في وقت يتطلع كثير من الناس إلى زيادة دخلهم، والاعتماد على مشاريع جديدة، والدخول في استثمارات مختلفة، تنشط «شركات وهمية» لاستثمار فرصة الإيقاع ببعض هؤلاء تحت شعار التدريب على كيفية تحقيق عوائد مالية أو إيجاد أرباح كبيرة من خلال تداولات أو تعاملات مالية تدر أرباحا تفوق أضعاف إيرادات الوظائف. وإزاء «بريق» هذه الوعود يقع بعض الناس ضحايا تلك الشركات الوهمية، على أمل تحقيق أرباح سريعة، والمجازفة بالأموال دون خبرة أو معرفة الجهة الأخرى التي يتعامل معها، ليجدوا أنفسهم ضحايا عملية نصب أصابت أموالهم. وفي مقابل توسع طرق الأنشطة التجارية المختلفة، مثل شركة «فوركس» للتداول ذات الشعبية المتزايدة، والتي تتعامل بتداول العملات النقدية، وغيرها من شركات التداول المرخصة، ظهرت شركات تداول غير مرخصة لا أساس لها، وتستخدم أدواتها بنظام «فوركس» أو غيره، لتصطاد ضحاياها الطامحين إلى تحقيق مكاسب مالية سهلة. هذه التطورات تعتبرها الجهات المعنية حافزاً لمعرفة العوامل التي يجب مراعاتها لاختيار شركة تداول مضمونة في الكويت أو في الخارج، وكيف يمكن كشف المرخصة منها وغير المرخصة، وهل هناك قانون رادع لمثل هذه الشركات التي تمارس احتيالها على الناس؟ يجمع مراقبو أسواق شركات التداول الاقتصادي والمالي على أن ثمة صعوبة تواجه الأشخاص العاديين في تمييز شركات التداول التي تتعامل بالاحتيال عن الشركات الأخرى, لاسيما في ضوء التداول الإلكتروني، الذي يشكل نافذة بالنسبة إلى البعض للإيقاع بضحايا التداول الاحتيالي. الشركات... أرقام فقط وفي مقاربة لهذه الظاهرة يعتبر المستشار الاقتصادي في مجموعة "انتركونتيننتال الكويت" علي العنزي، "أنه من الصعب التفريق بين شركات التداول المرخصة وغير المرخصة، خصوصا أن من يتداول في الشركات المشبوهة من المبتدئين، وبالتالي من الصعب أن يتم التعرف على هذه الشركات، لذلك يجب سؤال مختصين في هذا الأمر، لاسيما أن هناك مجموعة من الشركات المحلية، سواء كانت الأسواق العالمية أو الأسواق المحلية، طبعاً لا خوف منها، فضلا عن وجود 13 شركة مرخصة ومعتمدة للتداول في بورصة الكويت، أما في الأسواق العالمية فهي مفتوحة، وهناك مجموعة كبيرة من شركات النصب، وهناك من يتواصل معنا، ويوضح لنا أنه لا يستطيع سحب أمواله خلال هذه الفترة من الشركة التي أودع فيها أمواله، لأن الشركة كانت عبارة عن مواقع وأرقام هواتف فقط، ثم اختفت، وهم حقيقة كثر، لذلك ننصح دائما بسؤال الخبراء لشركات تم التعامل معها، وتمت عملية سحب الأموال منها بسهولة ويسر، وهي حقيقة محدودة. وأكد العنزي، "إذا أراد متضرر تقديم شكوى لجهة قانونية مختصة في هذا الأمر فإنه لا يوجد جهة معينة لرفع الشكوى، لأنها ستكون غير مجدية، لأنها منسوبة لمواقع في الإنترنت، وتختفي هذه المواقع، والأموال تحول إلى أكثر من جهة، وبالتالي من الصعب جداً استعادة هذه الأموال، وكثير من الناس خسروا وذهبت أموالهم دون رجعة، فهذه الشركات هي أساسا مواقع الكترونية مؤقتة تقفل وتختفي هي وأرقامها في أي لحظة، وعملية كشفها سهلة، وهناك مواقع لهم بسيطة جداً، فأما القوية عالمياً فيتم معرفتها من خلال البحث عنها والتي تتداول بشكل سليم بعيداً عن الشركات المؤقتة والنصب والخداع، وأما إذا أراد المتضرر تقديم شكوى للتعويض عن خسارته، فإن هذا أمر صعب جداً، ففي الكويت لا يستطيع المتضرر أساساً الوصول إلى الشركة التي قامت بعملية الاحتيال وأخذ الأموال، لأنه لا يستطيع الوصول اليها، إنما هي في