أنهى رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة، مهام مدير المخابرات الخارجية اللواء محمد بوزيت، في خطوة أثارت استغراب مراقبين كونه تسلم منصبه منذ أشهر قليلة فقط. وربط مراقبون عزله بـ«فشل ذريع» في تسيير ملفات واستشراف أحداث كبيرة وقعت بحدود البلاد.وقال مصدر برلماني، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن شنقريحة بلغ بوزيت قرار عزله، أول من أمس، عندما استقبله بمقر قيادة أركان الجيش. مبرزا أن «أحداثا كبيرة أطاحت بالضابط العسكري الكبير، من بينها ملف الأزمة الليبية الذي عجزت الجزائر عن التحكم فيه، بعكس ما يتمناه السياسيون».وصرح الرئيس عبد المجيد تبون، مرات عديدة، بـ«أن لا شيء يتم في ليبيا، بخصوص تسوية الأزمة السياسية، من دون مشاركة الجزائر»، غير أن اختيار أطراف الأزمة الداخلية، المغرب وتونس لعقد اجتماعاتهم، عد فشلا دبلوماسيا للجزائر، ولكنه أيضا فشل أمني حملته السلطات لمدير الأمن الخارجي، الذي «لم يحسن المناورة، حسبها، لنقل المفاوضات إلى أكبر قوة بالمنطقة».وأكد المصدر البرلماني، أن اللواء بوزيت «متهم» أيضا بالقصور بخصوص توقع اعتراف الإدارة الأميركية بسيادة المغرب على الصحراء، وتطبيع الرباط علاقتها مع إسرائيل، وهما حدثان كانا مفاجئين بالنسبة للجزائر، دبلوماسيا واستخباراتيا.وعينت قيادة الجيش، بوزيت الشهير بـ«يوسف»، على رأس مديرية «التوثيق والأمن الخارجي» بالعاصمة منتصف أبريل (نيسان) الماضي، خلفا للعقيد كمال الدين رميلي. وأشرف على التنصيب سعيد شنقريحة الذي كان يومها ضابطا برتبة لواء ورئيسا لأركان الجيش بالنيابة. وقد صرح بأن تغيير مدير جهاز الأمن الخارجي، «تم بناء على قرار من الرئيس تبون بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة». ودعا ضباط الجهاز الأمني إلى «الالتفاف حول قائدهم الجديد ودعمه في حدود صلاحياتهم».وكان تعيين بوزيت مديرا للمصالح الخارجية للاستخبارات، جاء بعد ثلاثة أيام من عزل وسجن مدير الأمن الداخلي الجنرال واسيني بوعزة، واستخلافه بالجنرال عبد الغني راشدي. وتم عرض واسيني لاحقا على النيابة العسكرية، بتهمة «سوء تسيير الجهاز الأمني». ويعد جهاز الأمن العسكري العمود الفقري للنظام السياسي، تتمثل قوته في التمكين لمؤسسة الجيش داخل مفاصل الدولة، فضلا عن دوره في تقييد الحريات ومراقبة المعارضة وإحداث نزاعات بها. وقد كان له دور كبير في الحؤول دون سقوط النظام، في بداية الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس ووزير الدفاع عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أبريل 2019. وفي سياق ذي صلة، قالت «مجلة الجيش»، لسان حال القيادة العسكرية، في عددها لشهر يناير (كانون الثاني) إن «الشعب الجزائري» يدرك يقينا ويؤمن بالقطع أن جيشه سيبقى درعا متينا وقوة ردع، ضد أي تهديد أو حتى مجرد نية من أي جهة أو تحالف كان، لأن التفكير في المساس بأمن وسلامة وسيادة الجزائر الغالية هو من قبيل الوهم والسراب»، من دون تحديد المقصود بهذا الكلام.وأكدت النشرية العسكرية «الجيش الوطني الشعبي، سيظل يواجه التحديات الأمنية المتسارعة في محيطنا الجغرافي، ويتصدى لكل المحاولات العبثية والآمال الوهمية، وهو على استعداد للتضحية في هذا السبيل، مستندا في ذلك إلى ترسانته القوية ووحداته المحنكة، وقبلهما عزيمة الرجال الأشاوس الذين لا ترهبهم التهديدات ولا التحالفات، لأنهم بكل بساطة يحملون الجزائر في قلوبهم ويؤمنون بعقيدة جيشهم». ويرجح بأن المقصود بـ«التحالفات»، إقامة المغرب علاقات مع إسرائيل.
مشاركة :