الخلافات داخل النهضة التونسية تطال الشق الموالي للغنوشي

  • 1/10/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بلغت أزمة حركة النهضة التونسية ذروتها مع امتداد الخلافات إلى الشق الموالي لزعيم الحركة راشد الغنوشي، حيث أفضت انتخابات المكتب التنفيذي إلى زيادة تعميق الأزمة بعد تلقي جناح الغنوشي خسارة كبيرة. ويؤكد المتابعون أن سبب تراجع المحسوبين على الغنوشي يعود إلى انقسامات حادة في ما بينهم بدأت ملامحها تظهر إلى العلن. تونس - اتسعت هوة الخلافات داخل حركة النهضة الإسلامية في تونس لتطال الشق الموالي لزعيمها راشد الغنوشي، بُعيْد أيام من انتخابات المكتب التنفيذي للحركة، لتعلن بداية أزمة جديدة داخل الحزب إثر نتائج الانتخابات الداخلية التي كشفت تراجع عدد داعمي زعيم الحركة وممثليه. وتطرح مرحلة ما بعد الانتخابات الداخلية للنهضة مدى جدية الممارسة الديمقراطية التي يزعم أصحابها اتباعها، فضلا عن حقيقة رفض الغنوشي لتزكية القيادي البارز عبداللطيف المكي لترؤس المكتب التنفيذي، خصوصا وأن رئيس المكتب في تقاليد الأحزاب يختاره الرئيس. ووصف القيادي بحركة النهضة محمد بن سالم، ما حصل خلال تزكية أعضاء المكتب التنفيذي للحركة الخميس الماضي بـ"الغريب"، معتبرا أن من سقطوا سقوطا وصفه بالمدوّي "هم الأقرب إلى رئيس الحركة"، مؤكدا أن "مردّ ذلك أن المجموعات الموالية للغنوشي هي نفسها منقسمة في ما بينها". ونفى بن سالم خلال تصريحات لإذاعة محلية مؤخرا، أن "تكون مجموعة المئة وراء إسقاط رفيق عبدالسلام صهر الغنوشي على سبيل المثال"، لافتا إلى أن "المحيطين برئيس الحركة لم يكونوا راضين عنه". وأكد أنه "خلافا لما ورد في بيان مجلس الشورى، فإن من نالوا تزكية المجلس هم اثنا عشر عضوا وليسوا سبعة عشر"، مشيرا إلى أن "القيادي عبداللطيف المكي لم يحظ بالتزكية". وأوضح بن سالم أن "القانون ينص على اعتماد أغلبية المصوتين، وعلى ألا يقل عددهم عن ثلث أعضاء مجلس الشورى". واعتبر أن "تقديم رئيس الحركة قائمة تضم أسماء 70 في المئة من أعضاء المكتب التنفيذي، الذي سبق له حله قبل ثمانية أشهر يثير نقاط استفهام عديدة"، داعيا إلى ضرورة أن "ينظر المؤتمر القادم في أداء القيادة والأسباب التي أدت بالحركة إلى التفريط في ثلثي ناخبيها وتدني شعبيتها". وخلّفت النتائج التي أفرزتها انتخابات المكتب التنفيذي الجديد لحركة النهضة جدلا واسعا حول أسماء الذين صعدوا والذين خسروا مقاعدهم، على الرغم من عرض رئيس الحركة قائمة توافقية على التصويت، تجمع داعميه ومعارضيه. وبالرغم من أن شق الغنوشي يروج لهذه المبادرة على أنها حل نهائي للأزمة التي عصفت بالحزب، الذي لطالما تباهى بتماسكه مقارنة بالأحزاب التي تشكلت بعد ثورة يناير 2011، إلا أن القيادات الغاضبة داخل الحركة ترى في هذه المبادرة مناورة جديدة لا غير. وأفاد الجامعي والباحث في العلوم السياسية، محمد الصحبي الخلفاوي "أنه بالعودة إلى نتائج الانتخابات لا نستطيع أن نخرج بحقائق واضحة، لأن الموالين للغنوشي فيهم من خسر وهناك آخرون صعدوا، وهذا ما لا يفسر المعركة القائمة داخل الحزب بالثنائية البسيطة (الموالين للغنوشي والمعارضين له)، بل هناك تناقضات جهوية وسياسية وأيديولوجية". وتابع في تصريح لـ"العرب"، أن "الأزمات التي مرت بها النهضة تجعلها تبحث عن آليات لفض الصراع الداخلي". ورأى أن الحركة "أصبحت مثل بقية الأحزاب غير قادرة على إخفاء الخلافات"، متسائلا "هل وصلت الخلافات إلى درجة اللاعودة أم أن هناك إمكانية لخلق آليات توافقية لتلافي النتائج التي وصلت إليها بعض الأحزاب؟". وأكد الخلفاوي أن "النهضة لن تخرج معافاة من وضعها الحالي". وبرر ذلك بأن "صفوف الغنوشي غير موحدة، كما أن أكثر من جبهة تعارضه". وضمت التركيبة الجديدة أسماء كانت من ضمن لائحة المئة التي دعت الغنوشي إلى عدم الترشح للمؤتمر القادم وعدم تعديل قانون النظام الداخلي للحركة، على غرار عبداللطيف المكي ونورالدين العرباوي ومحمود جاب الله، مقابل عدم حصول بعض الأسماء البارزة على تزكية مجلس الشورى كرفيق عبدالسلام وأنور معروف وبدرالدين عبدالكافي. ويرى مراقبون أن ما يدور في حركة النهضة مجرد "مسكّنات" سياسية يعتمدها الغنوشي من حين لآخر لامتصاص الضغط الذي يتعرض إليه، وإسكات أفواه المعارضين لتوجّهاته. واعتبر المحلل السياسي عبدالعزيز القطي في تصريح لـ"العرب"، أن "كل ما يحدث داخل النهضة هو عبارة عن مسرحية للإيهام بأن الحزب ديمقراطي ويحترم قواعده". وأضاف "كل ما يتم تسويقه هو صورة مغايرة للواقع، فالحزب هو للغنوشي وعائلته، باعتباره يملك السلطات العليا للحزب، وهو الآن بصدد القيام بعملية الفرز وكسر صف المعارضين والمجموعة التي تريد أن تصلح ما أفسده". وأفرزت الانتخابات ردود فعل مختلفة من قيادات داخل النهضة على غرار النائب سمير ديلو، الذي اعتبر في تصريح إذاعي، أنه "على حركة النهضة اليوم القيام بمراجعات عميقة داخلها" مشددا على أن "خيار الغنوشي غير موفق وجعل النهضة في وضع غير جيّد". ويعطي القانون الداخلي لحركة النهضة لرئيسها الحق في اختيار أعضاء المكتب التنفيذي، وهم ثمانية وعشرون عضوا وأربعة مستشارين وأربعة مكلّفين بمهام ومقرر واحد، ولكن يشترط عرضهم على مجلس الشورى حيث تتم تزكية أعضاء المكتب التنفيذي فرادى وحسب المهام المقترحة عليهم وبأغلبية لا تقل عن ثلث أعضاء مجلس الشورى الحاضرين.

مشاركة :