إن أفضل من يصور طبيعة وحقيقة الصراع في صعدة بين الحوثي وقبائـل صعدة، هـم مشايخ هذه القبائـل لذا، فقد قصدت «عكاظ» في جولتـها لقاء المشايخ، إضافة إلى أهالي صعدة البسطاء الذين يتحدثـون دون خلفـيات سياسية وأجندات إقليـمـية بكل وضوح. وكل من التـقـتـهـم «عكاظ» أكدوا أن ما يدور في دماج وكـتاف ومناطق أخرى بمحافظة صعدة لا يـبعد كـثيرا عن مخططات وأطماع خفـية تـتوارى خلف شعارات وأهازيـج وطنية تـتكرس بتحويـل صعدة إلى دولة على بقعة جغرافية في أقصى الشمال أسوة بجنوب لبنان.. مؤكدين أن صلة كبيرة تربط الحوثيـين بإيـران لكن سيطرة الحوثي في عام 2011م على محافظة صعدة كانت البداية الأولى للتوجه نحـو تحقيـق ذلك المخطـط. ففي عام 2012م بدأت الجماعة الحوثـية مخططاتـها المبـيـتـة عـبر التصفـية والاغـتـيالات وتدمـير المنازل والمـزارع والمنشآت لمن يختـلـف معهـم ويـرفض تأيـيدهم في أعمالهـم الهـمـجية. وفي هذا الصـدد قال الشيخ القبلي سالم الجـرادي : إن مطامع الحوثي في صعدة تعـبر عن أحلامه بالتـفـرد بمحافظة صعدة والمناطق التي يتواجد فيها الحوثـيـون وإقصاء كافة المخالفين له في الرأي.. موضحا أن الحوثي ينفذ مخططا مرحليا يهدف للسيطرة على اليمن بعد أن كان قد حدد معالمه في عام 2005م. وقال الشيخ الجـرادي : إن «الحوثي ومنذ عام 2005م بدأ بحشد أتباعه عبر وسيلة الاستعطاف تارة وتارة أخرى تحت تهـديد السلاح حـيث كان يـروج في استـعطافه إلى أنه يدافع عن المذهب الزيـدي الذي يقول إن مؤسس الجماعة حسين الحوثي هو من أسسه بهدف مواجهـة الجماعات الإرهابية الأخرى التي تريـد القضاء عليه كمذهب زيـدي معتدل». مشروع السيطـرة واستطرد الشيخ القبلي : «لقد بـدأ الحوثي في تصفية المناطق من الخطباء والوجاهات القبلية التي ترفض سلوكياتـه وذلك أثناء فـترات الاتفاقات التي كانت توقـع بينهـم وبين الحكومة اليمنـية عبر مهاجمتـهـم بواسطة قبائـل ومليشيات تابعة له وتفجـير منازلهـم وتحريـض أبناء القبائـل عليهـم بمختلف أنواع الوسائل والمغريـات حتى أن بعضهـم هاجـر بشكل شبه نهائي في مارس 2011م وما بقي سوى منطقة دماج ذات التوجه السني السلفي الخالصة لـم يـتـمكن الحوثي من دخولها ولا حتى زرع مخابـراتـه فيـها وتنـفيذ خطة اغتيالات في أوساطهـم» . وأشار الشيخ الجـرادي إلى « أن الجماعة الحوثـية لا تـتوانى في مضايقة أبناء دماج وطلاب مركز دار الحديث السلفي في الطرقات والاستيـلاء على المساجد التي يئمون الناس فيها خارج دماج، ويعـتدون على الخطباء ويختطـفـون بعضهـم في رغـبة جامحة لتصفية محافظة صعدة بشكل كامل وتحويـلـها إلى دولة خالصة تـتبـع إيـران وتنـفذ مخططاتها الهدامة في المنطقة، وما يحصـل في دماج الآن من مجازر جماعية تـرتـكب بحق السكان إلا دليل على ذلك وهو بحـد ذاتـه يـعد طريـقا للإقطاعية، ومن ثـم الدولة في أقصى الشمال أو الضاحية أنصار اللـه وهي لا تختـلـف كـثيرا عن الضاحية الجنوبية في بيروت بلبنان ». وكشف الشيخ القبلي الجـرادي عن اعتماد الحوثيـين تكتـيكات حـزب اللـه في التنـظـيـم والتدريـب والتسليح إضافة إلى التواصل المستـمـر مع حـزب اللـه وإيـران اللذين يقدمان له العون عـبر خـبراء ناهيك عن قيام الحوثي بإرسال مجامـيع من أتباعه إلى لبنان ومنـها إلى حـزب اللـه خلال عام 2012م ابتداء من علي البخيتي وطلاب آخريـن قام بعرضهـم في احتفائـية تأبـين شقـيقه الصريـع حسين بدر الدين الحوثي. وأوضح أن السفـير الإيـراني قدم إلى محافظة صعدة في ثمانينات القـرن الماضي دون حراسة أمنية وكانت حراسته الوحيدة هي المليشيات الحوثـية وأقيمت