عواصم - رويترز: من المستبعد أن تتعافى أسعار النفط سريعا بسبب المساعي السعودية لتعزيز أنشطة التكرير المحلية التي من المتوقع أن تجبر مصافي التكرير في مناطق أخرى على كبح عملياتها الأمر الذي سيخلق تخمة أكبر من إمدادات المعروض من النفط الخام الذي لا يجد من يشتريه. وتعكف مصفاتان كبيرتان جديدتان في السعودية على زيادة الإمدادات المتنامية بالفعل من الديزل ووقود الطائرات وهو ما قد يؤدي إلى تقليص استخدام شركات التكرير الأخرى للخام في رد فعل على تخمة المعروض من المنتجات النفطية. وترزح أسعار النفط البالغة حاليا نحو 50 دولارا للبرميل تحت وطأة ضغوط منها تخمة معروض الوقود الذي تنتجه شركات التكرير في ظل هوامش أرباح قوية بفضل انخفاض أسعار الخام نتيجة لطفرة النفط الصخري الأمريكي والإنتاج القياسي المرتفع الذي تضخه دول أوبك. والفارق الكبير الآن هو أن مصافي التكرير الجديدة في السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم تسهم في سيل منتجات الوقود المنهمر على الأسواق العالمية. ويرغب أكبر منتج للنفط في أوبك منذ فترة طويلة في معالجة المزيد من إنتاجه من الخام. وفي وقت سابق هذا العام بلغت مصفاة ياسرف السعودية طاقتها الإنتاجية القصوى البالغة 400 ألف برميل يوميا لتنضم إلى مصفاة أخرى بنفس السعة هي مصفاة الجبيل التي بلغت طاقتها القصوى أواخر العام الماضي. وقال جوناثان لايتش مدير الأبحاث لدى وود ماكنزي "كل العلامات تشير إلى تراجع هامش الربح وهو ما يعني تقليص عمليات التشغيل.. فائض معروض الخام سيعود من جديد" . وتمتلئ صهاريج التخزين في آسيا وأوروبا بالديزل ووقود الطائرات في ظل عجز الاستهلاك المتنامي عن مواكبة تزايد الإنتاج. وتفاقمت تخمة المعروض بفعل زيادة إنتاج الوقود في الولايات المتحدة وأوروبا حيث تجد مصافي التكرير صعوبة في تلبية طلب سائقي السيارات ولاسيما في الهند والولايات المتحدة إذ بلغ استهلاك البنزين معدلات فائقة لأسباب منها انخفاض أسعار النفط بمقدار النصف على مدى عام. لكن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين أضر بنمو الطلب على الديزل الذي يعتمد بالأساس على النشاط الصناعي لقطاعات مثل قطاع الإنشاءات. ولا يكفي نمو الطلب الأوروبي لاستيعاب الإمدادات القادمة من الولايات المتحدة وآسيا والشرق الأوسط. وقال تاجر مشتقات نفطية أوروبي "المخزون سيبلغ سعته القصوى" مضيفا أن الأمل الوحيد لإنقاذ ربحية الديزل سيتمثل في شتاء قارس البرودة أو أعمال صيانة مكثفة لمصافي التكرير. كان مخزون المنتجات شاملا وقود الطائرات والديزل في المستودعات المستقلة بمنطقة أمستردام-روتردام-أنتويرب بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق الأسبوع الماضي في حين اقتربت المخزونات في سنغافورة من أعلى مستوى لها في أربع سنوات. وقالت الشركة المشغلة لمستودع آسيوي واحد على الأقل إن هناك زيادة في الاستعلام عن استئجار الطاقة التخزينية. ولا ينبئ ذلك بكثير من الأمل لهوامش أرباح مصافي التكرير الأوروبية والأمريكية والآسيوية التي تنتج هذه الأنواع من الوقود فأرباح إنتاجها تراجعت بالفعل إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات في آسيا. ويثير ذلك الشكوك بخصوص طلب مصافي التكرير على النفط الخام. وقال تاجر مقيم في سنغافورة إنه من المستبعد أن تتحسن الهوامش قريبا ما لم تبدأ مصافي التكرير بخفض عميق للإنتاج. وقال "المعروض من الكثرة الآن بحيث أنه حتى تخفيضات الإنتاج الهامشية لن تجدي" . وزادت مخزونات نواتج التقطير في الولايات المتحدة أسرع من المتوقع الأسبوع الماضي. وفي حين شجعت طفرة الطلب على البنزين مصافي التكرير على استهلاك مزيد من النفط الخام فإن التجار والمحللين يقولون إن هذا الدافع سينحسر عندما يتراجع طلب السائقين على البنزين في الخريف والشتاء. وإذا لم تستطع شركات التكرير الأمريكية والأوروبية أن تعول على نواتج التقطير لمساعدتها في كسب المال فإن شهيتها للنفط الخام قد تتباطأ كما حدث بالفعل لنظيراتها الآسيوية. وقال لايتش "أعتقد أن معدلات الإنتاج قد بلغت على الأرجح ذروتها للعام الحالي" .
مشاركة :