أبلغت الهند منظمة التجارة العالمية أنها تتفاوض حاليا على إبرام اتفاق للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، واتفاق تفضيلي مع الاتحاد الجمركي للجنوب الإفريقي. جاء ذلك خلال استعراض المنظمة السابع للسياسات التجارية للهند، وهي عملية، فوضها اتفاق منظمة التجارة العالمية، تُدرس فيها سياسات الدول الأعضاء التجارية والسياسات المتصلة بها، مع رصد التطورات المهمة التي قد يكون لها تأثير في النظام التجاري العالمي. وتخضع جميع السياسات التجارية للأعضاء للاستعراض، مع تواتر الاستعراض حسب حجم الدولة بين كل عامين وثلاثة وأربعة أعوام. بدورها، سيجري الاستعراض الثالث للسياسات التجارية السعودية في آذار (مارس) المقبل. وعدّت منظمة التجارة أن النمو الاقتصادي في الهند ظل قويا بمتوسط قدره 7.4 في المائة حتى 2018، لكن منذ النصف الأول من 2019، اتجه إلى الضعف، نتيجة انخفاض الاستهلاك والاستثمار، خصوصا الخاص. وقالت المنظمة "إن الهند نفذت عددا من الإصلاحات، بما في ذلك تطبيق ضريبة السلع والخدمات لمواءمة نظام الضرائب غير المباشرة، وإقرارها قانون الإعسار والإفلاس لمعالجة مشكلة الديون في قطاع الشركات، وإصلاحات مصرفية لتحسين الإشراف على المصارف والشركات المالية غير المصرفية، وتشريعات لتحسين تسويق المنتجات الزراعية، وتخفيضات في معدل الضريبة الأساسي للشركات، من 36 في المائة إلى 22 في المائة، وإجراءات لتعزيز الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي. بدورها، قدرت السلطات الهندية أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنحو 5.1 في المائة خلال الفترة من نيسان (أبريل) إلى كانون الأول (ديسمبر) 2019. وأشارت إلى أن النمو الاقتصادي القوي هذا أدى إلى تحسن المؤشرات الاجتماعية - الاقتصادية، مثل الدخل الفردي والعمر المتوقع. لكن المنظمة قالت "إن التقديرات الأخيرة تشير إلى انخفاض النمو". في طرح برنامجها للأمن الغذائي، قالت الهند "إن القانون الوطني للأمن الغذائي يهدف إلى توفير الغذاء المدعوم لنسبة كبيرة من سكان الريف والحضر. في هذا الإطار سُنّت سياسات للإدماج الاقتصادي لضمان تقليل الضائقة في المناطق الريفية من خلال زيادة الحد الأدنى لأسعار الدعم للمنتجات الزراعية وتقديم الإعانات إلى المزارعين المباشر وغير المباشر، مثل المياه والكهرباء والبذور والأسمدة والتسويق والنقل والحبوب الغذائية بأسعار مدعومة للأسر المعيشية والأغذية المدعومة إلى 75 في المائة من سكان الريف و50 في المائة من سكان الحضر". كما أن الحكومة ما فتئت تزيد تدريجيا المدفوعات المباشرة للمزارعين، كما هي الحال في نظام مدفوعات نقص الأسعار، الذي يستفيد منه منتجو البذور الزيتية. بموجب هذا النظام، إذا انخفضت الأسعار إلى ما دون الحد الأدنى لسعر الدعم، فالفرق بين سعر السوق وسعر الدعم الأدنى يدفع مباشرة إلى المزارعين المسجلين. كما يجري تقديم التحويلات النقدية لشراء الأغذية المقدمة في إطار إدارة الأمن الغذائي الوطني. وذكرت الهند أنها لا تزال تحتفظ بضوابط على الأسعار، ولا سيما للمنتجات الزراعية. كما يتم التحكم في أسعار التجزئة للمنتجات الأخرى، مثل أسطوانات الغاز المسال والغاز الطبيعي والأسمدة والأدوية. وتوجد ضوابط للأسعار أساسا لدعم القطاع الزراعي، وضمان الأمن الغذائي، والحد من الفقر. لكن منظمة التجارة، التي توجه انتقادات إلى برنامج الأمن الغذائي الهندي باعتباره وسيلة تستخدمه الهند لزيادة صادراتها الغذائية مستفيدة من إعفاءات المنظمة لبرنامج الأمن الغذائي، قالت "إن الإعانة التي تقدمها الحكومة للأغذية تمثل ما يقرب من نصف إعاناتها الصريحة، كما أن الإعانة المقدمة للأسمدة تمثل ثلثا آخر". وذكرت أنه في حين إن الزراعة تمثل 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن حصتها من مجموع العمالة تزيد على 40 في المائة، وإنه بسبب حاجة الهند المستمرة إلى تحسين البنية التحتية، فإن الإعانات الزراعية الهندية تحتاج إلى تخفيض وتوجيه أفضل، لتحرير الموارد للاستثمار. ما يتعلق بالسياسة المالية للهند التي تقضي بخفض عجز الميزانية إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 31 آذار (مارس) 2021، والدين الحكومي العام إلى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024/2025، قالت المنظمة "إنه على الرغم من انخفاض العجز المالي