متابعة - زينب إسماعيل3 عقود من الاندماج مع الطين -المادة المكونة للبشر- مستنبطا تجاربه من أجداده الدلمونيين. تمكن خلالها من خلق تجربة مصقولة تمزج ما بين العديد من التقنيات الحديثة المبتكرة والأساليب التقليدية، لتتشكل قطعة فنية خزفية ليست بعيدة عن النفس الدلموني وليست قريبة منه. قريبة من المعاصرة وليست معاصرة بحتة.في حلقة حوارية نظمها طلبة تخصص الفنون والتصميم بجامعة البحرين مؤخرا، تحدث رئيس جمعية خزافي البحرين، الفنان الخزاف محسن التيتون عن تكرار تجربة مماثلة بنفس النمط المتفرد لمعرض «ماء وطين» الأولى التي خلقت من بعد 3 عقود من التجارب التراكمية. فكرته التي استنبطت من الطين، المادة الأولى للخزف، والتي تتشكل اعتمادا على الماء، ليطفو الأصل فوق الأساس.وأضاف التيتون: «جاء المعرض بعد تجارب في عدد من الأساليب الفنية والتقنيات والتكنيك كتقنية الياكو - الحرق الياباني - والبريق المعدني - الفن الإسلامي القديم، وصولا إلى تقنية حرق السيجار -الصينية والتركية الأصل- التي أعتمدها بشكل مكثف في أعمالي الأخيرة».وأردف بالقول: «الأعمال الخزفية في تقنية حرق السيجار تتمازج أجزاؤها في شكل غير تكراري عبر تقنية تستخدم الحرق والتدخين لتخلق تداخلات لونية أكثر اقترابا من لون الدخان الذي يندمج مع ألوان الأملاح المعدنية. وهي تقنية عالمية مستخدمة صبغتها بالروح الإسلامية».معرض آخر من المرجح أن ينطلق بعد تراجع جائحة كورونا للتيتون، يعنون بـ«خزفية لكل بيت»، ويبين التيتون أنه يتضمن خزفيات تتفق مع الأذواق العامة وتتنوع ما بين أعمال إسلامية وجداريات ونصب.جمعية خزافي البحرين التي اندمجت مؤخرا مع جمعية البحرين للفن المعاصر هي حنين آخر للتيتون. «كانت تحتضن 40 فنانا انخرطوا طوال سنوات ضمن ورش عمل تلاحمية مع الحرفيين الخزافين في اندماج واضح يستفيد منه الطرفان، كما خلق ساحة أوسع للفنان الخزاف للخروج إلى العالمية». وفقا لوصف التيتون.النصب التذكارييستحضر فنان نصب الفخار على دوار عالي - بوابة الدخول إلى مصانع الفخار في القرية- رمزيته التي تتلاقى فيها جرتان في أسلوب واضح لمحبة البحرينيين الضيافة والكرم تقع على إحداهما سعفة نخيل ترتبط بشكل مباشر بالزراعة الدلمونية وفي الجرة الأخرى تمتد على عرضها الزخرفة الإسلامية التي تدخل -حتى يومنا هذا- كل منازل البحرينيين.يقول التيتون إن النصب التذكاري بعد إزالته من موقعه الذي ظل فيه طوال 16 عاما سينتقل إلى مدخل مدينة زايد في الشارع المتجه إلى قرية عالي وفي موقع قريب من الأخيرة، مبينا أن الميزانية معدة لإعادة العمل الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 14 مترا ويتكون من قطعتين وكل قطعة من جزأين. وهو أول نصب تذكاري للفنان أنتج بعد 4 أشهر من العمل المتواصل.ليس هذا هو النصب الوحيد للتيتون، إذ خلفه نصب الحروف المتربع على دوار مدينة زايد. يحمل رمزية التعليم التي تشتهر بها البحرين عبر 4 مراحل تعليمية متدرجة بدءا من الابتدائية وترمز له حروف الألف والباء إلى المرحلة الإعدادية ورموزها حرفا الألف والعين وصولا إلى الثانوية ورموزها الحرفان ألف وثاء وانتهاءً بالجامعية- المرحلة المكملة لكل تلك المراحل. ورجح التيتون اختيار الزوايا في تثبيت النصب التذكاري بدلا من الميادين، لأن الأخيرة تحتاج الى التوسع على عكس الزوايا. كما يبحر التيتون في فكرة السؤال والجواب حول مضامين العمل الفني، إذ يؤكد أن «تكوين القراءة البصرية للأعمال الفنية تخلق حوارا ما بين الفنان والمتلقي وتفتح باب الأسئلة».تراجع الفن الخزفييعترض التيتون على أن الفن الخزفي في البحرين في تراجع، لكنه يصر على أن نشاطه اتجه إلى الأفول في كل دول العالم، ما عدا تركيا ومصر- وهما الدولتان اللتان مازال فنانوها أكثر اشتغالا بالمجال لتوظيف الخزف في أساليب الحياة اليومية لشعوبها.ويسلط التيتون الضوء على «حاجة فن الخزف إلى قدرات وإمكانيات فنية ومادية»، لكنه يعرج على أن سبب انخفاض شدة النشاط ليس ذا ارتباط بقلة انتشاره في المدارس الحكومية في ظل تقلص واضح لعدد المدارس التي تضمه في مناهجها، وذلك من بعد دخوله إلى المدارس الإعدادية بدءا من عام 1964، وكان يدرس في 5 مدارس وقتها. وهو الفن الذي أخذ في الانتشار أكاديميا طوال عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.
مشاركة :