ما من شك في أنه لا يوجد إنسان على وجه الأرض يفضل فرض الضرائب من أي نوع عليه، في بلدان الخليج ربما كانت مفاجأة فرض الضرائب عليهم، وهم يتمتعون بمميزات اقتصادية قد لا تتوافر لغيرهم من دول العالم التي تسبح في بحر من الضرائب.في يونيو 2016م وافقت دول مجلس التعاون الخليجي على اعتماد ضريبة القيمة المضافة، وصادقت السعودية على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة في فبراير 2017م، وبدأت في 1 يناير 2018م في تطبيقها بنسبة 5 في المئة، وفي 1 يوليو 2020م رفعت نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة على جميع السلع والخدمات الخاضعة لها.وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة غير مباشرة، تفرض على بعض السلع التي تبيعها المنشآت، وتُطبق هذه الضريبة في أكثر من 160 دولة حول العالم، وهي تعد مصدر دخل أساسي لدعم ميزانيات الدول، وكان من نتائج تطبيق القائمة المضافة في بلادنا أن تم تخفيض عجز ميزانية الدولة -حسب إحصاءات وزارة المالية- من 238 مليار ريال عام 2017م إلى 131 مليار ريال في 2019م، كما تقلص الإنفاق الحكومي والخاص، وطبعا ارتفعت أسعار بعض المواد الاستهلاكية، كالمواد الغذائية والخدمات كالتعليم والفنادق والمطاعم، وانخفضت كمية الواردات السلعية بنسبة 9 في المئة، وطبعا دعمت الحكومة الأسر المستحقة عبر «حساب المواطن» بقيمة تتراوح ما بين 2 إلى 2,5 مليار ريال شهريا.ونتج عن فرض هذه الضريبة تنويع مصادر الدخل القومي بعيدا عن النفط، وتوطين عدد من الوظائف للجنسين، والانطلاق في إصلاحات اقتصادية ومشروعات عميقة حيوية، تعود بالنفع على المواطن في المستقبل المنظور، ومحاولة التصدي لآثار جائحة كورونا، التي نتجت عنها قلة الطلب على النفط، وبالتالي تأثر الموازنات المالية للدولة، ومن نتائجها أيضا تغير الأنماط الاستهلاكية للمواطنين، وانحسار بعض العادات والتقاليد المكلفة اقتصاديا، كالحفلات بأنواعها والولائم والسياحة وغيرها، ظهرت فكرة البحث عن عمل إضافي لدعم أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، ونستطيع القول إن هذه الضريبة ساهمت في تغيير سلوك بعض الأفراد الذين تأثروا جراءها.ورغم إقرار هذه الضريبة، يبقى الوضع الاقتصادي متعافيا، ويكفي أن بلادنا جاوزت بنا جائحة كورونا بإدارة الأوضاع الاقتصادية -رغم قسوتها- باقتدار، ولم يلحظ المواطن أي تغير في نمط معيشته.
مشاركة :