يواصل المهرجان القومي للمسرح، في دورته الثالثة عشر، فعاليات المحور الفكري "150 سنة مسرح"، حيث شهد مساء اليوم الأحد، لقاءا مع المخرج خالد جلال، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدار اللقاء الناقد باسم صادق، وذلك وفق بيان صادر عن المهرجان مساء اليوم الأحد.بدأ اللقاء بعرض فيلم تسجيلي عن المخرج خالد جلال، تناول أعماله ورحلته ومدرسته بمركز الإبداع الفني، وكان التعليق الصوتي على الفيديو بصوت الفنان الكبير الراحل محمود ياسين.قال الفنان يوسف إسماعيل، رئيس المهرجان القومي للمسرح: إن تجربة المخرج خالد جلال هي تجربة مهمة في الإخراج المسرحي وتجربة ملهمة لكل العاملين بالمسرح.من جانبه وجه الناقد باسم صادق، الشكر للفنان يوسف اسماعيل، رئيس المهرجان، واللجنة العليا للمهرجان، لتبني فكرة شهادات المبدعين وتقديم تجارب عدد كبير من المبدعين فهي نماذج يحتذى بها، والشكر أيضا لإدارة المهرجان على تكليفي بتقديم شهادة المخرج خالد جلال، لأن تجربته مهمة وثرية ولها مشاهد كتير جدا في تاريخ الحركة المسرحية.ووجه المخرج خالد جلال، الشكر لإدارة المهرجان، مؤكدا أن مشروع مركز الإبداع الفني هو حلم العمر ومشروع العمر، خاصة أنه كانت هناك حالة من السخرية والتربص للتجربة، ولكني كنت مؤمن كثيرا بها.وقال جلال، إن مسرح الجامعة كان متفوقا بشكل كبير، وكانت فيه أسماء لامعة مثل محمد هنيدي، خالد الصاوي، خالد صالح، ماجد الكدواني، والمسرح كان لامعا في ذلك الوقت، لأننا تعلمنا على أيدي كبار الأستاذة أمثال سعد أردش، هاني مطاوع، أحمد مختار، بل ساهموا في نقل الخبرات لدينا ونحن صغارا فكبرت عقولنا وأذهننا وكانت هذه الفترة ثرية، وفي أحد الأيام علم أن هناك عرضا مسرحيا في الثانية ظهرا على مسرح كلية الحقوق، وسيحضر لمشاهدة العرض المخرج يوسف شاهين، وكانت المسرحية بطولة محمد هنيدي، عمرو عبدالجليل، خالد الصاوي فوقف "شاهين" بعد العرض وأشار إلى عمرو عبدالجليل وأخبره أنه سيكون بطل فيلمه القادم.وتابع: "أنه ذهب ليبحث عن مسرح كلية تجارة، وبالفعل دخل ليجد "بروفة" لعرض مسرحي بطولة هاني رمزي، وتأليف نادر صلاح الدين، وإخراج صلاح عبدالله، وبعد قليل طلب منه مساعد المخرج أمير شاكر، الخروج من البروفة، فطلب منه البقاء لمدة ٥ دقائق فقط، وبعدها سأل "شاكر" عن ممثل يدعى هاني جرجس، فعلم أنه لم يحضر، فطلب منه شاكر تقديم الدور على المسرح، فكنت أذهب للمسرح من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، وبالفعل قدمنا مسرحا عظيما، وفي السنة الثانية لي بالجامعة طلبت إخراج العرض المسرحي "نأسف لهذا الخطأ" وكان خالد الصاوي وقتها يخرج العرض المسرحي لكلية الحقوق، ودخلنا مسابقة مسارح الجامعة سويا فحصلت مع خالد الصاوي على جائزة أفضل إخراج مناصفة، وأحسن نص مناصفة، وأحسن ممثل مناصفة، بينما حصلت انا بمفردي على جائزة أفضل عرض مسرحي، وبعدها قام الناقد الكبير الراحل الدكتور أحمد سخسوخ بعرض المسرحية على مسرح معهد الفنون المسرحية، وهي التجربة الأولى التي يعرض فيها عمل لمسرح الجامعة على خشبة المعهد".وأضاف جلال، أنه في الليلة الأولى للعرض، والذي حضره سوى ٥ أفراد فقط، وكان دكتور هاني مطاوع يراقب العرض، وفي اليوم التالي طلب من كل طلبة الدراسات العليا للمسرح الذهاب لمشاهدة العرض، كما طلب من الناقد نبيل بدران أحد أهم أساتذة النقد المسرحي وقتها أن يحضر لمشاهدة العرض، فتحدث بدران عن العرض بشكل جيد وإيجابي للغاية، مشيرا إلى أنه انتقل للدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكان الفنان الكبير كرم مطاوع يدرس له على مدى ٤ سنوات بالمسرح، وعندما نشاهده نقف له هو وباقي أساتذتنا جلال الشرقاوي، سعد أردش، وذلك احتراما وتقديرا لهم، وكان المخرج كرم مطاوع صاحب الفضل الأكبر في تكوينه، والذي يجمع بين الهيبة والنجومية والعلم والوقار والابتكار.