بينما أجلس مع أحد أصدقائي على المقهى نتجاذب أطراف الحديث إذا بهاتفه يرن، فرد فإذا به أحد أصدقائه فأخبره أنه يجلس على المقهى وأني معه فأتى وجلسنا نكمل حديثنا وفجأة قال لي هو مش أنت بتكتب؟ فقلت أكتب ماذا؟ قال: أنا متابع مقالاتك وعلشان كدة لما عرفت أنك موجود على القهوة أتيت ودار بيننا الحوار التالي: هو: على فكرة ما تتكسفش من قعدة القهوة نجيب محفوظ كان له قهوة معروفة كان دائم الجلوس عليها. أنا: يا سيدي شتان بين ذي علم ومفتقرا! أين نحن من هذا العملاق؟ هو: احنا تعبنا من اللي بنسمعه عن أصحاب “الجلد التخين” أنا: من هم؟ هو: بص ياسيدي ” أبو جلد تخين ” ده راجل معندوش إحساس عايش علي قفا مراته. أنا: إذا كنت تقصد إنه سمح لزوجته أن تعمل فلا بأس أن تعمل الزوجة لمساعدة زوجها طالما لم ينتقص هذا من شأنها. هو: ياريت ده الراجل قاعد في البيت وهي اللي شغالة . انا: ربما منعه المرض أو الإعاقة فقامت المرأة بدور زوجها لتوفير متطلبات الحياة لا بأس أيضاً. هو: الكثير منهم بكامل صحته بس معندوش دم ما أنا بقولك البعيد جلده تخين. أنا: إذا أين القوامة؟ وهل يوجد من ليس لديه من النخوة والجدعنة لدرجة أنه يأكل من كد وتعب زوجته؟ هو: ما أنا قلت لك موجود هذا النوع وفي زيادة . انا: ربما تكون حالات نادرة وأعتقد أن هذا الشخص إما أن هناك خللاً في تربيته كمن تربى مثلاً على الاتكالية وعدم تحمل المسئولية أو من المدمنين الذين غيبت المخدرات عقولهم فأصبحوا لا يفرقون بين ما يجب وما لا يجب وما لهم وما عليهم تجاه زوجاتهم. هو: لا مش كدة بس أضف إليهم هذا النوع من الناس″ أبو جلد تخين” اللي أستريح ونام في البيت وهو في كامل قواه العقلية والبدنية و ساب مراته تعمل، وأزيدك من الشعر بيتا” أبو جلد تخين “عمل مشروع. أنا: تمام إذاً حس على دمه وهيبدأ يساعد زوجته أو يعززها ويستتها. هو: ضحك …. وقال والله انت طيب ده اتجوز تانى وشغل كل وحدة في مكان وهو كمل نوم، مش قلتلك يا أستاذ ده جلده تخين.. انتهى الحوار الذي دار بيننا والذي ظاهره نوع من الدعابة لكنه يحمل بين طياته قضية مهمة تسلب المرأة حقها الذي كفله لها الدين الحنيف، إن الله سبحانه وتعالى قد أوكل مهمة الإنفاق على الزوج تجاه زوجته، بل عدَّ ذلك مما فضله به عليها فقال {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } . وهنا تأتي رحمة الله بالمرأة حينما جعلها مكفولة في نفقتها، لا تحتاج إلى أن تمد يديها إلى أحد من الناس ما دام أن هناك من تجب عليه نفقتها من الرجال سواءً كانت أماً أو أختًا أو بنتًا أو زوجة، فيالها من صيانة للمرأة تتميّز بها شريعة الإسلام، لترفع بها المرأة إلى قدر كبير من التبجيل لها والاحترام لأنوثتها ورقتها، ولا يخفى عليكم كم التفكير في النفقة وجلبها من هَمٍّ يؤرق الرجال فكيف نريد أن تتحمله المرأة!! إن كفاية المرأة في حقها بالنفقة ليس حكمًا بشريًا ربما يزول أو يتغيّر، بل هو حق رباني لا يحق لأي قوة مهما بلغت أن تحجبه عنها أو تفكر في منعها منه. لقد أنزل الله تعالى هذا الحق لها من فوق سبع سموات فقال سبحانه { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } ولو يدرك الزوج أنه حينما يقوم بمسؤولية الإنفاق على زوجته يهيئها لمسؤولية أليق بها وأنسب ، يعود نفعها عليه وعليها وعلى أسرتهما بل وعلى المجتمع كله ، فهي التي توفر الراحة النفسية والبدنية له ، وتمنحه المزيد من السعادة والمودة ، حتى إنك لترى ذلك واضحًا على إنتاج الرجل في حياته العلمية والعملية ، أضف إلى ذلك مهمة تربية الأجيال ، وصناعة مستقبلهم. حقاً إنها ظاهرة تستدعي الدراسة وسيحاسب كل رجل تسول له نفسه استغلال زوجته بهذا الشكل فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته وكفى بالمرء إثماً أن يُضيع من يعول.
مشاركة :