ أمد، فهي تسيطر على الحجم الأكبر من مجمل الثروات النسائية في الخليج التي تقدر بحوالي 46 في المائة من هذه الثروات، كما أن هناك دراسات تشير إلى أن 75 % من مدخرات المصارف السعودية تمتلكها النساء، وحجم تلك المدخرات نحو 60 مليار دولار، ومجمل القول، إن هذا يشير الى مشاركة المرأة السعودية في الحياة الاقتصادية بفعالية، وها هي اليوم تشارك بفعالية في مجالات أخرى، وهذا هو الحال الطبيعي الذي قال عنه (ابن خلدون): إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال. في كل مجتمع توجد قوى تقدم وقوى تخلف، ولسنا هنا في حاجة إلى أن نقدم لقوى التخلف الأدلة على صحة وضرورة مشاركة المرأة في الشأن العام، رغم أن عملية إقناع المؤدلجين في مجتمع تعود على التلقين والنقل صعبة، وفي كل الأحوال هذا الأمر أيسر من أن يحتاج إلى أن يقام عليه الدليل، ويكفينا دليلا على ذلك الحديث الشريف القائل كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، حيث إن المخاطب هنا في هذا النص المؤمنون جميعاً من الرجال والنساء، والرعاية والمسؤولية فيهما خير، وما دمنا نحاول أن نبذل الخير، ونوايانا متوجهة لفعل ذلك، فالنية (مطية) كما تقول العرب، ثم إن مسألة التغيير مسألة تلازم الأمم الحية، فالحياة بطبيعتها تطور، والتطور بطبيعته انتقال من حال إلى حال. هناك أسباب أخرى تجعل الانتخابات البلدية في المملكة حدث تاريخي هام - سأسرد بعضها هنا، والبعض الآخر في المقال القادم إن شاء الله - ومنها إشراك المواطن في صنع القرار، ما يجعلنا في هذه المرحلة من نهضتنا نبدأ بالملاءمة بين آرائنا ومطالبنا وأقوالنا وأعمالنا، ومنها أيضاً القرارات الجديدة القاضية بتوسيع صلاحيات المجالس البلدية ومنحها الاستقلالية المالية والإدارية، وكذلك منحها صلاحية التعاقد مع خبراء ومستشارين للقيام ببعض الأعمال التخصصية التي يتطلبها عمل المجلس. أكمل معك – عزيزي القارئ - في اللقاء القادم

مشاركة :