يعد متحف الآلات الموسيقية بالقاهرة أحد أهم المتاحف المتخصصة في هذا المجال، حيث يضم عشرات الآلات الموسيقية القديمة والمعاصرة، التي استخدمت في الموسيقى العربية عبر العصور، بداية من العصر الفرعوني حتى الآن. والمتحف تابع لمعهد الموسيقى العربية الذي عند إنشائه عام 1923 قرر المسؤولون عنه إقامة متحف خاص للآلات الموسيقية، حيث تم اختيار لجنة لفحص الآلات الموسيقية المستخدمة في الوطن العربي وضم ما يصلح منها إلى المتحف، إضافة إلى آلات موسيقية من الصين ومن دول أوروبية. من أشهر الآلات التي يضمها المتحف أوركسترا من الآلات الصينية، متمثلة في النحاسيات ومجموعة من الآلات الإيقاعية مثل النقرازنات ويؤكد د.أحمد رشاد المشرف على المتحف أن به آلات مختلفة مثل السنطور والفيولا وألبانجو والباندير والصاجات والمزمار البلدي والأرغول والناي والإكسليفون والبزق. إضافة إلى الآلات العلمية ومنها آلة لضبط أصوات السلم الموسيقي وصونومتر لقياس الأصوات. في عام 1965 زارت الفرقة الموسيقية اليابانية المعهد وأهدته آلة كوند، وتستخدم في أداء الفولكلور. يضم المعهد مجموعة من أهم الآلات الوترية في الموسيقى العربية، ومنها العود، والذي أطلق عليه القدامى لقب سلطان الآلات، وهو عماد التخت العربي، استعمله علماء الموسيقى في العصر العباسي أمثال الكندي والفارابي وابن سينا وصفي الدين الأموي في شرح الموسيقى النظرية وأصولها ولا يزال معظم المطربين في العالم العربي يستعملون العود مصاحباً لهم عند الغناء. ومن الآلات التي تدخل في فصيلة العود النبرق والطنبور وألبانجو والجيتار والماندولين وآلة العود من الآلات الوترية التي عرفتها الممالك القديمة، استعملها قدماء المصريين، حيث عرفت في الدولة الحديثة بالعود ذي الرقبة القصيرة، وعثر في مدافن طيبة على آلة من هذا النوع، محفوظة بالمتحف المصري في برلين، ويتم النبر على أوتارها بريشة من الخشب. أما آلة الماندولا فمكونة من أربعة أوتار معدنية وتختلف عنها قليلا آلة الطنبور، وهي آلة وترية من فصيلة العود، صندوقها الصوتي نصف كروي، وللآلة رقبة طويلة تتسع لعدد كبير من الدساتير، وعرف قدماء المصريين هذه الآلة منذ حوالي سنة 1600 قبل الميلاد. ويؤكد د.زين نصار أنه لم تحتضن مدنية من المدنيات هذه الآلات بمثل ما احتضنتها المدنيات العربية فكانت هذه الآلات من آلة العود من أهم آلات الموسيقى العربية، وخصها الفارابي الفيلسوف العربي المتوفى عام 950 م وحدها في كتابه الموسيقى الكبير بأكثر من 120 صفحة وفرق فيها بين نوعين من الطنابر، فهناك نوع سمي بالطنبور البغدادي، ويستعمل في بلاد العراق، والطنبور الخرساني، وهو أكبر حجماً من الطنبور العراقي. وقد انتقلت هذه الآلات إلى أوروبا باسمها العربي، شأنها في ذلك شأن بقية الآلات الأخرى، إلا أن أوروبا لم تعنى بها كثيراً، وظل تطور هذه الآلات وقفاً على الحضارات الشرقية، وهي شائعة الاستعمال في سوريا والعراق وتركيا، وبعض بلاد البلقان. أما السنطور، فهي كلمة معربة عن الفارسية، ومعناها النبر السريع وهي آلة عبارة عن صندوق مصنوع من خشب الجوز، وأوتاره معدنية، تشد بطريقة ثنائية أو ثلاثية ويتراوح عددها بين 27 و100 وتر، ويضرب على أوتاره بمضارب من الخشب. وآلة السنطور، قريبة الشبه من آلة القانون وانتقلت من الممالك القديمة في الشرق إلى اليونان، ثم إلى أوروبا في العصور الوسطى عن طريق تركيا وبلاد البلقان، وتعد هذه الآلة الخطوة الأولى لصناعة البيانو. أما الطنبورة، فهي آلة فرعونية الأصل ظهرت في الدولة الوسطى في مصر، ولها نقوش تدل عليها في مدافن بني حسن وليس للآلة مفاتيح تضبط بواسطتها بل تلف الأوتار على حلقات تنزلق على اللوح الأمامي. آلة القانون والتي ينسب البعض ابتكارها إلى الفارابي اقتبست أوروبا هذه الآلة من العرب، واستمر استخدامها في أوروبا في القرون اللاحقة، ولم يقتصر انتقال القانون إلى أوروبا، بل انتقل أيضاً إلى الهند وأواسط آسيا والصين واليابان وروسيا، وتوجد منه أشكال متعددة في متحف الآلات الموسيقية بالقاهرة. كما يضم المتحف مجموعة من الآلات القوسية الشعبية مثل الربابة، كما توجد به أقدم آلة وترية وقع عليها بالقوس في تاريخ العالم كله وهي آلة هندية قديمة يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام قبل الميلاد واسمها رافانا سترون. آلات انتقلت إلى أوروبا تضم صالة العرض بالمتحف كذلك مجموعة من الآلات الإيقاعية مثل الدف والدربكة والرق، وآلة الهارب وهي آلة مصرية قديمة، وآلة الكسيليفون، هندية الأصل من أقدم الآلات في العالم، وهناك أيضاً آلة ألبانجو وهي نوع من الجيتار وهي صندوق مصوت صغير مثبت في إطار معدني، وهي آلة إفريقية، رقبتها طويلة، مشدود عليها أربعة أوتار معدنية مفردة أو مزدوجة، وهناك أيضا آلة الفلوت والسكسفون والأكورديون والكورتو، كل هذه الآلات عرفتها الحضارة العربية ثم انتقلت إلى أوروبا في أوائل العصور الوسطى. عرف العرب آلة الربابة منذ مئات السنين، وأطلق عليها الفرس اسم الكمنجة، ويضم المتحف كذلك مجموعة من آلة النفخ ومنها الناي، والتي تعد من أقدم آلات النفخ، وعرفت في الحضارة الفرعونية القديمة، بل كانت أحد العناصر الثلاثة الأساسية التي تتألف منها الفرقة الموسيقية في الدولتين القديمة والوسطى، وهي المغني والعازف بالصنج، والنافخ بالناي. ويضم المتحف مجموعة من أنواع الناي المختلفة فهناك الناي ذو القصبة الواحدة، وهناك الناي المزدوج، والذي قال عنه الفرابي وكثير من الناس يستعملون مزمارين يقرنون أحدهما بالآخر، ويعرف هذا الصنف بالمزمار المثنى والمزاوج، كما يضم المتحف آلة صينية من آلات النفخ تعرف باسم آلة الكنج، ويرجع تاريخها إلى حوالي عام 2700 ق.م.
مشاركة :