واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها بسبب آمال تعافي الطلب العالمي خاصة مع بدء التطعيم بلقاحات كورونا وتراجع المخاوف نسبيا من السلالة الجديدة من الوباء، إضافة إلى تأثير إقرار حزمة التحفيز المالي في الولايات المتحدة وانتهاء أزمة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. وتترقب السوق اجتماع مجموعة "أوبك+" في 4 كانون الثاني (يناير) المقبل في أول اجتماع وزاري شهري لمتابعة وتقييم وضع السوق والتفاوض حول المستوى الأمثل للإمدادات النفطية للمجموعة لشهر شباط (فبراير) المقبل بعدما تم سابقا التوصل إلى تخفيف الإمدادات النفطية في الشهر المقبل بجعل الزيادة لا تتجاوز 500 ألف برميل يوميا، انتظارا لحدوث انتعاش أوسع في مستوى الطلب العالمي على النفط الخام. وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون "إن المعنويات الصعودية هيمنت على السوق النفطية منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حزمة التحفيز المالي لتعزيز قدرات الإنفاق والإغاثة من فيروس كورونا كما دعم المكاسب السعرية استمرار ضعف الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام. وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن انتهاء الخلاف الحزبي والمؤسسي في الولايات المتحدة حول خطة التحفيز المالي كان بداية دفعة قوية لسوق النفط كما بشر بحصد مزيد من المكاسب السعرية، حيث أحاطت المعنويات الإيجابية بأسعار النفط الخام وزادت شهية المخاطرة وتزامن ذلك مع ضعف الدولار الأمريكي ونجاح بداية عملية التطعيم الموسع بلقاح كورونا في عديد من دول العالم. وأوضح أن الاقتصاد الأمريكي - وهو أكبر مستهلك ومنتج للنفط الخام - أصبح محاطا حاليا بحالة من التفاؤل في قدرته على التعافي وتجاوز تداعيات جائحة كورونا الواسعة التي دمرت الطلب على نحو فاق كل التوقعات المسبقة، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وقع بعد فترة من الجدل والمقاومة على حزمة تحفيز وافق عليها الكونجرس بقيمة 900 مليار دولار وتمويل حكومي حتى أيلول (سبتمبر) 2021. من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن التقدم المستمر فى جهود الاحتواء لجائحة كورونا خاصة نجاح عملية التطعيم في مراحلها الأولى بثت حالة من القناعة بأن آفاق الطلب على الطاقة قد تكون أكثر إشراقا خاصة في ضوء اقرار مساعدات الإغاثة من فيروس كورونا في الولايات المتحدة. ولفت إلى أن العوامل الإيجابية في السوق تنامت واتسع تأثيرها خاصة في ضوء توقعات بتراجع المخزونات النفطية في الأسبوع الجاري بنحو 3.8 مليون برميل لتسجل نحو 495.7 مليون برميل، مبينا أن فائض المخزونات يمثل أحد الأعباء الرئيسة التي حالت كثيرا دون تعافي الأسعار التي تعكس أزمات واختناقات الطلب نتيجة الإغلاق العام وضعف استهلاك الوقود وانكماش حركة السفر، وعلى الرغم من السحب المحتمل للأسبوع الثالث على التوالي من المتوقع أن تظل المخزونات وفيرة عند نحو 11 في المائة أعلى من متوسط الأعوام الخمسة. من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إنه على الرغم من الأنباء الإيجابية بشأن تمرير حزمة التحفيز الأمريكية إلا أن التعافي ما زال بطيئا نسبيا في السوق النفطية بسبب استمرار تأثير مخاوف الطلب التي يغذيها ظهور السلالة الجديدة من الوباء، إضافة إلى بقاء معدل الإصابات الجديدة والوفيات مرتفعا في أغلب دول العالم. وأضاف أنه "يمكن القول إن انتعاش الطلب بات حقيقة لكنها بطيئة، كما يواجه الانتعاش رياحا عكسية ناجمة عن ظهور سلالة أسرع في انتشار العدوى من فيروس كورونا التي ظهرت بالفعل في دول عدة بجانب بريطانيا هي جنوب إفريقيا وكندا وفرنسا واليابان وإسبانيا والنرويج، وأدى ذلك إلى انتشار مخاوف من احتمال انتقال هذه السلالة إلى دول أخرى دون اكتشافها بسبب محدودية الأنشطة البحثية فيها". بدورها، أوضحت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن اجتماع "أوبك+" الأسبوع المقبل يراهن عليه كثيرون في تقديم دعم جديد لأسعار النفط الخام من خلال تحجيم المعروض النفطي والكشف عن بيانات مطمئنة عن ارتفاع امتثال المنتجين لحصص خفض الإنتاج وإجراء التعويضات المطلوبة من قبل بعض المنتجين، مشيرة إلى أنه على الأرجح ستكون هناك زيادة إنتاجية محدودة أيضا فى شباط (فبراير) المقبل انتظارا لحدوث انتعاش أوسع في الطلب العالمي. وأضافت أن "موسم عطلات نهاية العام لم يشهد تحسنا في الطلب على الوقود بل جاء ضعيفا كما كان متوقعا مسبقا"، مبينة أن بيانات أمريكية أظهرت أن نشاط القيادة في الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي انخفض بنسبة 3 في المائة تقريبا عن الأسبوع السابق، في المقابل ظهرت توقعات تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الأول بنسبة 3 إلى 5 في المائة بعد إقرار خطة التحفيز". وفيما يتعلق بالأسعار، ارتفع النفط أمس مع إقبال المستثمرين على المخاطرة بدعم تحرك الولايات المتحدة نحو زيادة حجم مدفوعات مساعدات مرتبطة بالجائحة، التي قد تزيد الطلب على الوقود وتحفز النمو الاقتصادي. وبحسب "رويترز"، ارتفع خام برنت 72 سنتا بما يعادل 1.4 في المائة إلى 51.58 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:57 بتوقيت جرينتش، فيما زادت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 67 سنتا أو 1.4 في المائة إلى 48.29 دولار للبرميل. وقال جيفري هالي المحلل في "أواندا للوساطة المالية"، "يبدو أن النفط مدعوم بإقرار قانون التحفيز الأمريكي والتمويل الحكومي الشامل". صوّت مجلس النواب الأمريكي الذي يقوده الديمقراطيون أمس الأول لمصلحة تلبية طلب الرئيس دونالد ترمب جعل مدفوعات مساعدات كوفيد - 19 ألفي دولار. ومع ذلك، فإن المخاوف إزاء إجراءات العزل العام المتعلقة بفيروس كورونا حدت من المكاسب. وأدى ظهور سلالة جديدة من الفيروس في المملكة المتحدة إلى إعادة فرض قيود على الحركة، ما أدى إلى زيادة الطلب على المدى القريب والتأثير في الأسعار، في حين ارتفع عدد حالات دخول المستشفيات والإصابات في أنحاء من أوروبا وإفريقيا. وتعمل "أوبك+" على تقليص تخفيضات إنتاج النفط القياسية هذا العام لدعم السوق. ومن المقرر أن تعزز المجموعة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا في كانون الثاني (يناير). وتدعم روسيا زيادة أخرى بالقدر نفسه في شباط (فبراير).
مشاركة :