بين عامي 2014/2015 و2018/2019، إلا أن البرنامج قد أخطأ الهدف في 2019/2020، وذلك بسبب ضعف الإيرادات الضريبية عما كان متوقعا، علاوة على أن العجز في الحساب الجاري لا يزال يُمول من الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار في الحوافظ المالية على السواء". مع ذلك، انخفض عدد مصارف القطاع العام إلى 12 مصرفا في 2020، فمع استحواذها على نحو 70 في المائة من إجمالي الأصول، فإنها لا تزال تهيمن على هذا القطاع. وتتوزع الأصول المتبقية بين 22 مصرفا خاصا، و46 مصرفا أجنبيا، وعدد كبير من المصارف الريفية والحضرية والتعاونية، والشركات المالية غير المصرفية. أكدت الهند أنها سعت إلى زيادة حصتها من الصادرات العالمية من 2.5 في المائة في 2015 إلى 3.5 في المائة في 2020، من خلال عدد من الحوافز، مثل مشروع تصدير البضائع والخدمات، وتغيير سياساتها وتدابيرها التجارية، وتحرير سياساتها المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر، ما سمح بمزيد من الاستثمار الأجنبي بنسبة تصل إلى 100 في المائة دون الحاجة إلى موافقة حكومية مسبقة في قائمة موسعة من الأنشطة الزراعية، خدمات النقل الإذاعي، خدمات الاتصالات والتجارة الإلكترونية، وسطاء التأمين، المطارات، والخدمات الجوية الأخرى وخدمات النقل الجوي. ولدعم الإنتاج المحلي والصادرات، تواصل الهند تقديم عدد من الحوافز، في شكل إعانات مباشرة ومخططات لدعم الأسعار، أو امتيازات أو إعفاءات جمركية، أو أسعار فائدة تفضيلية، أو حوافز ضريبية ومالية ومساعدة تسويقية، أو تخصيص ما يصل إلى 40 في المائة من إجمالي القروض المصرفية "للقطاعات ذات الأولوية"، كالزراعة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتعليم، والإسكان، والبنية التحتية الاجتماعية، والطاقة المتجددة، والصادرات. كما تُقدَّم للشركات المحلية أفضليات في إطار المشتريات الحكومية. وبشأن وضعها في منظمة التجارة العالمية، قالت المنظمة "إن الهند لا تزال من المستعملين النشطين لتدابير مكافحة الإغراق، وهي حاليا المستخدم الرئيس لهذه التدابير. خلال الفترة بين أول 2015 حتى كانون الأول (ديسمبر) 2019، أطلقت الهند 233 تحقيقا، وهي زيادة حادة منذ 2011-2014 حيث لم تتجاوز التحقيقات 82. تتعلق معظم التحقيقات بمنتجات منشؤها الصين، تليها كوريا الجنوبية والدول الـ28 للاتحاد الأوروبي". في نهاية 2019، فرضت الهند 254 رسما لمكافحة الإغراق، وبلغ متوسط طول تدابير مكافحة الإغراق 5.9 عام. خلال الفترة 2015-2020، أطلقت الهند 20 تحقيقا تعويضيا. والهند هي أيضا مستخدم نشط لتدابير الضمانات. حتى حزيران (يونيو) 2019، بدأت الهند 46 تحقيقا "12 في المائة من جميع تحقيقات الضمانات في منظمة التجارة العالمية". في عرض سياستها في مجال حقوق الملكية الفكرية، تبنت الهند في 2016 أول سياسة لحقوق الملكية الفكرية قدمت خلالها الدعم المالي والحوافز الضريبية لتشجيع إنشاء حقوق الملكية الفكرية وتسويقها، بما في ذلك خصم الرسوم على براءات الاختراع للشركات الناشئة بنسبة تصل إلى 80 في المائة. ونفذت عديدا من تدابير إنفاذ حقوق الملكية الفكرية، مثل إنشاء محاكم تجارية لتسريع إجراءات المحاكم المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية. غير أن منظمة التجارة ردت قائلة "إنه على الرغم من هذه الإنجازات، فإنه منذ عام 2018، لم يعد مسموحا للجمارك بالاستيلاء على الواردات المنتهِكة لحقوق الملكية الفكرية. لذلك، يلزم في الوقت الحاضر إصدار أمر قضائي لحماية حقوق البراءات من التعدي". وما يتعلق بقطاع الكهرباء، منحت الهند حوافز مختلفة لتوسيع شبكة التوزيع وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ما رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة "الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل رئيس" لتوليد الكهرباء من 14.6 في المائة في 2015 إلى 23.7 في المائة في 2020. مع ذلك، لا يزال الفحم المصدر الرئيس للطاقة في الهند. شكلت الخدمات نحو 54 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للهند في 2018/2019، بزيادة نحو 52 في المائة عن 2014/2015. يسهم هذا القطاع بنحو 70 في المائة في نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند. قطاع الخدمات الهندي هو أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر.
مشاركة :