النهج الحكيم لجلالة الملك أرسى ‏مبادئ السلام والإنسانية في السياسة الخارجية

  • 1/14/2021
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

بمبادرة كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد ‏المفدى حفظه الله ورعاه، تحتفي مملكة البحرين في الرابع عشر من يناير بيومها الدبلوماسي ‏تقديرًا لعطاء كوادرها الوطنية المخلصة في وزارة الخارجية، رجالاً ونساءً، واعتزازًا بموافقها ‏التاريخية المشرفة لأكثر من نصف قرن في ترسيخ قيم التسامح والتعايش بين الشعوب والثقافات ‏والأديان، وتسوية النزاعات ‏بالطرق الدبلوماسية، والالتزام بمبادئ الشرعية الدولية.‏ ويشكل الاحتفاء بيوم الدبلوماسية البحرينية مناسبة وطنية غالية تجدد من خلالها مملكة ‏البحرين فخرها بسجلها العريق في إقامة العلاقات الدولية على أساس احترام سيادة الدول وحُسن ‏الجوار وترسيخ الأمن والسلام الإقليمي والدولي، كنهج ثابت في سياستها الخارجية منذ إنشاء دائرة ‏الشؤون الخارجية عام 1969، واستكمال تأسيس وزارة الخارجية عام 1971، وعضويتها الفاعلة ‏في منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول ‏الخليج العربية، وغيرها من أطر ومجالات العمل السياسي المؤسسي.‏ وقد جاءت الكلمة السامية لجلالة الملك المفدى بهذه المناسبة الوطنية مؤكدة “المبادئ ‏والقيم الإنسانية النبيلة التي تؤمن بها المملكة وتتبناها، ممثلة في التسامح والتعايش والتآخي ‏والاحترام المتبادل، والتزامًا بالمواثيق والقوانين الدولية، وإسهامًا منها في تعزيز الأمن والسلم ‏والاستقرار العالمي لخير وصالح شعوب العالم أجمع”، مثمنًا جلالته نجاح المملكة “بسياستها ‏الخارجية المتزنة والمرنة، ودبلوماسيتها النشطة والفاعلة، وحضورها الدولي المؤثر من تبوؤ مكانة ‏دولية رفيعة في المجتمع الدولي، منطلقة من تاريخها الحضاري العريق، ونهجها العصري المواكب ‏للحداثة والتطور، وفكر أبنائها وعطائهم المتميز في مختلف مجالات الإبداع والابتكار”.‏ هذه القيم الرفيعة والمبادئ الإنسانية العظيمة تضمنها الميثاق الوطني وأكدها دستور ‏مملكة البحرين في ظل تمسك الشعب بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجًا، وانتمائه إلى الأمة العربية ‏‏المجيدة، وارتباطه بمجلس التعاون الخليجي ارتباطًا حاضرًا ومصيريًا، وسعيه إلى كل ما يحقق ‏العدل والخير ‏والسلام لكل بني الإنسان، بنص المادة (6)‏ من الدستور على أن “تصون الدولة ‏التراث العربي والإسلامي، وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية، وتعمل على تقوية الروابط بين البلاد ‏الإسلامية، ‏وتحقيق آمال الأمة العربية في الوحدة والتقدم”، والمادة (30): “السلام هدف الدولة، ‏وسلامة الوطن جزء من سلامة الوطن العربي الكبير، والدفاع عنه واجب مقدس على كل ‏مواطن”.‏ وبفضل النهج الدبلوماسي الحكيم لصاحب الجلالة الملك المفدى، وبدعم من الحكومة ‏الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، ‏استطاعت مملكة البحرين في إطار الشراكة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وقوتها الناعمة ‏للإعلام الوطني والثقافة والمجتمع المدني، أن تقدم للعالم أجمع أنموذجًا رائدًا في ترسيخ السلام، ‏وتوطيد أواصر الأخوة الخليجية والعمل العربي المشترك والتضامن الإسلامي وخدمة الإنسانية، حيث واصلت مملكة البحرين التزامها بنهجها الدبلوماسي المتزن وسياساتها المرنة والحاسمة ‏ما مكنها من معالجة أصعب التحديات والإسهام في حل العديد من الأزمات والمشاركة الفاعلة في ‏‏تسوية المنازعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية والدبلوماسية، وتفاعلها البناء مع قضايا أمتها ‏العربية والإسلامية، وحرصها على تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، والتزامها بتقوية ‏علاقاتها الدولية في إطار احترامها الدائم للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية.