ترجل الفارس الأسطورة عن صهوة جواده وإرتقت روحه الطاهرة عنان السماء ملتحقةً بكوكبة من سبقوه من الشهداء الأبرار.. من رفاق دربه المناضلين والمجاهدين والصالحين الأبطال.بفاجعة كبيرة؛ وقلب مكلوم؛ تلقيت خبر رحيل الدكتور حمدي الطباخ وكيل وزارة الصحة بالقليوبية ابن قرية بسنتواي مركز أبوحمص محافظة البحيرة(مسقط رأسي) بعد صراع ليس بالطويل مع المرض جراء إصابته بفيروس كورونا اللعين ليرتفع شهيدا في سجل الخالدين.في ليلة شهباء؛ خيم فيها الحزن ليس على ربوع قريتنا فحسب؛ وإنما على ربوع مصر بأسرها؛حيث فقد الوطن أحد قاماته الكبيرة؛ وقياداته الطبية الرشيدة .لم يكن الدكتور حمدي الطباخ قياديا روتينيا حبيس أروقة مكتبه؛ بل كان ميدانيا مقاتلا؛ شهد بكفاءته المهنية والإدارية القاصي والداني.استطاع أن ينهض بمنظومة المستشفيات الصحية داخل محافظة القليوبية كما أشارت إلى ذلك الصفحة الرسمية لمحافظة القليوبية في نعيها له.كان الراحل الكريم خدوما لمن حوله؛ لم يرد قاصدا له في يوم من الأيام؛ولم يغلق عليه باب مكتبه؛فعاش رحمه الله جابرا للخواطر؛قاضيا لحوائج الناس,وطنيا من الرعيل الأول,محبا للخير وداعيا إليه.تاريخ مشرف؛من العطاء؛ومن العمل السياسي والتنفيذي شهدت به أطوار حياة الراحل الكريم طيب الله ثراه .ما بين صراع شرس؛وخوف جاثم على الصدور،موت يتربص،وفزع يتسلل إلى نفوسنا؛رغم ادعاءنا الثبات والصلابة خشية الفقد والحرمان من أقرب وأحب الناس إلينا.ترتجف قلوبنا رهبة ونطرد هواجس مخيفة،نتحامل على أنفسنا ونقاوم بالأمل بأقصى مانستطيع.. لانملك سوى الدعاء أن يسلم أحباؤنا من شره ويزيح عن كوكبنا المنكوب خطر هذا الفيروس اللعين.في انتظارنا العاجز نتلقف يوميا تقافز أعداد المصابين،وتزايد أعداد الراحلين.. ونصائح متضاربة عن إجراءات وقائية ما إن نسلم بإحداها حتى يخرج علينا من ينصحنا بعكسها.منذ البداية والفيروس يسبقنا بخطوات، نتأخر في القرار فنفتح له الثغرة ليتسلل ويتوغل وينتشر.وعلى كل؛؛فللموت جلال أيها الراحلون. .كما له مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد، نحن وحدنا من تمتد بنا الحياة نبكيكم، ونذرف الدمع في وداعكم، ونشيعكم لمثواكم الأخير، ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراكم بعد اليوم!لماذا يثير الموت هذه الرهبة الكبرى؟ ولماذا نبكي الراحلين وقد امتدت بهم مراحل أخرى لمحطات أخرى انتظارا لحياة أخرى، ونحن سائرون إليها شئنا أم أبينا؟إننا في الحقيقة لا نبكيهم لأنهم رحلوا، بل نبكي أنفسنا لأنهم تركونا وحدنا. إن كل آلامنا ودموعنا وقلقنا لأننا لن نراهم بعد اليوم في دنيانا، وقد كانوا بعض سلوتنا أو جزءا من حياتنا أو بقية من رفاقنا… إننا نبكي من أجلنا نحن، لا من أجلهم، لأنهم رحلوا، فلن يشعروا ببكائنا، ولن يستعيدوا شيئا مما مضى، ولن يكون بمقدورهم أن يصنعوا شيئا لأنفسهم أو لنا.نحن إذن من يجزع لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا، ولأن رحيلهم إعلان كبير بأن قطار العمر ماض، والأيام حبلى والقدر محتوم… وللموت جلال أيها الباقون.وقد حدثتني نفسي وأنا الخبير بها، مالي أراك جزعا؟ ألم تكن أشد من اليوم تجلدا وصبرا..، مالي أراك اليوم ضعفا على ضعف حتى تكاد تتهاوى؟ وما برحت تلك النفس تؤنبني، وكأني خصمها إذا ترقرق الدمع، أو ارتج الأمر، أو تلعثمت الكلمات، أو انصرفت عن عالمي وكأني في ساعة المآل ولحظة النهايات التي لا ريب فيها.رحمك الله يا دكتور حمدي ورحم فضيلة الشيخ جابر أحمد الشيخ الذي لقى حتفه قبلك شهيدا بهذا الفيروس اللعين؛ورحم أبي وسائر موتى المسلمين ...فهناك يوم فيه نجمع والأمور بنا تدورمع الحبيب وآل بيته هم خير الخلق مدى الدهور .يقول ربي لأحبابه هيا طوفوا بالجنان وبالقصور .وإني لأختم مقالي بما خطته يدك على صفحتك قبيل وفاتك:(ليس غير الله يبقى....).وكأنك كنت تشعر أنها النهاية ..قاتلت ميدانيا إلى جانب جنودك الأوفياء ولم تتراجع ..صمدت في أرض المعركة تنقذ آلاف المرضى كنت نعم المتجرد للحق والفضيلة ..سطرت بأحرف من نور أسمى معاني الإنسانية طبيبا للقلوب والأرواح المتعبة قبل الأجساد كنت ..تفوقت على أقرانك حيث كنت عصاميا ..كنت وستظل أحد كتائب القوى الناعمة من مثقفي الوطن حاملي راياته نحو العلا غادرت بجسدك وبقيت روحك خالده ستظل ذكراك أبد الدهر باقية .
مشاركة :