«القماش الأسود هو ذلك الظلام المختلف» مقاربة حول قصة «القماش الأسود» للكاتب محمد أبو حسن

  • 1/9/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ضمن المناقشات السردية التي تقيمها مجموعة سرديات من نصوص أدبية ومقالات فكرية، تمت مناقشة قصة «القماش الأسود» للقاص والكاتب محمد أبو حسن ضمن مجموعته القصصية «ابتسامات هاربة»، وذلك ضمن هذه المجموعة التي تضم العديد من الأدباء والكتاب من روائيون وقاصون ومفكّرين.وقد تم عرض القصة من قبل رئيسها الدكتور فهد حسين المدير والمعد للبرامج والأنشطة الأدبية التابعة لها حيث دعي لها جميع الأعضاء. القصة تناولت أبعادا موضوعية اجتماعية فنتازية في سردها ومشاهدها لذلك الصراع والمتمثل في فقدان صديق لصديقه وهما سلمان وسعيد الذي لازمه وعاش معه منذ بداية طريق عملهما معا في السوق المركزي يجران عربتهما لكسب الرزق الحلال من تلك المهنة حتى بلغا الأربعين من العمر، إلا أن القدر فرقهما عن بعض بسبب حادث مروع تسبب فيه أحد السواق المتهورين ليفترقا بعد تلك السنين التي جمعتهما معا على الحلوة والمرة. بعدها يبقى سلمان ولشدة ذلك الفقد يعيش أوهاما وصراعا بينه وبين نفسه باحثا عن ذلك الصديق حتى يأس من ذلك وبقي عائشا في حياته السوداء بحزنه وألمه.كان لتك الأبعاد التي تحملها القصة صدا جميلا ومؤثرا بين أوساط كتاب وأدباء مجموعة سرديات تمثل في طرحها وردودها بين السلب والإيجاب والتصفيق لذلك النص، ومن أبرز تلك الردود التي جاءت: القاص عباس عبدالله: جميلة هذه القصة ولم تخرج عن نسق ما أتحفنا به الأستاذ محمد أبو حسن من العلاقات الاجتماعية والصداقة والفراق والوفاء.أما الكاتب وهب رضي علق قائلا: درس الموت المفاجئ أو ما يدعوه البعض بالأجل المخروم أو الاخترامي الذي يمكن دفعه بأعمال الخير - بإذن الله - قبال الأجل المحتوم أو الحتمي الذي لا يمكن للإنسان تغيير شيء فيه. ثيمة الفقد ربما الكثير منا عانى منها سواء أباعد أو أقارب إلا أن الصبر أو التصبر هو ما يصنع منها مجرد ذكرى عابرة لا يتوقف عندها المرزي فتتعطل حياته وكافة أنشطته بل يحتسب ذلك زيادة في الأجر ويمضي في طريقه يصنع أمجاد ذاته وأهله ووطنه.القاصة والروائية فتحية ناصر: حينما تأخذ المحبة خطواتنا لنفس الطريق الذي سبقنا إليه الأحبة. لأننا لا نقوى على الفراق. ويأتي الروائي الدكتور جعفر الهدي قائلا: من وحي القصة: الفقد يمكن أن يكون مؤلماً جداً أو مؤلماً فقط لكن ذلك يبقى فقداً عادياً مؤثراً لوقت ما ثم يذهب بشكل تدريجي فتعود لحياتك الطبيعية. وقد يكون فقداً موحشاً مقطعاً لنياط القلب وجذور النفس فذلك ما يحيل حياتك لحياة جديدة ليست كالتي قبلها. يحدث التباين حين يكون هناك من يشغل حياتك وينسيك الفراغ.. ويتغلغل في خلاياك بصخبه فيصبح شيئاً منك، الصديق الذي يملأ مساحة من حياتك ودون أن تشعر يجعل حياتك مليئة بالمعاني، سلبية أو إيجابية! ذلك الفقد يجعلك تشعر بالمساحة التي كان يشغلها، والمعاني التي كان يصنعها، فإذا غاب فجأة تشعر بالسقوط في حفرة عميقة. قد تنهض وتملأ ذلك الفراغ وقد يصعب عليك ذلك، فيُبقى الفقد فيك جرحاً لا يشفى، وقد يكبر الجرح فتتوه فتواجه قطعة القماش الأسود.