الحقيقة عملية نصب واحتيال من جهة غير معلومة، وعندما تحول أموال إلى هذه الشركة تذهب بلا عودة. شركات مضمونة ورأى المحلل المالي في سوق الكويت للأوراق المالية حسن بومجداد، أن هناك شركات "الفوركس" تابعة لعدد من البنوك المضمونة بعكس الشركات التي يتم التعامل معها عن طريق الانترنت، وهي شركات خارج الكويت، ناصحا أي شخص يود الدخول في أسواقهم أن يتأكد من وجود رخصة من هيئة أسواق المال، "لأن هذه الشركات أغلبها تكون في قبرص وهي تمارس النصب". وأضاف بومجداد، هناك شركات تداول مضمونة مثل شركة "نور" وهي مرخصة من هيئة اسواق المال ومقرها في أبراج العوضي، "وأي أمر يطرأ يمكنك أن تقاضيها على سبيل المثال بعكس الشركات التي تتخذ الانترنت مقرا لها، ولا نعلم إن كانت مرخصة أم لا وما مصدرها، وهناك عدد من الشركات تابعة للبنوك، وإن كانت العمولة أقل من خلال التداول الا أنها تبقى أكثر ضمانا". صعوبة معرفة الفرق وقال المستشار والمحلل اقتصادي في شركة vimarkets لتقديم خدمات التداول والتدريب وطريقة التحليل جراح الهندي، إن كثيرا من الناس خسروا جميع اموالهم التي كانوا يجمعونها خلال السنوات الفائتة، عن طريق شركات تداول وهمية، وذلك بسبب صعوبة معرفة الفرق بين الشركة المرخصة التي تعمل بمصداقية او العكس. وأوضح أنه "يوجد هيئة في سوق المال ببعض الدول تمنح الرخص للشركات التي ترغب في التداول، مثل سويسرا، ولا تستعلم عن الشركات التي تم منحها الرخصة ولأي غرض، لذلك يستغل الشخص الحاصل على هذه الرخصة فرصة التداول بدون مصداقية للتحايل على العميل، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن، فهو من سيئ الى أسوأ، ولذلك يجد العميل انها فرصة جيدة للربح"، لافتا إلى أن أكبر الشركات القوية التي لا تقدم الوهم او تخون عميلها هي بعض الشركات البريطانية". وتابع "أما بالنسبة لشركات الـ Market Maker ممن حصلت على رخصة التداول، عندما ترسل لهم أموالك للتداول لا يودعونها في محفظة التداول، ولكن يتم التداول بها بالــ fake Accountant، ويتم التداول باموالك بينهم في نفس الشركة، والرابح شخصان من بين عشرة متداولين، وهنا يعود رأس المال للمتداولين الثمانية دون خسارة، ولكن دون ارباح". وأضاف "أما بالنسبة لشركات التداول الموثوق فيها في دول الخليج فتعد على الأصابع، وبالنسبة لي بالفعل وردتني اتصالات كثيرة بالنسبة للتداول، وتلقيت عروضا مغرية كثيرة، ومنها إغرائي براتب كبير مقابل تسلم ادارة شركة لسنتين، ولك أن تتخيل المال الذي سأتسلمه فهو اساسا من اموال الناس، وهذا غير مقبول بالنسبة لي". وأشار إلى أن "توعية الناس بهذا الخصوص صعبة، فهناك شركات تفتح ابوابها مع المتداولين ببوادر جميلة لعام او عامين، ثم تقوم بضربتها لذلك بداية التعامل مع مثل هذه الشركات يجدها بعض الناس صادقة، لذلك من الصعوبة توعية كل الشرائح بهذه الامور، وأنصح كل من يرغب في التداول (اسأل قبل التجربة)". خبرة في جذب الناس وقال بدر الدرزي، يعمل بالأعمال الحرة ومحلل فني: "فعلا شركات الوساطة كثيرة، وخاصة في اسواق العملات والسلع، والتي تسمى الفوركس، ومعرفتها تحتاج أن يبحث المتداول عن ترخيصها وما هي الضمانات المتوافرة في دولته التي يعيش فيها وليس في مقر الشركة الأم، وكذلك ان تبحث عن عمر الشركة في مجال الوساطة، وهل هي حديثة ام لها تاريخ طويل ولا يوجد عليها مشاكل". وأضاف الدرزي "نصيحتي للقارئ أن يبتعد عنهم ولا يعطيهم مجالا في الحديث، وذلك لوجود الخبرة والممارسة