ابنة البابا.. الكنيسة في عصر النهضة الإيطالية

  • 1/9/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رواية «ابنة البابا» للكاتب داريو فو، هي رد اعتبار لشخصية لوكريسيا وحياتها، حيث تعيد الرواية كتابة قصتها بشكل درامي، وتسقط الاعتبارات القديمة التي تنظر إليها كوحش وعاهرة وشخصية سامّة، حيّرت الكتّاب منذ وفاتها عام 1519 عن عمر 39 سنة. وُلدت هذه الابنة غير الشرعية للبابا ألكسندر السادس من عشيقته فانوزا دي كاتانيه، التي استمرت علاقتهما طويلاً، في عائلة سياسية بامتياز. فقد اشتهر والدها بقسوته، حتى بعدما أصبح رأس الكنيسة، ويُعتقد أن أحد إخوتها، (شيرازي) (كردينال)، شكل النموذج الذي استندت إليه شخصية «الأمير» لمكيافيللي. رتبت زيجات لوكريسيا الثلاثة لتتلاءم مع مصالح العائلة: انتهى الزواج الأول عندما ألغاه أبوها البابا، وانتهى الثاني بمقتل زوجها، ربما بترتيب من شيرازي. تفسر هذه الوقائع، إلى حد كبير، الجرائم التي تُنسب إلى لوكريسيا. فقد قيل خلال حياتها إن طفلاً غير شرعي ولد في الفترة الفاصلة بين زيجاتها هو ابن أخيها ومن ثم ابن أبيها من علاقة ما (مع نساء أخريات). وقد شكل هذا، على الأرجح الأساس وراء إشاعات سفاح القربى. بالإضافة إلى ذلك، ساهم موت زوجها الثاني ووفاة الكثير من خصوم آل بورجيا في انتشار سمعة لوكريسيا كامرأة خطيرة ربما تلجأ إلى السم في عمليات القتل. لكن فو (الكاتب) لا يقبل بكل هذا. ففي سرده الخيالي لحياتها، تتحلى لوكريسيا، بالجمال والذكاء. ويشدد على توليها خلال فترة وجيزة واجبات والدها الكنسية، دافعاً باستمرار الشخصيات، التي تستند إلى شخصيات تاريخية حقيقية، إلى مدح مزاياها. حتى إنه يبدو كمن يعبر عن آرائه الخاصة من خلالها، مثلاً عندما يقول دوك إركول ديستيه (شقيق من أصبح لاحقاً زوجها الثاني) لابنه: «بخلافك، بذلت جهداً لأتعرف إليها قليلاً، تلك المرأة الصالحة التي تعتبرها أنت بائعة هوى مزيفة». يكثر هذا المديح في كتابه، الذي يبدو أقرب إلى عرض شفهي مطول منه إلى رواية بكل معنى الكلمة. تقع الشخصيات بسرعة تحت تأثيرها، يقول أحد العشاق: «رأيت عينيك الجميلتين، حركاتك المتناغمة، حتى إنني شممت رائحتك المميزة». كذلك تتبدل حالات الكره العميق بسرعة، كما عندما يخبر البابا ابنته عن إصلاحاته الوشيكة في الكنيسة. فتمسكه وتمطره بالقبل، قائلة: «قبل ساعة، كنت أكرهك كثيراً... لكني أشعر الآن بحب تجاهك لا يشبه أي مشاعر أخرى اختبرتها». لا يشكل هذا وصفاً غير منطقي فحسب، بل درامي أيضاً. وقبل موتها نتيجة مضاعفات حملها العاشر، خُلد جمال لوكريسيا في لوحات وقصائد. كذلك يمكننا أن نستشف شغفها وذكاءها من خلال الرسائل (لعشاقها) التي تركتها وراءها.

مشاركة :