خرافة «الخمسة».. للزينة ومنع الحسد

  • 1/8/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«الخمسة»، أو تلك الجوهرة التي ترمز إلى كف اليد الواحدة، كثيراً ما ترتديها النساء عامة في تونس مع الحلي، دون أن تدرك أصلها وتاريخها ولا معناها غير غرض معين ومحدد يتمثل في إبعاد الشر والحسد والعين عنهن، والحال أنها مشتقة من الكثير من الثقافات المختلفة والحضارات وحتى الديانات، على الرغم أننا نجدها دوماً بالبيوت في شكل خزف أو زخارف أو حليّ أو حتى صور معلقة على الجدران. «كف ميريم» يؤكد المؤرخون أن تاريخ «الخمسة» وتسمى أيضاً «خمسة وخميس» يعود إلى عدة حضارات، ومنها الحضارة الفرعونية والديانتان الإسلامية واليهودية، مؤكدين أنها في اللغة العبرية تعرف بكلمة «همسة»، والتي تشير إلى كلمة خمسة، وكان قديماً في بلاد اليهود يطلق عليها اسم «كف ميريم»، حيث إن أول من ابتكرها وعرفها هم اليهود، وكانت بدايتها في تونس قبل أن تنتشر في بقية دول شمال أفريقيا، لتصل إلى مصر، ومنها إلى حضارة بابل في العراق، من أجل استخدامها للحماية من العين الشريرة والسحر، من خلال الدعاء واستحضار مساعدة الآلهة «تانيت الفينيقي» الذي كان يشتهر بانتشار هذه العبادة في تونس قديماً، قبل استخدامها في العراق للاستعانة بالآلهة «عشتار» المعروف في حضارة بابل القديمة. أما عند الحضارة الفرعونية، فكان لها تفسير آخر، حيث إن كل إصبع من الأصابع الخمسة في الكف، يشير إلى آلهة فرعونية مختلفة، ومنهما «إيزيس وأزوريس وحورس وغيرهم»، قبل أن يدعي البعض أن هذا الكف يعني الدعاء للآلهة باستخدام الحواس الخمس، من أجل نيل رحمتها لحمايته. حماية الحوامل وأشار المؤرخون في هذا الجانب إلى أن هذا الكلام ذكر في إحدى مخطوطات اليهود، والتي تحتوي على الكثير من أسرار اليهود القديمة خلال فترة إقامتهم في مصر، مؤكدين أنه وبعد ظهور الديانة المسيحية بدأت الظاهرة في الانتشار أكثر في المنطقة العربية، وتمت تسمية «الخمسة» باسم «يد مريم العذراء»، حيث كانوا يتباركون بها، خاصة في أوساط السيدات عامة والحوامل منهن خاصة، بغرض المحافظة على الجنين وعدم فقدانه أو إصابته بأي مرض، إلى جانب الحماية من الحسد والعين. كما أوضح المؤرخون أنه وبعد الفتوحات الإسلامية التي وصلت إلى الأندلس عرف المسلمون هذه العادة التي أصبحت ظاهرة، وأطلقوا عليها لقب «كف فاطمة»، ما جعل هذه «الخمسة» كثيرة الاستخدام في الحماية من الحسد سواء للأشخاص أو الممتلكات، وذلك إلى يومنا هذا حتى أصبحت عادة عربية وردت على حضاراتنا عبر مختلف المراحل. بدعة وخرافة والمعروف أنّ الحسد هو التمني بزوال النعمة من الغير، وهو من الأشياء المذكورة في القرآن الكريم، والذي تحدث عن مدى تأثيره السيئ على الإنسان، ولكن البعض ربط حدوث أي مكروه له بالحسد، حتى لجأ إلى استخدام بعض الأشياء الخرافية، كما تفنن البعض الآخر في ابتكار بعض البدع للتجارة لإيهام الناس بالتخلص من تأثيرات الحسد. عادة متوارثة يقول الباحث التونسي سعيد الجريدي، في هذا السياق: «هذه خرافة دعمتها الأساطير عبر الأزمنة ولاتزال النساء يؤمنّ بها لاعتقادهن بأنها تبعد العين الشريرة والحسد وكل مكروه قد يحدث لهن، في حين أن بعضهن، وحتى بعض الرجال، لا يعرفون تاريخها وأصولها، ولكنهم يستخدمونها للغرض ذاته». ويشير الجريدي إلى أنها عادة تمت وراثتها عن الأمهات والجدات، ولذلك تجدها دائماً معلقة على صدور النساء للحماية وللزينة أيضاً.

مشاركة :