اتهمت إثيوبيا السودان بانتهاك حدودها ودعته إلى وقف ما أسمته أنشطة غير قانونية على طول الخط الفاصل بينهما، في حين قامت القوات المسلحة السودانية بتعزيز مواقعها ووحداتها البرية والجوية متوقعة هجوماً عسكرياً إثيوبياً مع رصدها حشوداً على الجانب الآخر من الحدود وسط تقارير عن تحرك عسكري إريتري داعم لأديس أبابا. تصاعد التوتر الناجم عن النزاع الحدودي الممتد بين السودان وإثيوبيا بعد قيامهما بإرسال تعزيزات وحشود عسكرية متقابلة عقب أيام من استعادة القوات السودانية السيطرة على مواقع بمنطقة الفشقة كانت تحت سيطرة ميليشيات إثيوبية من عرقية أمهرا، منذ 26 عاماً. ونقلت فضائية "العربية" عن مصادر لم تسمها، أمس، أن القوات السودانية أرسلت حشود تعزيزات عسكرية كبيرة وعززت وحداتها البرية والجوية على حدود إثيوبيا استعداداً لهجوم إثيوبي وشيك. وأفادت تقارير بأن الجيش السوداني سيطر على 11 موقعاً داخل أراضيه، وإنه يواصل تقدمه باتجاه آخر موقع في أراضيه على الحدود الدولية بين البلدين. وأضافت نقلا عن مصادر أن القوات المسلحة أقامت نقاطاً ثابتة في كل المناطق التي استردتها خلال إعادة الانتشار والتقدم في الأيام القليلة الماضية، مشيرة إلى أن "موقف الجيش جيد والإمداد متواصل". وذكرت مصادر أن الجيش السوداني يعمل على طرد القوات والميليشيات الإثيوبية من مستوطنة "للي"، التي تُعد أكبر معقل للميليشيات، حيث يُوجد بها فندق نزلاؤه من الجيش الإثيوبي وكبار تجار ومزارعي قومية الأمهرا الأكبر بإثيوبيا. ويقيم بالمستوطنات أكثر من ألف مزارع إثيوبي، يستمدون قوتهم من الميليشيات التي عملت على طرد المُلاك السودانيين بقوة السلاح خلال النزاع الذي بدأ قبل 26 عاماً. دعم سياسي وجاء ذلك عقب تأكيد مجلس شركاء الفترة الانتقالية دعمه للجيش السوداني على الحدود الشرقية. وقالت الناطقة باسم "المجلس"، مريم الصادق المهدي، إن المجلس عقد اجتماعاً أكد ضرورة الإسراع في توفير كل الدعم للجنود السودانيين، مع التأكيد على احترام الإثيوبيين المقيمين في السودان. واستنكر المجلس في الوقت ذاته الشائعات التي تستهدف الإضرار بالعلاقات بين الشعبين. وكان وزير الإعلام السوداني أكد السبت الماضي، أن "السودان سيطر على معظم الأراضي التي يتهم الإثيوبيين بالتعدي عليها قرب الحدود بين البلدين"، قائلاً: "نحن نؤمن بالحوار لحل أي مشكلة. لكن جيشنا سيقوم بواجبه لاسترجاع كل أراضينا. حالياً استعاد جيشنا ما بين 60 إلى 70 في المئة من الأراضي السودانية". اتهام وتدخل في المقابل، اتهمت أديس أبابا الخرطوم بانتهاك الحدود وارتكاب أعمال غير قانونية وأعلنت أن "قواتها في حالة استعداد وتأهب على الحدود مع السودان". وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي أن "الجيش السوداني انتهك حدود إثيوبيا وارتكب أعمالاً غير قانونية". وقال إن هذا يرجع إلى حقيقة أن "السودان استغل فرصة انشغال قوات الدفاع الإثيوبية التي تعمل لإنفاذ القانون في منطقة "تيغراي"، وقد استغل السودان هذه التحركات ضد إثيوبيا وأشعل فتيل الصراع على الحدود". وتابع مفتي: "إثيوبيا مستعدة للدفاع عن سيادتها والقوات الأمنية في حالة تأهب قصوى على مدار 24 ساعة لمنع أي هجوم". وأشار إلى أن هناك دولاً، لم يحددها، تريد سقوط إثيوبيا، لافتاً إلى استعداد بلاده للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء الخلاف. وحثت المسؤول الإثيوبي الشعب السوداني والحكومة على الامتناع عن استخدام القوة. وقال إن لا مصلحة لإثيوبيا في الدخول في حرب مع السودان في الخلاف الحدودي. وألقى المتحدث باللوم على القوات السودانية في اندلاع الاشتباكات التي أودت بحياة جنود سودانيين الأربعاء الماضي. وقال مفتي إن الميليشيات الإثيوبية هاجمت في الحادث الحدودي القوات السودانية كإجراء احترازي عندما حاول بعض المسلحين السودانيين عبور الحدود ومحاولة الاستيلاء على ممتلكات المزارعين. وأضاف أن المسلحين "دخلوا حقل مزارع وأخذوا بعض الأشياء وذهبوا بشكل غير قانوني. المشكلة والأزمة من الحكومة السودانية". وفي تدخل صريح بالشأن السوداني، اعتبر مفتي أن "تصرفات الجيش السوداني ليست معبرة بالكامل عن موقف الحكومة، بل إن الفئة التي حكمت الشعب قروناً ما زالت تحاول تكرار ذلك"، في إشارة إلى أن التحركات السودانية العسكرية لا تلقى دعماً من جانب حكومة عبدالله حمدوك التي تتقاسم السلطة مع الجيش بعد إطاحة عمر البشير. دعم إريتري وفي مؤشر على إمكان تدهور الأوضاع وانزلاقها باتجاه حرب، أفادت مصادر عسكرية سودانية بتحرك قوات من الجيش الإريتري من مدينة أم حجر الواقعة الحدود بين السودان وإرتيريا في طريقها لمنطقة عبدالرافع على الشريط الحدودي بين السودان وإثيوبيا. وأضافت المصادر السودانية الموثوقة بأن التحرك بدأ منذ أيام عن طريق ارتال محملة بأسلحة ثقيلة. وزعمت المصادر أن القوات الإريترية المتحركة شاركت الجيش الإثيوبي الاتحادي في عملياته العسكرية التي خاضها ضد "جبهة تحرير شعب "تيغراي" بعد تمردها على حكومة آبي أحمد. وتصاعد التوتر في المنطقة الحدودية منذ اندلاع الصراع في إقليم "تيغراي" بشمال إثيوبيا في أوائل نوفمبر الماضي، ووصول ما يربو على 50 ألف لاجئ إلى شرق السودان، وتركزت الخلافات على الأراضي الزراعية في الفشقة، التي تقع ضمن الحدود الدولية للسودان لكن يستوطنها مزارعون إثيوبيون منذ فترة طويلة. ووقعت اشتباكات مسلحة بين القوات السودانية والإثيوبية في الأسابيع الأخيرة، واتهم كل من الجانبين الآخر بالتحريض على العنف، وأجرى البلدان محادثات الثلاثاء قبل الماضي في الخرطوم بهدف ترسيم الحدود وحول القضية لكنها لم تسفر عن نتائج واضحة. وتأتي تلك التطورات في وقت تشهدت مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بين أديس أبابا والخرطوم والقاهرة تعثرا بعد رفض الأولى التوقيع على أي اتفاق ملزم بشأن تشغيل السد الضخم وكمية المياه التي تمر عبره إلى مجرى نهر النيل.
مشاركة :