له في حـينه احتفالية. وقال في حينه بحسب ما تحدث لنا به عدد من الذين التـقـتـهـم «عكاظ» : ( إن الخميني يقـرأ السلام عليكم ) ... وكانت هي البدايـة الأولى لتأسيس التنظـيـم بشكل سري. نار تحت الرماد من جهـته، أوضح الإعلامي صالح أحمد الحكمي أن وجود الحوثي في صعدة ليس محض صدفة بل هو امتـداد لمشروع إمامي دموي حكم اليـمـن لأكـثر من ألف عام ومارس كل أصناف التنكيل في تلك الحقبة باليمنيـين (غـير الهاشميـين) واندلعت فيها عشرات الحروب الدموية التي كان حطبها أبناء اليمن من أجل تـثبـيت ملكهـم وحكمهـم، إلا أنه في خمسينيات القـرن الماضي عـزلوا عن الحكم وتوقـف مشروع (الإمامة) وفـر بقايـا الأئمة إلى جبال مـران التي كانت بمـثابة «استراحة محارب» لا أكـثر.. «وعلى رأسهـم بدر الدين الحوثي والد زعيـم جماعة الحوثي الذي توفي قبل ثـلاثـة أعـوام» . وأضاف : «ظلـت تلك الجماعة «جمـرا تحـت رماد» ولعوامل عدة ليست سياسية فقط بل إنـها تحمـل أهدافا ومخططات طائفية وكانوا في حيـنه يتـلقون الدعم والمساندة السريـة من إيـران حيث كان يصلهـم ذلك عبر سفـرائـها المتلاحقـين في صنعاء، فيـما تقـوم الجماعة بإرسال أبنائـها للدراسة في طهـران، ليعودوا مجددا مؤطريـن أنفسهم في ديباجة جديدة ظهـرت أولا باسم الشباب المؤمن.. ونظـرا لنجاح السلطات في اخـتراقـهم وتدمـيرهم في حينه جراء انتكاستها في الحرب الأولى مع الدولة وكان في حيـنها شعارها الوحيد يحمـل هدفا حقيقـيا لكنه على الواقـع يهـدف لإنـتاج مخطـط فارسي في المنطقة والدليل على ذلك ممارساتـهـم وأفعالـهـم على أرض الميدان مستخدمين نفس العصا التي كان يستخدمـها أئـمـة اليمـن السابقون في قصـم ظـهـر من يخالفهـم أو يقف في طريـق مشروعهـم. وأشار الحكمي في سياق حديـثـه إلى أن الجماعات الحوثـية عملـت على تهـجـير كل مناوئـيـها من أبناء صـعدة وإخراجـهـم خارج حدود سيطرتـها أو الفـتـك بهـم وسفـك دمائـهـم وهـدم منازلـهـم إن تسنى لهـم ذلك، قبل أن يتـمكنوا من الفـرار بجلـودهـم من المحافظة كما حصل مع المئات منذ 2004 وحتى الساعة، مبينا أن كل تلك الممارسات لم تكن آنـية أو نتاج حادثـة معينة بل هي ضـمـن التمهـيد لمشروعهـم وهو ما تحقـق بعد حصولهـم على ترسانـة أسلحة، ووجـدوا دعـما سياسيا ولوجستيا خارجـيا بشكل كـبير والذي يـراه البعض بأنه واجـب ديني وهو تـنصـيب إمام لليـمـن يكون من الباطنيـين. ولم يتوقـف عملـهـم على الجانب الميداني بل إنهـم سعوا عبر مشاركتهـم في الحوار الوطني لضمان مقاعد سياسية لهـم وكان التمويـه بثوريـتـهـم وإنشادهـم للدولة المدنية هي السلـم السياسي ليبدؤوا بقلـب الطاولة ويعلـن عبد المـلك الحوثي في خطابه لما يسمى بـ «عـيد الغديـر» قـبـل أيـام قـلائـل أنهـم أصحاب الحـق الإلهي في الحكم مع أنـه كان بمثابـة تدشين للمواجـهات في دماج. جـوازات سفـر سريـة ويأتي ذلك في الوقت الذي تـتحدث مصادر محلـية بصعدة أن الحوثي يعد أصحابه المخلصـين بمكافآت تخـولهـم العبور إلى الجنة. ويقول أبو حسين «أحد الشخصيات المنشقة عن الحوثي» : إن جوازات السفـر إلى الجنة أصدرت من الخمـيني وتـم توزيـعها بسريـة تامة على عناصره المخلصـين أثـناء الاحتـفالية التي نظمـتـها جماعـة الحوثي بذكرى مولد النبي بصنعاء وصعدة وحصـل علـيـها الجماعات المقربـة من إيـران في ثمانينات القـرن الماضي وأثـناء الزيـارة السريـة التي قام بها السفـير الإيـراني بصنعاء ورفض مرافقة ضباط من الجيش والأمـن حيث كانت محصورة على بـدر الدين الحوثي وابنه حسين وبعض الشخصيات لكنها تـم توزيـعـها اليوم بشكل كبير وخاصة