الكافية لديهم في جذب الناس، فإذا كنت تريد أن تتداول فاذهب أنت بنفسك وابحث عن الشركات الثقة كما ذكرنا". استحالة التنبؤ بعائد مضمون وتحدث نواف الرديني عن شركات التداول عموماً، والتي تزايدت في الفترة الأخيرة، قائلاً: في الغالب لا أرد على الارقام التي تردني من خارج الكويت، لكن منذ فترة ليست ببعيدة وردني أكثر من اتصال من خلال رقم كويتي يبدأ بـ 24 والمتحدثة من الجنسية الهندية، وحدثتني من جهة العمل التي قالت بحسب قولها شركة تداول العملات، وبعد أن حاولت إقناعي بالتداول لم أفسح لها المجال منذ الأساس بالتوسع في المحادثة، موضحاً لها بأنني لا أهتم في هذا المجال نهائياً، ولم أوفر لكم رقمي حتى تتصلوا بي. وأضاف الرديني أن الاتصال الآخر "الذي وردني فكان من الكويت في محاولة منهم لإقناعي بالتداول من خلال فرصة ذهبية للتداول بحسب قول المتصل، إلى جانب محاولة اقناعي بالأرباح المضمونة، وحاولت فهم أهداف شركتهم وطرحت عليه بعض الأسئلة حول طريقة العمل، وكان عمل هذه الشركة عن طريق الاستثمار بمبلغ وقدره يتم إيداعه في حساب خاص بي وعائد سنوي مضمون بما يقارب الـ 10 في المئة، لكنني أخبرته بأن جميع المسؤولين المتخصصين في مجال عمل الاستثمار والاقتصاد يؤكدون بأن من المستحيل التنبؤ بعائد مضمون". وتابع أنه "هنا أجاب المتصل قائلاً، إن شركتهم تملك الدراسات والإجراءات ومحفظتهم الخاصة تعود بالفائدة المضمونة، مؤكداً للمرة الثانية على ضمان الأرباح، عقب ذلك طلب مني فتح الرابط الذي سيرسله لي حتى أرسل له من خلاله المبلغ الذي أرغب الاستثمار فيه، وأكدت له عدم اهتمامي بتداول العملات لكنه أصر وبشدة محاولاً إقناعي بأنها فرصة نادرة، وإن انتظرت يومين قد تذهب هذه الفرصة بلا عودة، وهنا سألته بناء على كلامه هل عندك عدد معين من الأسهم أو العملات التي تتداولها حتى لا تتوفر ثانية في حال أردت التداول؟، فقال، لا هذا الموضوع فضفاض و"Special offer" عرض خاص، فأجبته لا يوجد شيء اسمه "Special offer" وعرض خاص، حين تريدني أن استثمر معك وأتماشى مع سعر السوق والأسهم وحركة صعودها ونزولها وبهذا المبدأ أتعامل بعيداً عن السعر الخاص الذي تحدثت عنه، وانتهى الحديث عند هذا الجانب حين وضحت له عدم ثقتي بالتداول معهم". اتصالات كثيرة وتحدثت فاطمة آل شعيب، عن حقيقة ما واجهته من اتصالات حول هذا الموضوع قائلة، بالفعل ممارسة عمليات الاحتيال باتت واضحة خلال الفترة السابقة وزادت خلال الفترة الحالية، لاسيما أن أغلب شركات التداول التي تحتال على المتصلين لتحول لهم المال وتعدهم بأرباح غير صحيحة باتت مكشوفة، ومنها أسماء كثيرة من الشركات التي تتعامل بالتداول وغير التداول، وعلى كثير من الناس البسطاء الذين لا يملكون خلفية واضحة عن حقيقة التداول الانتباه لمثل هذه المكالمات، وبالنسبة لي بالفعل وردتني اتصالات غريبة من خارج الكويت أحدها كان لشخص يتكلم بلغة عربية غير مفهومة، حاول جاهداً اقناعي بالتداول عن طريق إرسال مبلغ معين عن طريق البنك، ولكنني لم أطمئن ولم أكمل الحديث معه، كما ووردني اتصال منذ فترة من رقم يكاد يكون المتصل من داخل الكويت، وعند الرد توضح لي أن المتصل من شركة تداول بالعملات النقدية ولكن رقم الهاتف ليس من داخل الكويت، أيقنت بعد عدة أسئلة وجهتها إليه بأنه غير صادق، لذلك أانصح فعلاً أن يثقف الشخص نفسه من خلال الاطلاع على كثير من المعلومات والبحث والتحري عن هذه الشركات، من خلال الاطلاع عليها من أهل الاختصاص.
مشاركة :