*الإِبَاء والكَرَاهَة: قال أبو هلال العسكري: (إنَّ الإِبَاء هو أن يمتنع، وقد يَكْرَه الشَّيء مَن لا يقدر على إبائه، وقد رأيناهم يقولون للملك: أبيت اللَّعن، ولا يعنون أنَّك تكره اللَّعن؛ لأنَّ اللَّعن يكرهه كلُّ أحدٍ، وإنَّما يريدون أنَّك تمتنع مِن أن تلعن وتشتم؛ لِمَا تأتي مِن جميل الأفعال، وقال الرَّاجز: ولو أرادوا ظلمه أبينا. أي امتنعنا عليهم أن يظلموا، ولم يَرِدْ أنَّا نَكْرَه ظلمهم إيَّاه؛ لأنَّ ذلك لا مدح فيه، وقال الله تعالى: «وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ» [التَّوبة: 32]، أي: يمتنع مِن ذلك، ولو كان الله يأبى المعاصي كما يكرهها، لم تكن معصيةٌ ولا عاصٍ). *البُغْض والكَرَاهَة: قال أبو هلال العسكري: (الفرق بين البُغْض والكَراهة أنَّه قد اتَّسع بالبُغْض ما لم يتَّسع بالكَراهَة، فقيل: أُبْغِض زيدًا أي: أُبْغِض إكرامه ونفعه، ولا يقال: أكرهه بهذا المعنى، كما اتَّسع بلفظ المحبَّة، فقيل: أُحِبُّ زيدًا، بمعنى: أحبُّ إكرامه ونفعه، ولا يقال: أريده، في هذا المعنى، ومع هذا فإنَّ الكَرَاهَة تُسْتَعمل فيما لا يُسْتَعمل فيه البُغْض، فيقال: أَكْرَه هذا الطَّعام. ولا يقال: أَبْغُضه، كما تقول: أُحِبُّه. والمراد أنِّي أكره أكله، كما أنَّ المراد بقولك: أريد هذا الطَّعام، أنَّك تريد أكله أو شراءه. * الكَراهَة ونُفُور الطَّبع: قال أبو هلال: (إنَّ الكَرَاهَة ضدُّ الإرادة، ونُفُور الطَّبع ضدُّ الشَّهوة، وقد يريد الإنسان شرب الدَّواء المرِّ مع نُفُور طبعه منه، ولو كان نُفُور الطَّبع كراهةً، لَمَا اجتمع مع الإرادة، وقد تُسْتَعمل الكَراهَة في موضع نُفُور الطَّبع مجازًا، وتُسمَّى الأمراض والأسقام: مكاره؛ وذلك لكثرة ما يَكْرَه الإنسان ما يَنْفِر طبعه منه.
مشاركة :