إبان أحداث سوريـا لبعض الأفـراد الذين يوجـهـون بالسفـر، مؤكدا أن المـزاعـم التي أوردتـها بعض وسائل الإعلام هي أن تلك الجوازات بحسب الادعاء الإيـراني تخولـهـم من دخول الجـنة. وتفـيد المعلومات المتطابقة التي حصلت عليـها «عكاظ» من خـلال جولتـها أن من كان يرفض الخـروج بأسرتـه وروحـه دون أمواله يـتـم تـفـخـيخ منـزله وتـفـجـيره فـوق ساكنـيه ليذهب صاحبه ضحية هو وأولاده. ومنهـم الشيخ عثـمان مجلي الذي نجح في الهـروب بـروحه وأولاده وأسـرتـه إلى صنعاء ودول خليـجـية أخـرى بعد حـرب طاحنة مع مليشيات الحوثي التي قامت بتدمـير استـثـماراتـه. ويقول (ع . م) تـتـحفـظ «عكاظ» على اسمه بناء على طلـبه وهو عضو في السلطة المحلية بمحافظة صعدة: إن جماعة الحوثي تبسط سيطـرتـها على محافظة صعدة بقوة السلاح وأن ضعف الدولة المركزية مكنها من ذلك. مضيفا : «قامت الجماعة المسلحة بتـعيـين تاجـر السلاح المعروف فارس مناع محافظا لصعدة بدون انتـخاب من أعضاء السلطة المحلية المنـتـخبة شرعيا من المواطنين وذلك عبر مذكرة ترشيح وفتـح توقـيعات لأعضاء السلطة المحلـية والتوقيـع باسم السلطة المحلية في محافظة صعدة قدمـها زعـيـم التنظـيـم عبد الملك الحوثي.. «عكاظ» حصلت على نسخة منها والتي بموجبها منح الحوثـيـون فارس مناع شرعية مكذوبة ليديـر محافظة صعدة ويـنكل بأهلـها فيـما بدأ شريكه الحوثي يعـلـن عدم اعتـرافه بالدولة أصلا.. على حـد قوله. تضـمـنـت الوثـيقـة (عقد اجتماع استثنائي للمجالس المحلية بمحافظة صعدة.. اليوم : الخميس. المكان: المركز الثقافي بصعدة. التاريخ : 24/3/2011م ) .. في اليوم والتاريخ المحددين أعلاه وقع الاجتماع الاستثنائي لأعضاء المجالس المحلية بمحافظة صعدة ومديـريـاتـها وفي هذا الاجتماع الذي عقد لتـنـصـيـب محافظ لمحافظة صعدة مؤقتا، أقـر المجتـمـعـون ما يلي: إنـه «نتـيـجة لثـورة التغيـير للنظام الفاسد الذي انتـهى بعهـد جديد من الديمقراطية تـم اختيار الأخ الشيخ فارس محمد حسن مناع لتولي منصب محافظ محافظة صعدة لحين إجـراء انتخابات للمحافظة » ، .. هذا ما أقـره المجتـمـعـون ويعمـل به من تاريخ هذا الاجتماع. وتضمـنـت الوثيقة ما يقارب 29 توقيعا لأشخاص تـقـول الوثـيقة إنهـم أعضاء السلطة المحلية، إلا أن عضو السلطة المحلية أكد أن أعضاء السلطة المحلية في محافظة صعدة اليمنـية يزيـد عـددهـم على (280) عضوا ، وهذا ما يؤكد أن محافظة صعدة تـدار الآن بطريـقة غـير قانونية وغير مشروعـة بحسب قانون السلطة المحلية. وأضاف المصـدر: إنـه« لم يصـدر قـرار جمهـوري للرئيس اليمني يقضي بتعيـين محافظ لصعدة، وإن هذا الذي يحدث بذاتـه يعـد تأكيدا على أن الجماعة الحوثـيـة تديـر المحافظة خارج نطاق قانون الجمهـورية اليمنـية وتـنفذ مخططا إيـرانيا هادفا لتمزيـق اليمن ».. الباحـث في شؤون الجماعات الدينـية الدكتور نجـيـب غـلاب اكتفى بالتعليق على الأحداث الأخـيرة التي تشـهـدها صعدة قائـلا: إن «من يمتـص آمالنا بالتغيـير يقبـع هناك في صعـدة » ... متابعا: « إنه أشبه بـبـيت العنكبوت الذي لا ينتـج إلا الـشـر، وليـست الحوثـية إلا مكياج شريـر لـشـر أعظـم ».. وأضاف: « لتـكن ثورتـنا القادمـة أن تحكم الدولة صعـدة وبعدها ستـجدون الدولة في كل الجغرافيا اليمنية» .. وتابـع قائـلا: « يحدثونـنا حوثـة النصـف عن أجانـب دماج ليذهبوا إلى الجحـيـم ... إني أحدثـكـم عن دولة صعـدة المافويـة التي ستـذهب بنا كلـنا إلى الجحـيـم لتنـمـو دولتـهـم التي تمتـص كل آمالنا بتغيـير يمكنـنا من خلـق حريـة تمنحـنا حـياة كريـمة جديدة ».
مشاركة :