وقع رئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت، مساء أمس، على اتفاق السلام النهائي في جوبا، وذلك بحضور رؤساء كينيا، وأوغندا، والنائب الأول للرئيس السوداني، ورئيس الوزراء الإثيوبي، ووزع كير على رؤساء الدول المشاركة التحفظات التي أبداها والمكونة من 20 صفحة، مشددًا على أنه يجب مراجعة نصوص الاتفاق. وحذر كير من عودة الحرب إذا لم يتم التعامل مع هذه الملاحظات، داعيًا دول «الإيقاد» إلى ضرورة العمل مع بلاده في تنفيذ بنوذ الاتفاقية، بينما رحبت حركة التمرد بتوقيع كير على الاتفاق، وأكدت أن وقف إطلاق النار سيبدأ بعد 72 ساعة وفق الاتفاقية، وأن تسمية رياك مشار كنائب أول للرئيس وفق الجداول سيكون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال رئيس جنوب السودان في حفل توقيعه على اتفاق السلام في جوبا: إنه «أجرى مشاورات مطولة مع القيادات السياسية والتشريعية والعسكرية خلال الأسبوع الماضي حول وثيقة اتفاق السلام، التي لم يوقع عليها في أديس أبابا»، وأضاف أنه «نيابة عن شعب وحكومة جنوب السودان سأوقع على اتفاق السلام، رغم أن هناك خيارين: إما أن نقبل بالسلام أو نستمر في الحرب.. ونحن اخترنا السلام إكرامًا لهؤلاء القادة الذين حضروا إلينا، وتركوا شواغلهم المهمة في بلدانهم». وأشار كير إلى أنه أرسل خطابًا لرئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، باعتباره رئيس الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد)، أبرز فيه عدة تحفظات حول وثيقة الاتفاق، التي قال إنها «تنتقص من سيادة بلاده»، وقال إنه «مع تجاهل هذه التحفظات التي أبديناها وكتبناها فإن هذا السلام لن يكون دائمًا»، مبديًا استغرابه لرفض (الإيقاد) التفاوض حول التحفظات التي أبداها، كما أشار إلى أن بلاده وقفت أمام مفترق الطرق بسبب الوثيقة التي قدمتها (الإيقاد) لإنهاء النزاع، مضيفًا أنه «لا بد أن ننبه دول (الإيقاد) والمجتمع الدولي أن جنوب السودان دولة ذات سيادة، وشعبنا حارب من أجل كرامته لأكثر من عشرين عاما قبل استقلال بلادنا»، في إشارة للحرب الأهلية التي خاضها الجنوبيون ضد الحكومات السودانية، وانتهت باتفاق السلام الشامل عام 2005 والذي أدى إلى استقلال بلاده عبر الاستفتاء الشعبي. وعبر سكان جنوب السودان عن فرحتهم بتوقيع رئيس بلادهم أخيرًا على اتفاق السلام، ويتوقع أن تجري احتفالات أخرى في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. لكن لم يتم تحديد موعد لذلك، وكشف كير في خطابه عن التزامه بوقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاق السلام، لكنه عاد وقال «حتى إذا لم نوقع اتفاق السلام هنا فسنوقعه يومًا ما.. لكن على من تقع المسؤولية إذا فشل هذا الاتفاق في جلب السلام؟». ووصف ميارديت الاتفاق الذي وقعه بأنه اتفاق سلام مفروض بقوله: «اليوم ونيابة عن حكومتي وشعب جنوب السودان، أمامنا خيار اتفاق سلام مفروض أو استمرار الحرب، نحن هنا من أجل السلام، لكن في هذا الصباح قام أعداء السلام من قوات رياك مشار بمهاجمة قواتنا بولاية الوحدة، وقد قامت قواتنا بدحرهم ولا يزال القتال مستمرا». وكشف عن تهديدات لحكومته وجهها لها المجتمع الدولي بقوله: «لقد وصلتنا رسائل تهديد كثيرة من المجتمع الدولي، لكن موقفنا هو أن هذه الوثيقة هي خارطة طريق تهدف لتغيير النظام في جنوب السودان». من جانبه، رحب الدكتور ضيو مطوك، القيادي في الحركة الشعبية المعارضة، بتوقيع رئيس جنوب السودان على الاتفاقية، وقال إن «التوقيع كان يجب أن يتم في أديس أبابا مقر المفاوضات، وفق نصوص الاتفاقية وليس في جوبا»، مشيرًا إلى أن تنفيذ وقف إطلاق النار يفترض أن يبدأ الأحد المقبل وفق الجداول الزمنية، وأن تعيين رياك مشار في منصب النائب الأول يفترض أن يكون في ديسمبر المقبل، وفق نصوص الاتفاق حيث تبدأ الفترة الانتقالية بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وأوضح مطوك أن توقيع كير، رغم التحفظات التي أبداها تجد الترحيب، بيد أنه استدرك بالقول إنه: «لا يجب أن تصبح هذه التحفظات عائقًا أمام تنفيذ الاتفاقية.. فنحن جاهزون لتنفيذ الاتفاقية من طرفنا لأنها تمثل برنامج الحركة الشعبية في الإصلاحات التي نادت بها قبل اندلاع الحرب قبل عشرين شهرًا»، مؤكدًا في ذات الوقت أن الاتفاقية تحتاج إلى مصادقة مجلس تحرير حركته، الذي قال إنه سينعقد خلال الأيام القادمة، كما أن برلمان جنوب السودان يفترض أن يجيزها لتبدأ الفترة قبل الانتقالية لوضع الترتيبات اللازمة من وقف إطلاق النار، وتنفيذ الجداول المصاحبة للاتفاق. ووقع قائد التمرد المسلح النائب الأول السابق رياك مشار والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم على الاتفاق في أديس أبابا السابع عشر من الشهر الحالي، بينما طلب ميارديت مهلة 15 يومًا للمزيد من المشاورات، بيد أن مشار لم يشاهد في جوبا أثناء حفل التوقيع على وثيقة السلام، التي ستضعه في منصب نائب الرئيس.
مشاركة :