ارعوا والديكم حق الرعاية، لا تفروا منهما، ادنوا وتقربوا لهما، لا تكن قلوبكم قاسية عليهما ولا غليظة، لا تنهروهما ولا تزجروهما، لا تتأففوا ولا تضجروا منهما، لا تعبسوا ولا تقطبوا الجبين أمامهما، ولا تنظروا إليهما بشزر، لقد تعبا وعانا وسهرا من أجلكم كثيرا، لهذا تفانوا في خدمتهما، ترققوا لهما وتوددوا وتذللوا، لا تأنوا برهة في برهما وجلب السعادة والمسرة والحبور لهما، واعلموا أنهما رحمة ودفء وحنان وظل، وأنهما كنزان عظيمان وثمينان لا يعادلهما أي كنز آخر، وأنهما بابان كبيران من أبواب الجنة، قال تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}(23-24) سورة الإسراء، وقال صلى الله عليه وسلم: (رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله). إن بر الوالدين سر الفلاح والتوفيق والنجاح، والنجاة من الكثير من الكروب والمشاكل والمحن، إن البر في الوالدين سيرى حتماً في بر الأبناء، قولوا لهما قولا معروفا، واعملوا على ما يريدانه، واجتهدوا في إرضائهما، وحققوا مطالبهما، وأغنوهما عن الخلق، وأكرموهما حق الإكرام، وراعوهما واعتنوا بهما، وكونوا لهما الظل الظليل، كما كانا لكم الظل الظليل، اجعلوهما بمثابة القلب للجسد، والعين للنظر، والأكسجين لاستمرار الحياة، ابتعدوا عن عقوقهما، فإنه الشر المستطير، والريح العاتية، والنتيجة الوخيمة، ومن الذنوب الكبيرة. إن بر الوالدين والإحسان لهما من أعظم الأعمال وأكملها، أنداها وأزكاها، كما أنه السبب في مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، وقبول الدعوة والتوبة، اعملوا بوصية الله سبحانه وتعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (14) سورة لقمان، تقدموا لهما دائما بالشكر والتقدير والعرفان والامتنان، واعلموا أن مقامهما في القرآن عال، ورضاهما مقرون برضى الله، فاجعلوا مقامهما عندكم أيضا عاليا، بل مميز وفريد.
مشاركة :