الإرهاب المروري يسيطر على كل من يضع يده على مقود سيارته، فهو إن سلم من حادث لن يسلم من الهلع الذي يسيطر عليه خوفاً من وقوع حادث في أي لحظة مع التزامه بنظام المرور. مؤسف أن تكون الإحصاءات المعلنة أن بلادنا الأولى في وفيات حوادث المرور، ولذا فإن تكرار الكلام والكتابة عن هذا البلاء لن تنتهي ما لم تعالج إدارة المرور ذلك بحزم في تطبيق نظام المرور، فهو العلاج الناجع لهذا المرض، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، والدليل واضح فهؤلاء الذين يملكون كل الجرأة للمخالفات يلتزمون بالنظام إذا قادوا في دول أخرى، أقربها دول مجلس التعاون. لابد من الاعتراف أن تطبيق نظام ساهر يمثل مرحلة فاصلة في المرور ليس لأنه حدّ من الحوادث فالإحصاءات الصادرة عن عام 2013م تؤكد أن معدل الوفيات اليومي 21 حالة، ولكن لأن المرور الميداني تقلص إن لم يكن مفقوداً بعد نظام ساهر، فلا تكاد ترى سيارة مرور إلا في مداخل الطرق السريعة وقت الذروة للحدّ من دخول السيارات على المسار العام. نظام ساهر جيد ومفيد، لكنه اقتصر على بعض الإشارات وأماكن يتخفّى فيها بما يشبه التصيّد وبعض أماكنه معلومة للقاطنين في المدن، ولا يكاد يقع فيه إلا من يرتاد الطريق لأول مرة. ليس المرور نظام ساهر وحده ، على ما عليه من ملحوظات، بل المرور السّري أهمّ منه، وملاحقة منتهكي النظام أهمّ منه، وليست «الرخصة والاستمارة» هي الأهم، بل من يراوغ بين السيارات أهمّ، ومن يعكس السير وما أكثره وبخاصة في الأحياء، ومن يدخل من طريق فرعي دون توقف، ومن يخرج من طريق سريع دون إشارة، ومن يقطع الإشارات التي ليس فيها كاميرات (حتى صار الأمر كأن الوقوف لا يكون إلا لإشارة فيها كاميرا)، والسرعة على الطرق الطويلة، ونزع اللوحات أو طمس رقم منها، والمكالمة بالجوال أثناء القيادة، وقيادة صغار السن، مخالفات بعضها فوق بعض، بل إن من يسجل عليه ساهر مخالفة أحياناً تبلغ الغرامة الآلاف دون ملاحقة، مما يشجعه على الاستمرار، أما الوقوف المخالف وبخاصة عند المطاعم، فهذا صار شائعاً. لابد من وضع حدّ للإرهاب المروري في شوارعنا وطرقنا (داخلية وخارجية)، ولابد من عودة المرور الميداني بشكل معلن وسري، وتلافي ملحوظات ساهر، وتفعيله أكثر، والملاحقة الدائمة للمفحِّطين والمراوغين والمتهورين، لابد من تطبيق حازم ودائم للنظام دون هوادة، وعودة الهيبة للمرور ورجال المرور، وإلا فإن هلاك البشر وفتح القبور لن يتوقف، ليخرج رجال المرور للميدان حتى يوقفوا الإرهاب المروري. Ibn_Jammal@hotmail.com
مشاركة :