في البداية لا بد من الإقرار بضرورة معرفة أن برنامج الابتعاث الخارجي هو أمر حيوي يجب الاستمرار فيه، حتى لو كان على مستوى أقل مما كان عليه في السنوات الماضية. نعم، من الممكن تقليصه أو رفع سقف المتطلبات فيما يخص الدرجات المطلوبة أو اختيار تخصصات ضرورية، ويوجد نقص في الكوادر الوطنية التي تشغرها في المملكة، مثل الطب وأي شيء له علاقة بالصحة. فبرنامج الابتعاث هو نافذة على العالم لزيادة التواصل العلمي والاستفادة مما لدى الآخرين، وهو أيضا نوع من العلاقات العامة التي يكون فيها الطالب أو الطالبة المبتعثة حلقة الوصل لتسليط الضوء على المملكة بصورة عامة، وعندما يتحدث الكثير عن موضوع الوظيفة والتوظيف للخريج المبتعث فمن الصعوبة عدم وجود شاغر للمبتعث السعودي أو المبتعثة السعودية في ظل تواجد ملايين من الأيدي العاملة في المملكة. ورغم أن الكثير يقولون لا بد من وجود الخبرة، فالسؤال هو كيف يأتي المواطن السعودي بالخبرة إذا لم يتم إعطاؤه الفرصة؟ وكذلك بإمكان كبرى الشركات والمؤسسات الحكومية عمل تدريبات على رأس العمل لرفع مستوى الموظف الجديد، وبالطبع لا نريد الحديث عن أن المواطن السعودي يريد العمل في مكتب مريح وعمل إداري سهل، فهذا شيء غير مقبول، خاصة أننا نرى المواطن السعودي يعمل في مواقع تحت الشمس الحارقة وسط الصحراء وفي ظروف كلها مخاطر، مثلما نرى من أبنائنا ممن يعملون في حقول النفط مع شركة ارامكو السعودية أو الشركات المرتبطة بعملياتها. ولكن ما دام الموظف محفوظة حقوقه ومرتبه مجز، فستراه سيعمل بجد دون كلل أو ملل، ولكن يبقى السؤال هو: ماذا يحدث الآن حول من تقدم لبرنامج الابتعاث الذي تقوم به بعض الجهات في وقتنا الحاضر فيما يسمى ابتعاثا ووظيفة؟ وحاليا من الممكن أن يتم النظر إلى برنامج الابتعاث من زاوية مختلفة من ناحية التكاليف.. ولنبدأ بسؤال عن كم تكلفة دراسة الطالب الجامعي في المملكة؟ فإن كان الفرق غير كبير فلماذا لا يكون لكل جامعة برنامج ابتعاث مواز للطلبة المتفوقين؟ بمعنى أن يكون لدى كل جامعة نسبة معينة يتم ابتعاثها ويكون الطالب المبتعث تابعا للجامعة لتقوم بضمه إلى طاقمها التعليمي أو تستفيد منه جهات حكومية أخرى أو شركات أهلية.. وبهذه الطريقة يكون هناك تغطية مستمرة لحاجة الجامعات والمؤسسات الأخرى بجميع تخصصاتها بكوادر نهلت من أرقى الجامعات في العالم. ونقطة مهمة، وهي أن برنامج الابتعاث ليس فقط هو دراسة تحصيل علمي فقط، بل هو أكبر من ذلك. وفي حالة وجود ضرورة لإيقاف الابتعاث فمن الممكن أن يكون هناك نوع من التعويض لكل من يرغب في الدراسة في الخارج، بحيث يدفع هو جزء من التكاليف والدولة تتحمل الجزء الآخر، مع ضرورة وضع شروط فيما يخص التخصص ونوع الجامعة ودرجة التحصيل العلمي. ولكن أهم نقطة هي أن لا يتوقف برنامج الابتعاث أو يكون محصورا على فئة دون غيرها، ولا بد للقطاع الخاص من المساهمة في استمرار برنامج الابتعاث.
مشاركة :