شيء متوقع ان تستنكر علينا هذه الجماعات المعارضة سؤالنا حتى قبل ان تقرأ عمودنا، وسيرتفع صوت جماعات بونفر واحد يندد بنا كالعادة ويكيل الشتائم ويوزع علينا الاتهامات المجانية المعلبة. ومشكلة من تسمي نفسها بجمعيات معارضة أنها كالمريض بمرض مزمن ولا يعترف بمرضه وبالتالي يتفاقم عليه المرض ويظهر في أشكال عديدة لا ينفع معها سوى العلاج الذي يرفضه المريض أصلاً ما لم يعترف بمرضه كخطوة أولى للعلاج. ونقول أو نصفه بالمرض المزمن لأنه فعلاً قديم قدم هذه الجمعيات فقد كانت تعاني منه منذ سنوات العمل السري تحت الأرض وظهر واضحاً للعيان وللجمهور بعد البدء في العمل السياسي العلني لتلك الجمعيات. فقد سمعت بأذني في العام 2005 أحد قيادات احدى الجمعيات وهو يقول محتداً هؤلاء من جماعة فلان وفلان قيادي معروف في جمعيته واذا بالقيادي يرد عليه بنفسه بنفس العبارة وبالحرف الواحد وهؤلاء من جماعة فلان وأنت منهم!!. ومن جماعة فلان عبارة كنا نسمعها منذ ايام العمل السري تتردد في أحاديث كوادر التنظيمات المختلفة بغض النظر عن محاولات التخفيف منها إلا انها الحقيقة. ولعل الجميع قد سمع مراراً عبارة جماعة سعيد الشهابي وجماعة عيسى قاسم وجماعة السفارة ما يؤشر أنهم أنفسهم يستخدمون توصيف جماعة وليس جمعية على انتمائهم السياسي وعلى انضوائهم تحته. ماذا يعني هذا ولماذا نناقشه اليوم هنا ولماذا نطرح سؤال الجماعة بدلاً من الجمعية؟؟. لأننا لو دققنا في التوصيف جماعة فلان أو فلان سنقف أمام الاشكالية المتجذرة في ثقافة هذه الجماعات وهي غياب ثقافة المؤسسة والعمل المؤسساتي سواء في التنظيم أو الحزب أو الجمعية السياسية ففلان هو البداية وهو النهاية في هذا التنظيم أو هذه الجمعية. وستبقى الانتخابات الداخلية والمكتب السياسي أو المركزية الشورى أو اللجان مجرد شكليات حزبية وكليشيهات تنظيمية في هذه الجمعية أو ذلك الحزب. ويكفينا ان نتذكر جماعة حق وهي جماعة حسن مشيمع وجماعة عبدالوهاب حسين التي اختار لها اسم تيار الوفاء ولكن التعريف بهذا التيار والتعرف عليه لا يتم دون ذكر الفرد الذي بيده مفاتيح الجماعة. وهذه المشكلة العويصة حقيقة تعكس الثقافة المشرقية المستغرقة في تقديس الافراد بغض النظر عن مواقعهم وأدوارهم حيث لابد من زعيم فرد ان لم تجده هذه الثقافة اخترعته لتقدسه فهي لا تعيش ولا تتنفس خارج تابو التقديس لتغدو الكلمة الفصل في الجمعية أو الجماعة بالأدق لدى الفرد المقدس. وإذا كانت صيغة التكوين الاولى للاحزاب اليسارية قد ارتبطت بأسماء افراد ماركس ولينين فقيل في توصيفها احزاب ماركسية لينينية فان الاحزاب الطائفية المذهبية بامتياز توارثت أو توارث افرادها في ذات العائلة زعامة الحزب أو مرجعيته وقراره كما تورث آل الحكيم وآل الصدر والمدرسي زعامات ومرجعيات سياسية لجماعاتهم وبالنتيجة لهكذا منطق وهكذا صيغة حزبية سيكون الولاء والتقديس للفرد وسيصبح الحزب أو الجمعية جماعة تتبع فلان. وبالنتيجة لهكذا منطق تكوين ومنطق ولاء لا تبحث عن دور المؤسسة او الحزب أو التنظيم وهو ما يمارسه المراقبون والمحللون والكتاب فيكون سؤالهم ماذا قال فلان وفلان هنا هو ذلك الذي يحتل المقدس في الحزب أو التنظيم والآن في الجمعية ودعك من كل العناوين والتفاصيل والاسماء او المسميات. بطبيعة الحال مثل هذه القضية الاشكالية تحتاج إلى مساحة اكبر لنوفيها حقها من الحوار لكنها مجرد اشارات أولية.. ولنا عودة.
مشاركة :