التخلف عن السداد ليس كارثة

  • 1/7/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ اندلعت أزمة (كوفيد 19)، يلوح شبح التخلف عن سداد الديون السيادية في أفق الاقتصادات النامية. وتخشى حكومات عدة خسارة القدرة على الوصول إلى الأسواق، حتى إنها لم تعد راغبة في معالجة مشكلة القدرة على تحمل الديون. مع ذلك، من خلال نظرة فاحصة على التأثير الذي خلفته الجائحة، إلى جانب الحقائق المالية والتمويلية في ما يتصل بالبلدان منخفضة الدخل، يتبين لنا قدوم وضع «معتاد جديد»، حيث يصبح التخلف عن السداد في الوقت المناسب بعيداً كل البعد عن كونه السيناريو الأسوأ. تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن نصف أفقر بلدان العالم تشهد حالياً، أو معرضة لخطر، ضائقة ديون. في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، على سبيل المثال، تدهورت مقاييس القدرة على الوفاء بالديون بشكل كبير هذا العام، بعد ست سنوات من الضعف التدريجي المرتبط بانخفاض أسعار السلع الأساسية العالمية. تنفق أنجولا، وغانا، ونيجيريا ما يقرب من نصف عائداتها الحكومية على أقساط الفوائد. وتشير تقديرات وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات العالمية لديون الدول التسع عشرة ذات السيادة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا التي تقوم بتصنيفها إلى أن ثلثي مجموع أقساط الفائدة التي تدفعها تذهب إلى دائنين من القطاع الخاص. في الوقت ذاته، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تمحو أزمة (كوفيد 19) عقداً من الزمن من التقدم في الحد من الفقر، وما سيصاحب ذلك من تأثيرات دائمة من شأنها أن تعرقل بشكل كبير آفاق التنمية في البلدان المنخفضة الدخل. في ضوء الاعتبارات الإنسانية البحتة، لا ينبغي لهذا أن يكون مقبولاً، بل وحتى كذلك في ضوء أهداف الاستدامة والتنمية الأطول أمداً. من المؤكد أن الدائنين اتخذوا بعض الخطوات لتخفيف أعباء الديون المستحقة على البلدان النامية. لكن الأمر لا يخلو من عوائق كبيرة تحول دون تحقيق أي تقدم. بادئ ذي بدء، يساور العديد من البلدان النامية القلق من أن تعلن وكالات التصنيف عجزها عن السداد إذا أعادت هيكلة ديونها المستحقة، مما يتسبب في خسارتها القدرة على الوصول إلى الأسواق لفترة مطولة. ولكن في حين أن وكالات التصنيف ستصنف إعادة الهيكلة على أنها تخلف عن السداد بالفعل، فإن المخاوف بشأن خسارة القدرة على الوصول إلى الأسواق مبالغ فيها. لا يستطيع المستثمرون أن يرفضوا ببساطة الجهات السيادية المتخلفة عن السداد لفترة طويلة إذا كان ذلك يعني التخلي عن عائدات جذابة. والواقع أن انخفاض أسعار الفائدة العالمية كان مصحوباً بالفعل بانخفاض ملحوظ في الوقت الذي قد تستغرقه أي دولة ذات سيادة لاستعادة قدرتها على الوصول إلى الأسواق بعد التخلف عن السداد. يتعين على الحكومات المدينة أن تلتزم بشكل جدير بالثقة بتوجيه التدفقات الخاصة في المستقبل بطرق تُـفضي إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي تحصين نفسها ضد صدمات المستقبل وانتكاساته. ويجب أن يكون تخفيف الديون والتعافي المستدام وجهين لعملة واحدة. ومن منظور أفريقيا، تشتري هذه العملة المكافأة الكبرى، التي تتمثل في مستقبل أكثر ازدهاراً وقدرة على الصمود. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App

مشاركة :