القاهرة: محمد حسن شعبان تحيي قوى ثورية تنتقد الأداء الأمني للسلطات المصرية الجديدة يوم غد (الثلاثاء) ذكرى مقتل نشطاء في شارع محمد محمود بوسط القاهرة قبل عامين، ما يثير تخوفات بشأن صدام محتمل مع الشرطة، يرى مراقبون أنه قد يعمق الشكوك بشأن جدية الحكومة المدعومة من الجيش في إنجاز التحول الديمقراطي في البلاد. وكشف فعاليات إحياء ذكرى قتلى شارع «محمد محمود» قدر التعقيد في المشهد السياسي المصري؛ فجماعة الإخوان التي أطيح بها من الحكم كانت تأمل المشاركة في الفاعلية، لكنها أحجمت عن ذلك مع استشعارها الحرج؛ إذ إن تصريحات قادتها مثلت في رأي القوى الثورية غطاء لـ«مقتل» النشطاء حينها، كما أن قوى سياسية مشاركة في المسار السياسي الحالي تفضل غض الطرف عن تلك الأحداث التي قد تفتح الطريق أمام مساءلة قادة أمنيين. وفي خطوة بدت «مستفزة» للقوى السياسية الداعية لإحياء الذكرى الثانية للحدث، أعربت وزارة الداخلية عن احترامها لـ«إحياء ذكرى شهداء محمد محمود»، تخليدا لما عدته «دورهم في مسيرة العمل الوطني»، مؤكدة حرصها على إتمام فعاليات الاحتفاء بتلك الذكرى في الإطار الذي يتناسب مع وعي وتحضر المشاركين فيها، حسب بيان أصدرته الوزارة أمس. وقتل العشرات من بين آلاف المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالإسراع في نقل السلطة من الجيش في ذلك الوقت. ووقعت الأحداث الدامية حينذاك في شارع «محمد محمود» القريب من مواقع السلطة في القاهرة، والذي بات يعرف بـ«عيون الحرية»، بعد أن فقد الكثيرون القدرة على الإبصار جراء طلقات الخرطوش التي يعتقد أن قوات الأمن أطلقتها باتجاه المتظاهرين، أشهرهم الناشط السياسي أحمد حرارة وهو طبيب فقد كلتا عينيه خلال مواجهات في ذلك الشارع. ويقول أصحاب دعوة إحياء ذكرى شارع محمد محمود، إن دماء «الشهداء» الذين سقطوا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 كانت السبب في تعجيل انتقال السلطة من المجلس العسكري الذي أدار البلاد عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى أول رئيس مدني منتخب في منتصف 2012. ويعتقد على نطاق واسع أن مقتل النشطاء في شارع محمد محمود كان أبرز نقاط التحول في موقف القوى الثورية من جماعة الإخوان المسلمين، التي رفضت حينها المشاركة في الاحتجاجات، وعدت المشاركين فيها «مخربين». وتنفي وزارة الداخلية استخدامها لطلقات الخرطوش في تلك المصادمات. وشاع في البلاد حينها استخدام تعبير «الطرف الثالث» الذي نسب إليه محاولة «الوقيعة» بين شباب الثورة والقوى الأمنية. وعقب ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أطاحت بحكم الرئيس السابق مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، وجهت الاتهامات لـ«الإخوان» باعتبارهم المسؤولين عن تلك الأحداث. وحرصت القوى السياسية الداعمة لثورة 30 يونيو على تأكيد مشاركتها في إحياء الذكرى، لكنها أبدت حذرا أكبر في تعاملها مع الفعالية المرتقبة، متجنبة توجيه انتقادات لقادة الجيش والشرطة. وقالت حملة تمرد الشعبية التي قادت المظاهرات التي انتهت بعزل مرسي إنها ستشارك في إحياء ذكرى «شهداء» محمد محمود، لكنها ستنسحب حال وقوع اشتباكات بين قوات الأمن والنشطاء. وتضيق قوات الأمن على مظاهرات تنظمها جماعة الإخوان منذ عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي، لكنها ستترك على الأرجح مساحة أكبر من الحرية أمام القوى المشاركة في إحياء ذكرى قتلى محمد محمود. وقالت وزارة الداخلية في بيانها إن الوزارة «تقدم تعازيها لكل شهداء الثورة الذين سالت دماؤهم الزكية لتروي شجرة النضال الوطني الذي سيسطره التاريخ في تلك المرحلة الفارقة من عمر الأمة.. عاشت مصر حرة أبية والمجد لشهدائها». وشددت الداخلية على اتخاذها الإجراءات اللازمة لتأمين المشاركين في إحياء تلك الذكرى، ودعت الجميع «لشدة الانتباه واليقظة، حتى لا يندس بينهم من يكدر سلامها أو يحيد بها عن أهدافها». وفي السياق نفسه، ناشد مجلس الوزراء المواطنين توخي الحذر الشديد والحرص خلال مشاركتهم في فعاليات إحياء ذكرى محمد محمود، وأوضح في بيان له أمس أن بعض الجماعات تنوي الدفع ببعض عناصرها للاندساس وسط المتظاهرين من أجل الترويج للإشاعات وإثارة الفتنة والتحريض على العنف ضد الشرطة والجيش والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والمنشآت الحكومية. وأعلن مجلس الوزراء أمس أيضا أنه قرر اعتبار «شهداء أحداث محمد محمود الثانية» وكذلك «من استشهد خلال تأدية عمله من الصحافيين» «شهداء ثورة، وأن يعاملوا معاملة شهداء ثورة 25 يناير». ويطالب الداعون لإحياء الذكرى بمحاسبة أعضاء المجلس العسكري الذي كان يرأسه المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق، وأدار البلاد قبل حكم مرسي. وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي الحالي، عضوا في المجلس العسكري السابق. وينظر قطاع واسع من المصريين للسيسي باعتباره الشخص المناسب لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة.
مشاركة :