القماش الأسود هو ذلك الظلام المختلف، ليس كالظلام الذي نراه كل يوم، إنه ظلام آخر، لا تشعر به إلا حين تفقد صديقاً كان يملأ حياتك صخباً. ويضيف الكاتب والشاعر كريم رضي حيث جاء في قوله: القصة تضم عربة أيضا وأعتقد نحن فعلا بحاجة لملاحقة ثيمة العربة ولماذا تحضر بهذه الكثافة إلى اليوم منذ عربة محمد عبدالملك في العقد السابع من القرن العشرين إلى عربانة ماهر عباس مرورا بالغربة عند معظم قاصي البحرين إلى درجة أنه قد لا يوجد قاص بلا عربة. - الجزء الأول من القصة وصولا إلى لحظة إفاقة سلمان في المستشفى قد يكون زائدا وربما ملتبسا لأنه يجعلك تتصور أنه الآن في السوق لأن كلمة اعتاد وهي في اللغة الانجليزية تضاهي Always قد لا تفيد الماضي بل تفيد الآن وكل يوم، لذلك يمكن الاستغناء عن هذا الجزء والبدء بلحظة إفاقته في المستشفى ثم يتذكر لحظة السوق بالعكس بدلا من البدء بلحظة السوق الذي قد يخلق التباسا في زمن السرد. - فنتازيا الصوت والصورة التي يحضر فيها سعيد شبحا بعد الموت تعطي السرد بعدا عجائبيا وصولا إلى الشيخ الذي يلقي على وجه سلمان منديلا أسود هي فنتازيا تعطي السرد إثارة مطلوبة لإخراج الحدث من رتابته لكن مع ذلك شعرت أن القصة ما تزال بحاجة إلى استكمال على نحو ما. - أعتقد كان من الممكن إعطاء نرجس دورا أكبر لأن المرأة يمكن أن تفتح انغلاق السرد وتضيف له مدى أوسع وأعمق.الشاعرة والكاتبة فاطمة محسن: لا ننتهي أبدا من الفقد يحاصرنا دائما كجيش يحتل كل مناطق القوة فينا وفقد الصديق موجع لدرجة أن الحديث عنه لا يترجم مدى فداحة هذه الخسارة.الكاتبة والمسرحية زهراء المبارك: القصة مؤلمة، إنسانية بما تحمل معانيها جميلة تقاسيم الحدث هي نفس روح الكاتب، فقط ملاحظتي على أن يحمل العربة الذنب في موت صديقة في جملة ( مرددا: ابتعدي عني فلا حاجة إلي بك، فقد فقدت أعز ما لدّي بسببك) الأنسب أن يكون الربط بالذاكرة وأن العربة هي ذكرى مؤلمه تذكره بصديقه وإلا كيف تكون العربة سبب بينما هي جماد تحتاج من يحركها ويدفعها .ملاحقة الحنين لمن نفقدهم حضر بقوة في القصة, حيث الشعور والإحساس متمكن ومسيطر على قلم الكاتب, حيث أوصلنا إلى شعور الحنين لكل الأحبة الذين فقدناهم. وحتما سيغطي وجهه وشاح أسود من ذكرى موجعة.الكاتب الدكتور علي خميس الفردان: هل جاءت القصة في وقتها؟ لتكمل بوح الأصدقاء على الأستاذ فريد. هؤلاء أصدقاؤه يبحثون عنه في الذكريات.. في الروايات في القصص في المسرح.. في المواقف.. في الابتسامات.. في المحيط!!! هذا هو لون محمد بو حسن. لون الحنين للماضي. للأم للأب للصديق للحبيبة للبحر للنخل. إن يستمد قصصه من بيئته من روحه من عالمه النفسي والأخلاقي، خيط من ألم الذكرى يشكُّ معظم نصوصه السردية والشعرية، إنسان مرهف الحس، رقيق الشعور. هذا هو صديقي الحبيب محمد أبو حسن. وأخيرا القاص حسين خليل جاء في رده قائلا: قصة جميلة أستاذ محمد، أعجبتني اللحظات التي تعود بها الأصوات إلى الماضي لترسم القصة من البداية. نقطة واحدة فقط لدي، وهي عندما مات الصديق عرفت أنا كقارئ أن سعيد يعيش خيالات رغم أنه لم يكن يعتقد أنها كذلك. هناك تقنية لدى بعض الكتاب يجعلون الشخصية والقارئ على حد سواء يعيشون لحظات من الشك، هل هذه توهمات أم حقائق؟! أتصور أن الكاتب لم يسعى لذلك، لكن هذه التقنية لو استخدمت لكانت رائعة. أجدد ثنائي على هذا القلم الجميل.

مشاركة :