ضمن فعاليات أسبوع اللغة العربية، وبالتزامن مع إطلاق وزارة الثقافة والشباب تقرير حالة اللغة العربية، انعقدت الندوة الحوارية بعنوان «حضور الخط العربي في الفضاء المكاني العام» بمشاركة كل من الفنانين، الإماراتي مطر بن لاحج، والسعودية لولوة الحمود، وأدارتها فرح قاسم محمد، مسؤولة مهرجان الفنون الإسلامية بدائرة الثقافة في الشارقة، حيث تناولت الندوة أسئلة اللغة العربية ومكانتها وإمكاناتها، وحضورها في الفضاء المكاني العام، وتحديات العولمة وانتشار اللغات الأجنبية، حضوراً جمالياً. حيث تحدث الفنان مطر بن لاحج، عن علاقته بالخط العربي وجماليات التشكيل، مشيداً بدور وزارة الثقافة والشباب كمظلة للإبداع ودورها الداعم للمبدعين والمثقفين، معتبراً أن للفنان عالمه الداخلي ومناطقه العاطفية الخاصة التي تبدأ فيها أفكار مشاريع أعماله الفنية، وأن الفنان العربي صاحب إرث لغوي وحضاري عريق يستند إليه في حبه للغته الأم، وعلاقته بالخط كعمق فني وحروف هي كواكب ونجوم في سماوات الفنان، وكنمط فني مغاير غير تقليدي لغرض بناء أفق جديد لعرض الخط العربي، بما يعكسه من قدسية اللغة العربية نفسها. وعن فكرة متحف المستقبل في دبي الذي استعرض الفنان بعض صور عمله على إنجاز إطاره المزخرف بجماليات الخطوط العربية، رأى مطر بن لاحج أن الفضل يعود إلى القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، صاحب فكرة بناء المتحف، حيث استلهم الفنان إرادة سموه ورؤيته، واستخدم مقولات سموه بشكل أساسي، إلى جانب عبارات عربية أخرى، عاملاً على إبراز خط الثلث العربي وحروفه التي استخدمها في تصميمٍ اشتغل عليه لأكثر من أربعة أشهر، مستنداً إلى خبرته في العمارة والتصميم على وجه الخصوص بين جسم الكتلة والجسم الفراغي وخامات البناء من معدن وزجاج وغيره، الأمر الذي ساعد على إنجاز المتحف بشكل احترافي وإتقان. كما أفاض ابن لاحج في حديثه عن شغفه بالعمل على أيقونة «طاقة الكلام»، وهي عبارة عن مجموعة من الأعمال الفنية التي تستلهم وتستخدم أقوال المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد، والمعروضة ضمن مقتنيات قصر الوطن في أبوظبي، مستعرضاً روائع الإرث المعرفي للغة العربية، من خلال موسوعاتها العلمية والأدبية والبلاغية، وقارئاً إمكانات الخط العربي وحضوره في كل أرجاء العالم، وخاصة خط الثلث الذي يعتبره ملكياً ومحبوباً، ويعتبره الأكثر تعبيراً عن شخصيته ورؤيته الفنية، مشيراً إلى خصوصية اللغة العربية والخط المكتوبة به في تناسق جمالي عريق بينهما. أما الفنانة لولوة الحمود، فقد أشارت إلى أنّ الخط العربي هو مصدر إلهامها في تجربتها الفنية، وأنّ نظرية ابن مقلة في النسبة والتناسب في رسم الحروف هي نظرية أفادتها كثيراً، إلى جانب المربع البيدي لاستنباط شفرات خاصة بالحروف العربية التي استخدمتها في أعمالها الفنية، كما استعرضت أثر اليقين والإيمان بالله الواحد في رسم العلاقة بين المحدود، وهو الأشكال من مربعات ودوائر، واللا محدود وهو الله، سبحانه وتعالى، مستفيدة من أساسيات الخط العربي الذي يحفز المتلقي على فك شيفراته ويجذب المشاهد، لا بقراءته، بل بتفاصيله وشكله البديع والتأمل في أبعاده الفنية والجمالية. وعن آفاق تطوير الخط العربي رأت لولوة الحمود أن العرب في حقبة زمنية معينة كانوا معزولين عن حضارتهم وتراثهم الثقافي والمعرفي، وباتوا اليوم يواجهون تحدياً كبيراً في نشر وترويج جماليات الخط العربي في إطار التقنيات الحديثة وتصميم حروفهم، على سبيل المثال، في الاستخدامات الحاسوبية والكتابة في النصوص الكمبيوترية، معتبرةً أن الخط العربي هو رمز الثقافة العربية وروحها المتأصلة فينا، بدءاً من القرآن الكريم، ويحق لنا أن نفتخر كعرب بجماليات هذا الخط، وأنّ الخط العربي في تجربتها الشخصية نتيجة شغف بالهندسة وجماليات التصميم، مشيدةً باحتضان القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية للإرث الثقافي العربي والإسلامي، وإعلانها العام الحالي عاماً للخط العربي، الأمر الذي يمثل رافعةً مهمة للحراك الإبداعي في مجال الخط والحروفية. عن تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها كانت وزارة الثقافة والشباب قد تبنت مشروع تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، وشكّلت فريقاً بحثياً يضم باحثين وخبراء من جامعات عربية مختلفة، بدؤوا عمليات البحث والاستقصاء وجمع البيانات ضمن المحاور العشرة التي تضمنها التقرير. وجاء تبني الوزارة للعمل على التقرير بعد توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 18 ديسمبر 2018، بالعمل على إطلاق تقرير «تقرير حالة ومستقبل اللغة العربية»، ليكون أساساً ودراسةً موسعة لمقاربة تحديات اللغة العربية بطريقة علمية تساعد على تطوير أساليب استخدامها وتعليمها وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة. وشارك في التقرير أكثر من 75 شخصية تضمنت الفريق البحثي بقيادة الدكتور محمود البطل، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت، إضافة إلى باحثين وأساتذة جامعات من أنحاء العالم، وقادة مؤسسات إعلامية وتقنية محلية وعالمية.
مشاركة :