‏ ووضعت المملكة في مقدمة أولوياتها تعزيز مسيرة التعاون والترابط والتكامل بين دول مجلس ‏التعاون لدول الخليج العربية في جميع المجالات، وصولاً إلى وحدتها، كأحد أهم الأهداف السامية ‏التي نص عليها النظام الأساسي للمجلس لعام 1981، مؤكدة اعتزازها بتوليها رئاسة مجلس التعاون ‏في دورته الحالية بقيادة جلالة الملك، وحرصها على وحدة الصف الخليجي، ولم الشمل وتوحيد ‏الكلمة، وتدعيم نتائج “قمة السلطان قابوس والشيخ صباح” في دورتها الحادية والأربعين، و”بيان ‏العُلا” في 5 يناير 2021، بشأن تعزيز أواصر الود والتآخي بين الشعوب، بما يحقق الازدهار ‏والتنمية لدول المجلس ويحفظ أمنها واستقرارها، وتنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين بشأن ‏استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية ‏الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في ‏التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، ‏وتشجيع المشاريع المشتركة، وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025، وبلورة سياسية ‏خارجية موحدة، وتطوير المنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتعزيز التكامل العسكري ‏الخليجي في ظل قيادة عسكرية موحدة، انطلاقًا من اتفاقية الدفاع المشترك، ومبدأ الأمن ‏الجماعي لدول المجلس. ‏ واعتزازًا بحقيقة انتمائها العربي، وبكون شعبها الأبّي جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية، وأن ‏إقليمها جزء من الوطن العربي الكبير، أكدت مملكة البحرين حرصها الدائم على أمن واستقرار ‏الدول العربية، ووحدتها وسيادة أراضيها، بما في ذلك دعم الشرعية في اليمن، ورفض التدخلات ‏الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، ومطالبة إيران بوقف تدخلاتها العدوانية في الشؤون ‏العربية، وعدم دعم وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية أو تزويدها ‏بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار لاستهداف المدنيين لاسيما في المملكة العربية ‏السعودية، والتوقف عن تهديد خطوط الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي، والتعاون الكامل مع ‏الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والالتزام بمبادئ القانون الدولي وقواعد حُسن الجوار.‏ وفي إطار رؤيتها الثاقبة لإحلال السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، جاء ‏توقيع المملكة على إعلان تأييد السلام مع دولة إسرائيل في 15 سبتمبر 2020، ضمن حرصها على ‏تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، كخيار استراتيجي وفقًا للمبادرة العربية ومقررات الشرعية ‏الدولية، بما يحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على ‏حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتجنيب المنطقة العربية ويلات عقود ‏من الحروب والأزمات.‏ وعلى الساحة الدولية، واصلت مملكة البحرين سياستها الخارجية الحكيمة في انفتاحها ‏على العالم الخارجي، بما ينشد تحقيق المصلحة الوطنية، ودعم القضايا الخليجية والعربية ‏والإسلامية، وتعزيز عرى المحبة والصداقة والتفاهم بين الشعوب والأمم، وبناء شبكة قوية من ‏‏التحالفات والشراكات الدولية القائمة على أسس احترام سيادة الدول وحسن الجوار، من خلال ‏وجود 28 سفارة بحرينية موزعة على مختلف قارات العام، وبعثتين في نيويورك وجنيف، وأربع ‏قنصليات في جدة والنجف ومومباي وكراتشي، وسعيها إلى زيادة عدد السفارات والقنصليات في ‏مختلف دول العالم، وحضورها الفاعل في المنظمات الإقليمية والدولية، وتعزيز شراكتها ‏الاستراتيجية مع 16 وكالة أممية بموجب الاتفاقية الإطارية للسنوات (2018-2022)، وإبراز ‏إنجازاتها التنموية والحقوقية على الساحة العالمية في ظل انضمامها لأكثر من 30 اتفاقية ‏حقوقية دولية.