يطالعنا بعض الشباب بين الحين والآخر بتقليعات غريبة وشاذة عن مجتمعاتنا العربية يستوردونها من الغرب، ويتشبهون بهم فيها سلوكيا ومظهريا، فلم يعد مثيرا للدهشة أن يصبغ أحد الشباب شعره وذقنه باللون البنفسجي أو الأزرق أو أيًا من ألوان الطيف، حيث ينتشر هذا النوع من التقليعات الغريبة في بلاد الغرب، وهو ما يعرف بـ»شباب الفنكي»، وهم مجموعات قررت التميز بالأفعال الشاذة. بدأت الظاهرة لأول مرة في نهاية عام 2014م، حيث لون عدد من الشباب الغربي شعرهم وذقنهم بلون واحد من ألوان الطيف الزاهية، مما دفع العديد من أبناء جيلهم لتقليدهم، لتبدأ الظاهرة في الانتشار وتتطور حتى أصبح هناك صيحات في الألوان الجديدة، وأساليب لصبغ الشعر واللحى بلونين أو أكثر، ليتحول الشباب إلى ما يشبه الببغاوات الملونة. واتخذ شباب «الفنكي» العرب المقلدين شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة «فيسبوك» و»إنستجرام» معرضا لهم، حيث يقوم الشاب بصبغ شعره بلون معين ثم يصور نفسه «سيلفي» وينشر الصورة على شبكات التواصل ليتلقى الردود من زملائه، كما يستفيد الشباب من شبكات التواصل في تحديد أماكن ومواعيد التقائهم وتواصلهم فيما بينهم. الكبار يرفضون ورفض عدد من أولياء الأمور هذه الظاهرة في المجتمعات العربية، مؤكدين أنها «مستوردة» من الخارج وليس كل ماهو إنتاج غربي جيد، مطالبين بضرورة تعاون كافة مؤسسات التعليم لمكافحة الظواهر والسلوكيات السلبية. ومن جانبه أكد محمد عبدالرحيم، موظف، أنه ولي أمر لعدد من الأبناء الشبان، وعادة ما يجد بعض المستجدات على سلوكيات أبنائه وخاصة المراهقين، مشيرا إلى أنه يتقبل هذه الظواهر بصدر رحب ولكنه يعمل على تغييرها. وقالت سمية محمد، ربة منزل، إن أبناءها يستمدون أغلب سلوكياتهم مما يشاهدوه عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى إن ابنها الأكبر أحيانا يطبع صورا لقصات شعر منشورة عبر الإنترنت ليذهب بها إلى حلاقه الخاص وفي أغلب الأحيان دائما ما ندخل في صدام معه لمحاولة منعه من الانجراف في عالم التقليعات الشاذة. تقليد أعمى ومن جهته أكد سمير مصطفى، خبير علم الاجتماع السلوكي، أن مصطلح الموضة أصبح غلافا وغطاءً يتخفى خلفه الشباب العربي في محاولات التقليد الأعمى، مشيرًا إلى أن المجتمع الغربي الذي تجرد من معظم الأعراف والتقاليد وربما ابتعد كثيرًا عن الأديان، يختلف تمامًا عن المجتمع العربي الذي ما زال متمسكًا بأعرافه وتقاليده. وشدد أن الموضة التي انتشرت بين الشباب بتلوين شعورهم ولحاهم بألوان «قوس قزح»، تدخل ضمن قائمة هوس الموضة، والسعي دائمًا لتقليد أحدث الصيحات التي في أغلب الأحيان ما يكون الغرب مصدرها، مؤكدًا أن الشباب يجد نفسه في النهاية «مسخ» غير قادر على تحديد هويته ويدخل في دوائر من الاكتئاب والاغتراب عن مجتمعه. وفسر الدافع وراء ذلك إلى الرغبة في لفت الانتباه وجذب الأنظار إليهم، لافتا إلى وجود العشرات من النماذج الشبابية داخل المجتمع العربى تعيش خارج إطار الزمن، إذ لم يتزوج أو يعمل ولا يجد لحياته معنى، فيتبع هذه الموضات للفت الانتباه إليه، على عكس الشباب الذي يعمل ويعيش حياة صحية ولا يبحث عن مثل هذه الصحيات لأنه ليس لديه وقت فراغ لذلك، ولن يسمح له أيضا مجال العمل بذلك. الشباب يدافعون ودافع عدد من الشباب عن أنفسهم بأنهم لا يتبعون كل كبيرة وصغيرة يطرحها الغرب بل بعض الصيحات الجديدة ذات المضمون القريب من المجتمع الشرقي وفي نفس الوقت تؤدي إلى الأناقة. فيما رفض الشاب حسين عبدالرحمن، 22 سنة، أن يقوم بصبغ شعره بألوان زاهية، مؤكدًا أن هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع العربي، وكذلك قريبة من التشبه بالنساء، وطالب بضرورة تعديل سلوك الشباب بالنصح والإرشاد، وكذلك إنشاء مؤسسات لتعليم وتدريب الشباب على حسن استغلال أوقاتهم في حرف يدوية ومهن يمكنهم منها كسب عيشهم دون انتظار الوظائف أن تأتي لهم.وشدد ياسر محمد، حاصل على بكالوريوس تجارة، على أنه ليس كل ما يصدره الغرب للمجتمع الشرقي يمكن استهلاكه، متمنيًا أن يقتدي العرب بسلوكيات الغرب الصالحة في العمل والتعليم والتركيز، وليس الأفعال الخاطئة والشاذة. وأكد ياسر أن الفراغ الذي يعاني منه العشرات من الشباب المتخرج من الجامعات ومراحل التعليم المختلفة يدفعه لاستغلال وقت فراغه بطرق مختلفة، مشيرًا إلى أن هذه السلوكيات لا تقل خطورة عن السلوكيات الأخرى التي تدمر الشباب مثل الإدمان أو الانضمام للتيارات المنحرفة.
مشاركة :