وكشف جلال، أنه سافر لأوروبا في منحة دراسية وتعلم وقتها من مخرج فرنسي هو مؤسس مهرجان "أفينيون" وهو أهم المهرجانات المسرحية في أوروبا، حيث تعلم من هذا الرجل أنه لا مجال للخطأ، فالخطأ هي كلمة مرفوضة تماما، وكانت الجدية بالنسبة له قانون ودستور، ولا مجال للتهاون فيما يخص الالتزام؛ فقال له: "إنه في يوم من الأيام لما ترجع بلدك ما تلتفتش لأي حد ممكن يعرقلك أو يوقفك، أنا في البداية كتير حاولوا يوقفوني لكن اتعلم ماتقفش، إجري واسحل اللي ماسكك لحد ما تلاقيه هو أفلت قبضته عنك"، موضحا أنه سافر لروما للدراسة وبعدما انتهى من دراسته في المعهد، وظل هناك قرابة العامين، وهناك تعلم من المخرج الإيطالي دانييلو كريموندي كيفية صناعة عرض بالارتجال وكيف يصبح لديك ١٠٠٠ مشهدا، فتختار وتنتقي من بينهم ساعة واحدة.وأوضح، أنه أخرج مسرحية "حلم ليلة صيف" لشكسبير في ايطاليا بممثلين ايطاليين ونجحت نجاحا كبيرا، مطالبا مد فترة تواجده بإيطاليا، وعندما علم أن وزير الثقافة وقتها الفنان فاروق حسني، قد رفض مد فترة دراسته بإيطاليا على الرغم من قبوله مد الدراسة لعدد آخر من الزملاء، وأمر بعودته فورا، وحينما من ايطاليا كان منفعلا للغاية بسبب رفضه، وعلم أنه يريد مقابلته، وعندما قابلت الدكتور سامي خشبة، رئيس البيت الفني للمسرح في ذلك الوقت، فأخبره أنه مرشحا لقيادة مسرح الشباب، وكان أصغر مديرا مسرح وعمره ٢٨ عاما فقط، فقال سامي خشبة له: "قابلت وزير الثقافة فاروق حسني وأخبرني أنه فخور بالعرض الذي أخرجته بإيطاليا"، وقال لي فاروق حسني فيما بعد: " أنا نزلتك هنا لأن اللي أنت عملته في إيطاليا محدش يعرف يعمله، أنت قدرت تعمل عرض على درجة عالية جدا من الاحتراف، لأنك عرضت خارج مصر وعملت وحدة إنتاجية متكاملة لوحدك في بلد غريبة، وآن الأوان تنقلنا تجربتك لمسرح بلدك".وأكد جلال، أنه أنشأ ورشة وبعد عامين حصل على الجائزة الأولى في مهرجان المسرح التجريبي.وعن مشاريعه المسرحية التي قدمها على مسرح الدولة كمخرجا سواء على مسرح الدولة مثل: "تحب تشوف مأساة، الاسكافي ملكا، ومؤخرا مسرحية "الوصية"، وغيرها من التجارب على مسرح القطاع الخاص مثل "هلهوطه بركوته، ولما بابا ينام" وغيرها مؤكدا أنه يخرج لمسرح القطاع الخاص بانضباط ومسرح الدولة والنجوم تلتزم بذلك. ووصف جلال نفسه بـ"المحظوظ"، لأنه على مدى مشواره الفني التقى بأساتذة وعدد كبير من الداعمين له والذين ساندوه وأبرزهم الفنان صلاح السعدني، ووصفه بواحد من أهم الناس في حياته، كاشفا أنه حضر له عرض مسرحي لإخراجه ومن بطولة السعدني، وحينما انسحب "السعدني" من العمل رفض أن ينسحب خالد جلال، وطالبه بالبقاء واستكمال العمل، فهناك أسماء داعمة كبير منها جلال الشرقاوي، كرم مطاوع، هاني مطاوع، فاروق حسني، سعد أردش، عبلة الرويني، نبيل بدران، سناء شافع، هناء عبدالفتاح، آمال بكير، فهؤلاء وغيرهم من أصحاب الفضل الكبير عليه. ووجه جلال نصيحة لجمهوره قائلا: "لا تجعل أحدا يقف حلمك إذا كنت مؤمن به ولا بد من السعي واجتياز العقبات، ودعونا نتفق أنه لا يقدر على إيقافك أحد وهناك مثل فرنسي يقول: "اقفز من الفوق الجبل وستظهر لك الأجنحة".واختتم حديثه قائلا: "إن الحياة لم تكن وردية بالنسبة لي فقد قابلت العديد من العراقيل، ولكن إيماني بأنه لن يستطيع أحد إيقافي وأنني حقيقي جعلني أصل لما وصلت إليه الآن، فطيلة مشواري لا أستمع ولا أنظر يمينا أو يسارا ولا ألتفت إلا للنجاح".يذكر أن فعاليات الدورة الثالثة عشر للمهرجان القومي للمسرح المصري، برئاسة الفنان يوسف إسماعيل، تستمر حتى 4 يناير 2021، والتي تحمل اسم دورة "الآباء"، ويحتفي المهرجان هذا العام بمرور 150 عاما للمسرح المصري المعاصر، والذي يؤرخ لها منذ عام 1870.
مشاركة :