قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشباب أحمد الهنداوي، أن المنتدى العالمي للشباب والأمن والسلام الذي اختتم أعماله أخيراً في الأردن، يعتبر ظاهرة جديدة في تعاطي المجتمع الدولي مع قضايا الشباب. وأضاف في مقابلة مع «الحياة»، أنه تاريخياً، تم النظر الى قضايا الأمن والسلام بصفة سياسية، ولم يكن ثمة إشراك حقيقي للشباب. وقد كان النظر فقط الى قضايا الشباب التعليمية والتشغيلية والصحية، من دون اعتبار للأمن والسلام. ولفت الى أن العام الماضي شهد أكبر عدد من اللاجئين والنازحين قسراً منذ الحرب العالمية الثانية، والشباب هم في مقدّم الضحايا، الى جانب وجود الملايين من الشباب الذين يعانون من أزمات الحروب والنزاعات والصراعات. وأضاف: «أمام هذه المعطيات، أدرك العالم والمجتمع الدولي ضرورة تغيير آلية العمل مع الشباب وإدراجهم في آليات صنع السلام وتحقيق الأمن والاستقرار، خصوصاً بعد نمو قضايا «داعش» والجماعات الإرهابية المتطرفة في شتى أنحاء العالم. وقد جاء تنظيم هذا المنتدى العالمي بدعوة من الأردن وتنظيم من الأمم المتحدة، بالتعاون مع الحكومة الأردنية ومنظمات المجتمع المدني». وأشار الى أن تنظيم هذا المنتدى في فترة قياسية، دليل على حجم الاهتمام والتعطش الدوليين لوضع أجندة وتدشين مرحلة جديدة من العمل مع الشباب، الذين كانت مشاركتهم خجولة جداً، على رغم أنهم الأكثر تأثراً بالمشكلات الحاصلة. وبيّن الهنداوي أن طريقة تصوير الإعلام للشباب فيها مغالطة، حيث يظهرهم كجزء من المشكلة أو كضحية لهذه المشكلة. وقدّم الهنداوي مثالاً على ذلك، حيث أشار الى أن الأخبار الآتية من سورية تصوّر الشباب إما مسلحين وإما ضحايا. وتساءل: «ماذا عن جل الشباب السوري الراغب في حياة مستقرة؟ هناك عدد كبير منهم يتطوع مع منظمة الهلال الأحمر ويضحي بحياته لتقديم المساعدات، معرباً عن أسفه لعدم تسليط الضوء على الشريحة الكبرى من الشباب. وأشار الى أن بعض الجماعات الإرهابية اختطف معنى الشباب، حيث أطلقت الحركة الإرهابية في الصومال على نفسها اسم «حركة الشباب». وأكد أنه لا يمكن توفير الأمن والاستقرار في مجتمعات ثلثي سكانها من الشباب من دون مشاركتهم، لافتاً الى أن الأمم المتحدة مدركة اليوم تماماً أنه لا يمكن محاربة الإرهاب وتوفير السلام من دون شراكة استراتيجية مع الشباب، ومن دون آليات جديدة تشركهم في قضايا الأمن والسلام. وقال الهنداوي أن السؤال الحقيقي هو ليس كيف نكافح «داعش» والإرهاب، بل كيف نجفّف المنبع الرئيسي للتطرّف، حيث أنه لا يمكن تحقيق الأمن والسلام من دون تحقيق التنمية، ولا يمكن تحقيق التنمية في غياب الأمن والسلام، فهما وجهان لعملة واحدة. وتطرّق الى عبارة الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه في قمة البيت الأبيض حول مكافحة التطرف، حيث قال: العمل العسكري والأمني قد يتمكّن من القضاء على الإرهابيين، ولكن للقضاء على الإرهاب عليك بالتعليم والتنمية، فتجفيف منبع الإرهاب يتحقق بالتعليم والتنمية، وهذا ما يمكن عمله للاستثمار في جيل الشباب. وأشار الهنداوي الى أن الأمم المتحدة تقدّر بأن ثمة واحداً من كل ثمانية أشخاص في سن الشباب، عالمياً، عاطل من العمل، وفي المنطقة العربية ثمة واحد من كل ثلاثة عاطل من العمل، لافتاً الى أن أعلى نسبة بطالة بين الشباب هي في المنطقة العربية، معتبراً أنها قضية أمن وسلام. وبيّن أن الأردن قد استثمر الجلسة المتاحة له خلال ترؤسه جلسة مجلس الأمن لقضية الشباب، وهذا دليل على الاهتمام بقضايا الشباب ليس فقط على المستوى المحلي، بل على المستوى العالمي أيضاً. وقال أن المنتدى وفّر للشباب منصّة دولية ليطلقوا عبرها صوتهم الحقيقي الذي يدعو الى الأمن والسلام ومكافحة التطرّف والإرهاب. ودعا الى ضرورة إصغاء المجتمع الدولي وصناع القرار لإعلان عمان حول الشباب والسلام والأمن، الذي صدر في ختام أعمال المنتدى، وتمت صياغته من الشباب أنفسهم، والى تبنّي أجندة دولية تدمج الشباب في قضايا الأمن والسلام. وأكد أن الأمم المتحدة ستعمل ما في وسعها لتنفيذ إعلان عمان للشباب ومتابعته، معتبراً أنه صرخة من الشباب للمجتمع الدولي ليتحمّل مسؤوليّته، وللدول كافة للاستثمار في الشباب. وأشار الهنداوي الى ضرورة العمل على تجميع الشباب مع بعضهم البعض في منتديات مشابهة للمنتدى العالمي، بهدف تحقيق حركة دولية تضمن صناعة السلام ومكافحة الإرهاب والتطرف. وأعرب عن أمله في أن يخرج مجلس الأمن والمجتمع الدولي بتصوّر مناسب لكيفية إشراك الشباب في هذه الصناعة بعد الاطلاع على إعلان عمان، لافتاً الى أن المشاركين في المنتدى هم نخبة من صناع السلام وعلى دولهم الاستماع إليهم.
مشاركة :