‏ وإدراكًا لأهمية الحوار والتسامح والتضامن الإنساني والتعايش السلمي بين الأمم ‏والحضارات، اتخذت مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك المفدى مبادرات عالمية رائدة بتنظيم ‏مؤتمرات للحوار الإسلامي المسيحي عام 2002، والتقريب بين المذاهب الإسلامية عام 2003، وحوار ‏الحضارات والثقافات عام 2014، وقمة الأمن الإقليمي “حوار المنامة” منذ عام 2004، والمؤتمر ‏الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب عام 2014، فضلاً عن إنشاء ‏‏‏”مركز الملك حمد العالمي للتعايش ‏السلمي”، وتخصيص “كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي” في ‏‏جامعة لاسابينزا ‏الإيطالية، وإطلاق “إعلان مملكة البحرين” كوثيقة عالمية لتعزيز الحريات الدينية، وتعزيز دور ‏المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية في تقديم المساعدات التنموية والإغاثية للشعوب المنكوبة.‏ وفي يوم الدبلوماسية البحرينية، تؤكد مملكة البحرين اعتزازها بعطاء المرأة في المجال ‏الدبلوماسي منذ عام 1972، وتقلدها مناصب رفيعة بتعيينها سفيرة منذ عام 1999، ووكيلة لوزارة ‏الخارجية وشغلها 32% من المناصب الدبلوماسية، و15% من عدد السفراء، و29% من المناصب ‏القيادية بوزارة الخارجية، وتوليها الإدارة التنفيذية لأكاديمية محمد بن مبارك للدراسات ‏الدبلوماسية بدرجة وكيل وزارة مساعد، إلى جانب تمثيلها 64% من منتسبي الأكاديمية في سياق ‏منظومة داعمة لتعزيز مشاركة المرأة في العمل الدبلوماسي بالتنسيق مع المجلس الأعلى للمرأة، ‏وتعزيز مكانتها المرموقة بعد رئاستها لمنظمة المرأة العربية وتوليها رئاسة الجمعية العامة للأمم ‏المتحدة عام 2006 كأول عربية ومسلمة وثالث امرأة في العالم.‏ وبفضل الرؤية الملكية السامية في دعم السلام وخدمة الإنسانية، اكتسبت مملكة ‏البحرين احترام المجتمع الدولي بانتخابها عضوًا في مجلس ‏حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لثلاث ‏دورات، ونائبًا لرئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، وعضوية لجنة حقوق الطفل ‏بالأمم المتحدة، ‏ورئاسة لجنة حقوق الإنسان العربية “لجنة الميثاق” عام 2017، واستحقاق جلالة ‏الملك لجائزة منظمة التعايش بين الأديان والحضارات بواشنطن في سبتمبر 2014، وجائزتي ‏‏”الإنجاز مدى الحياة” من منظمة (‏C3‎‏)، و”صموئيل زويمر” من الكنيسة الإصلاحية في أمريكا عام ‏‏2016، واختيار المملكة مقرًا للمركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، والمركز الإقليمي ‏العربي للتراث العالمي بالشراكة مع اليونسكو، وسط احتفاء عالمي بجوائزها الدولية لخدمة ‏الإنسانية وتمكين المرأة والشباب وتشجيع استخدامات تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال ‏التعليم.‏ إن مملكة البحرين بفضل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك المفدى وحكومته ‏الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وإذ تحتفي بيوم الدبلوماسية الوطني، لتؤكد ‏تمسكها بقيمها السامية وتاريخها الحضاري العريق ومبادئها الرصينة في تحقيق المصلحة العليا ‏للوطن والمواطنين، وتعزيز الوحدة الخليجية، ومناصرة الحقوق العربية والإسلامية، وتدعيم ‏الشراكة الدولية على قواعد راسخة من الانفتاح والاعتدال واحترام المواثيق الدولية، وتدعيم ‏الحوار بين الحضارات والثقافات، ومكافحة التطرف والإرهاب، ودعم التنمية المستدامة في المنطقة ‏والعالم، ولتبقى المملكة كما أكد جلالة الملك المفدى “منارة حضارية تشع برسائل السلام والتقارب ‏والوئام لخير وصلاح البشرية جمعاء”.‏

مشاركة :