بالتأكيد هو إنجاز أمني كبير يحسب للأمن السعودي الذي تمكن مؤخرا، وبعد مطاردة استمرت زهاء 19 عاما من إلقاء القبض على الإرهابي أحمد إبراهيم المغسل المتهم إلى جانب هاني الصايغ وآخرين في عملية تفجير مقر البعثة الأمريكية في الخبر عام 1996م، والذي تسبب في مقتل 19 أمريكيا، وإصابة 386 شخصا من جنسيات مختلفة، والذي كان قد فر إلى إيران، ووفرت له الملاذ الآمن طوال هذه السنوات، ونأت به عن أيدي المخابرات الأمريكية التي كانت قد رصدت مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تؤدي للوصول إليه، بعد أن أنكر النظام الإيراني نهائيا ضلوعه بذلك التفجير بأي شكل، ويأتي هذا الإنجاز الأمني بعد التحرك المريب للمغسل من حاضنته في إيران والتي أخفته عن الأعين طيلة تلك السنوات، ليصل إلى مطار بيروت بذريعة حضور حفل زواج ابنه، مما يثير الكثير من الشبهات حول الدور الإيراني ليس فقط في التستر على المجرمين والإرهابيين والمطلوبين للعدالة الدولية، وإنما في التخطيط الأرعن عن طريق ما سمي بحزب الله الحجاز والممول والمدعوم من طهران لغرض بناء جمهورية إسلامية على غرار النموذج الإيراني في المملكة، وهو ما كشف عنه بعض المتورطين في التفجير من خلال التحقيقات التي تمت في حينه. غير أن السؤال الذي لا بد من طرحه: لماذا سمحت إيران للإرهابي المغسل بعد حوالي عقدين من الحماية داخل التراب الإيراني بالتحرك والسفر إلى بلدان أخرى؟، هل لأنها اطمأنت على أن صفحة تلك الجريمة الإرهابية قد طويت إلى الأبد، وأنه أصبح بوسع المجرم أن يتحرك كما يشاء بحرية كما بدا لبعض المراقبين؟، إلا أننا نعتقد أنه تصور ساذج لا يمكن التأسيس عليه في تبرير هذا التحرك، والذي يمكن قراءته من زاوية محاولة إيران بعد توقيع اتفاق النووي مع الغرب التخفيف من أثقالها الإرهابية التي كبلت نفسها بها في دعمها السافر للإرهاب، ورغبتها في تبييض صفحتها مع الولايات المتحدة برمي أدواتها في العراء بعد أن امتصت منهم ما تريد ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم، خاصة وأنها تعلم علم اليقين أن المغسل مطلوب سعوديا كما هو مطلوب أمريكيا، وأنه سيكون عرضة للاعتقال في أي لحظة متى ما رفع عنه نظام طهران الغطاء، وأتاح له فرصة التحرك خارج التراب الإيراني، وهنالك الكثير من المؤشرات والخطوات التي تدعم هذا التفسير، ليس أقلها ما تردد حول رفع عبارة الموت لأمريكا من المساجد الايرانية، والبدء في فرش الأرضية للانتقال من شيطنة أمريكا إلى مطارحتها الغرام السياسي استعدادا للمصاهرة السياسية، لكن الشيء الذي لابد وأنه نغص على الإيرانيين في قضية المغسل حينما دفعوه للخروج إلى لبنان أنه وقع في أيدي الأمن السعودي، وليس كما كانوا يتوقعون ويأملون في أن يقع في يد الأمريكان كجزء من ثمن بنود صفقة الاتفاق على الملف النووي، فهل سيقبل الغرب بمن مارس الإرهاب، وحمى المجرمين وتستر عليهم، وأراق دماء الأبرياء، أن يضع السكين ويغسل يديه من آثار الدماء وحسب كصك براءة، وفق قاعدة عفا الله عما سلف ليضعوا أيديهم بيديه؟.
مشاركة :